قدم الخبير في شؤون الخليج العربي،
سايمون هندرسون، قراءة للتغييرات التي أجرتها
السعودية مؤخرا عبر إصدار سلسلة من القوانين والأوامر الملكية، مؤكدا أن الرجل الأكثر نفوذا في السعودية، ولي ولي العهد
محمد بن سلمان، هو الذي يقف خلفها.
وقال هندرسون، الذي يدير "برنامج الخليج" في معهد واشنطن، إن المراقبين في جميع أنحاء العالم ركزوا على الإقالة المفاجئة -وإن كانت غير متوقعة- لوزير النفط علي النعيمي، البالغ من العمر ثمانين عاما، الذي أعطي وظيفة خالية من أي مضمون وهي "مستشار في الديوان الملكي". وقد حل محله مخضرم آخر في مجال النفط هو خالد الفالح، الذي أمضى العام الماضي وهو يحاول إعادة النظام إلى وزارة الصحة التي يغلب عليها الفوضى.
وأكد أن الأسواق المالية ستبحث الآن عن أي تغيير في سياسة النفط السعودية، التي تعرضت لضغط كبير خلال العامين الماضيين، مع انهيار الأسعار، وتشبث المملكة بحصتها في السوق، من أجل تقويض منتجي الصخر الزيتي في الولايات المتحدة.
واستدرك هندرسون بالقول إنه ومع ذلك، فعلى الرغم من تكبد هؤلاء المنتجين خسائر تجارية، إلا أنهم لم يوقفوا أعمالهم، كما تعافت الأسعار بعض الشيء من أدنى مستوى وصلت إليه، والذي تراوح ما بين 20-30 دولارا للبرميل الواحد.
ومن خلال تعيين فالح وزيرا للطاقة، فبإمكان محمد بن سلمان أن يضع الآن استهداف إيران نصب عينيه، والتقليل من قدرتها على الاستفادة من عائدات النفط الإضافية بعد رفع العقوبات.
وكان محمد بن سلمان قد قام بإذلال النعيمي في اجتماع منتجي النفط في قطر الشهر الماضي، من خلال عدم قبول الأمير لاتفاق في اللحظة الأخيرة بشأن تجميد الإنتاج؛ بسبب عدم إخلال إيران فيه.
الترفيه بعيد المنال
وأشار إلى أنه سوف تؤثر تغييرات أخرى على عدد من القطاعات المختلفة. فقد تم تغيير اسم وزارة البترول والثروة المعدنية إلى "وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية". وتم تعيين محافظ جديد للبنك المركزي. وتم تعديل اسم وزارة التجارة والصناعة، لتصبح الآن "وزارة التجارة والاستثمار"، التي عُيّن فيها وزير جديد، وهو الأمر بالنسبة لوزارات: النقل، والحج التي تم تعديل اسمها لتصبح "وزارة الحج والعمرة"، والشؤون الاجتماعية التي تم دمجها مع وزارة العمل لتصبح "وزارة العمل والشؤون الاجتماعية"، والصحة.
وتم كذلك إنشاء "هيئة عامة للترفيه"، تختص بكل ما يتعلق بنشاط الترفيه، وهو احتمال بعيد المنال؛ نظرا لافتقار المملكة لدور السينما والمسارح العامة والظروف المتشددة عموما.
وشدد هندرسون على أنه من الواضح أن التغييرات تهدف إلى توفير بنية للأمير محمد بن سلمان في رؤيته الجديدة «السعودية 2030»، وهي خطة اقتصادية كُشف عنها الشهر الماضي، وسط جو احتفالي كبير يُبشر بمستقبل للمملكة ما بعد فترة النفط.
وتشير التقارير إلى أن الشباب السعودي رحب بالخطة، على الرغم من أن المشككين يؤكدون على التحدي المتمثل في تغيير مجتمع محافظ جدا، والابتعاد عن الدور المهيمن للنفط، الذي تملك المملكة منه أكثر من ستين عاما من الاحتياطيات في معدلات الإنتاج الحالية.
وقال إن تأثير الأمير محمد في صنع القرار السعودي كبير جدا حاليا، الأمر الذي يطرح السؤال عما إذا كان الملك سلمان سيعيّنه رئيسا للوزراء، وهو المنصب الذي يحتفظ به العاهل السعودي حاليا. ومثل هذه الترقية ستؤدي لا محالة تقريبا إلى أن يصبح الأمير محمد بن سلمان الملك القادم.
وختم هندرسون حديثه بالتأكيد على أنه في المرحلة القادمة، ونظرا للأدوار الرائدة التي تقوم بها السعودية في العوالم الإسلامية والعربية، والطاقة، فستكون للسياسة التي يتبعها القصر عواقب دولية كبيرة، فضلا عن أنها ستقلص إلى حد بعيد من نفوذ الولايات المتحدة في الرياض.