على الضد تماما مما أعلنه السفير الإيراني في دولة الكويت علي رضا عنايتي عن حيادية النظام الإيراني في النزاع السوري! وأن إيران ليست معنية بمصير رئيس النظام السوري بشار الأسد، فإن المستشار السياسي للولي الإيراني الفقيه للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي الذي يحمل اليوم مسؤولية ملفات العراق وسوريا واليمن وحتى البحرين ضمن محموعة ومنظومة جهاز الأمن القومي الإيراني له موقف آخر ومختلف وصريح وحقيقي ولا يختفي وراء التقية أوخلف العبارات الديبلوماسية المطاطة يقول علنا وبملء الفم وعلى رؤوس الأشهاد: “أن مصير رئيس النظام السوري هو خط إيراني أحمر“! وبالتالي فإن المعركة القائمة في الشام هي معركة تقرير المصير للنظام الإيراني ذاته! وهي حرب تعتبرها إيران حربها الخاصة التي تعتمد على نتائجها جهود 36 عاما من الاستثمار السياسي والعقائدي في الساحة السورية!
النظام الإيراني وفقا لرؤية ولايتي التي هي رؤية الولي الفقيه لا يمكن أن يقف على الحياد في ملف يصيب في مقتل العصب الرئيسي للنظام! فنظام الملالي لايمكن له أن يقف متفرجا على تهاوي نظام حليف تشارك معه في إدارة أزماته، وحيث وقف النظام “البعثي ” السوري موقفا مساندا للنظام الإيراني إبان مرحلة الحرب الشرسة مع العراق الذي كان يحكمه هوالآخر نظام “بعثي” ولكن من الضفة الأخرى للبعث، والنظام الإيراني استطاع تحويل أرض الشام قلعة نفوذ ومركزا استثماريا واستخباريا وقاعدة من قواعد التعبئة والحشد الطائفي الإيراني في الشرق القديم، وسقوطه يعني تلاشي النفوذ الإيراني في المنطقة واضمحلاله بالكامل وقطع الارتباط المباشر مع المجاميع العميلة والعاملة في خدمة النظام الإيراني التي ستنتهي بالكامل مع نهاية نظام دمشق، فـ”حزب الله” اللبناني سيضمحل بالكامل وتنتهي سطوته على الشعب اللبناني ويعود مجرد حزب طائفي معزول يجتر ذكريات الأيام الخوالي.
كما أن الاستراتيجية الأمنية للنظام الإيراني تعتمد على كون إدارة معارك الدفاع عن النظام لا تكون في العمق الإيراني بل في العمق العربي من خلال الخطوط الدفاعية الحصينة في بغداد ودمشق، وخروج دمشق من سطوة النظام سيتبعه بالتأكيد خروج بغداد التي تعيش اليوم إرهاصات لمتغيرات مستقبلية كبرى ستطيح بالنفوذ الإيراني وتعجل بانحسار التيارات الطائفية الإرهابية، وكل شيء بصراحة معتمد ومتوقف على نتائج الحرب السورية والتي ستكون نتائج إقليمية حاسمة ستبدل كل الموازين والمعادلات.
إذن فإن طبيب الأطفال الذي تحول لدبلوماسي ثم ستراتيجي أمني علي أكبر ولايتي يحمل سيف المواجهة المباشرة ضد شعوب المنطقة، ويرسم الخطوط والحدود ويضع إطار السيناريوهات! وهو دور لن يستمر طويلا بكل تأكيد فحجم الهزائم المريرة للنظام الإيراني وادواته في المنطقة ستجعله يتجرع كؤوس السم الزعاف من جديد! ولا زلت أتذكر تلك السحنة الذليلة لولايتي في اجتماعات جنيف مع الوفد العراقي الذي كان برئاسة وزير الخارجية العراقي السابق والراحل طارق عزيز بعد نهاية الحرب العراقية-الإيرانية عام 1988 وكيف اضطر نظام الملالي للتخلي العلني والذليل عن شرط (إقامة جمهورية معممة في العراق كشرط لإنهاء الحرب)! ثم حصل ماحصل بعدها من تطور ملحوظ في العلاقات بين المتخاصمين وما توج من علاقات اقتصادية قوية بين أبناء المسؤولين في النظامين، حتى كشرت إيران عن أنيابها بعد الغزو الأميركي للعراق لتعيد للواجهة استثماراتها القديمة من العملاء العراقيين العاملين لخدمة مشروعها الإرهابي الانقلابي وهم الجماعات الطائفية الفاشلة المريضة التي تحكم العراق اليوم!
وليس ثمة شك أن ولايتي حين أكد على كون نظام بشار خط أحمر فهو يعني ما يعنيه وقد أكد على ذلك الموقف من خلال الزج بالجيش الإيراني إضافة لفرق الحرس الثوري وللعصابات الطائفية اللبنانية والعراقية والأفغانية والباكستانية في المعارك الدائرة تحديدا في حلب وريفها الجنوبي وحيث خسر التحالف الإيراني خسائر بشرية رهيبة في معارك خان طومان! وهزيمة الحلف الإيراني في الشام مسألة وقت فقط، ولولا التدخل الروسي الواسع النطاق وبقوة نارية رهيبة لدولة عظمى لانهار النظام السوري بالكامل ولتشتت قوات المساعدة الإيرانية ولانتهى النفوذ والتمدد الإيراني في الشرق.
لذلك فالمعركة الإيرانية في الشام والتي حدد خطوطها العامة وأبعادها الستراتيجية المستشار ولايتي هي فعلا “معركة المصير الواحد “!.. ولكن الذي تناساه ولايتي ومن هم خلفه أن انتصار الثورة السورية هو أمر محسوم وأن هزيمتهم المدوية ستتوج المتغير الاستراتيجي الكبير القادم في الشرق، وستجعل هزيمة نظام الملالي فضيحة بجلاجل وأجراس مدوية… إسع سعيك وكد كيدك ياولايتي فإنك وجندك بإذن الله مهزومون ومدحورون لا محالة.
(عن صحيفة السياسة الكويتية)