عاش الفلسطينيون في الأراضي المحتلة لحظات مؤثرة وهم يودعون الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل، قبيل ساعات من دخوله السجن الإسرائيلي.
ودخل الشيخ رائد صلاح، صباح الأحد، المعتقل، لتنفيذ حكم إسرائيلي بالسجن لمدة تسعة أشهر، صدر ضده في وقت لاحق، بزعم "التحريض على العنف"، خلال خطبة ألقاها في مدينة القدس الشرقية قبل تسع سنوات.
ووصل الشيخ صلاح، إلى سجن "بئر السبع"، (جنوبا) وسط تواجد العشرات من المناصرين.
وقال صلاح للصحفيين قبيل دخوله السجن:"إن الاعتقال لن يثنينا عن مواصلة الدفاع عن المسجد الأقصى"، مضيفا: "سأستغل السجن في التفكير في بناء تصور عن المرحلة المقبلة".
وأضاف: "ما قمنا به خلال المرحلة الماضية لأجل المسجد الأقصى سيستمر، وبذلك سيسقط الحلم الذي بنته دولة الاحتلال، أن الأقصى سيكون وحيدا".
ملاحقة سياسية
وأوضح محامي مؤسسة الميزان لحقوق الإنسان في الناصرة، عمر الخمايسي، في حديث لـ"
عربي21"، أنه من المفترض أن "يسلم الشيخ رائد نفسه للسلطات الإسرائيلية قبل الساعة العاشرة من صباح الغد الأحد، وذلك تنفيذا للحكم النهائي القاضي بسجنه الفعلي".
وبين أن شيخ الأقصى "سيمكث في سجنه بمدينة بئر السبع مدة تسعة أشهر، وهي المرة الرابعة التي يتم اعتقاله فيها لفترة طويلة"، وطالبت النيابة الإسرائيلية بالسجن الفعلي للشيخ مدة 18 شهرا وذلك بتهمة "التحريض على العنصرية والعنف"، وهو ما عرف بـ"خطبة وادي الجوز".
وأكد الخمايسي، أن سجن الشيخ رائد صلاح الفعلي "يندرج تحت الملاحقات السياسية للدور الذي يقوم به الشيخ رائد؛ وخصوصا في فضح جرائم الاحتلال فيما يتعلق بالمسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس المحتلة"، لافتا إلى أن "إخراج الحركة الإسلامية عن القانون برئاسة الشيخ رائد؛ والاعتقالات المتكررة والإبعاد؛ كل ذلك يأتي في الملاحقة السياسية".
حجر عثرة
وأشار المحامي إلى أن سلطات الاحتلال "منعت الشيخ رائد من دخول مدينة القدس منذ أكثر من عام؛ ومنع الشيخ رائد من دخول المسجد الأقصى منذ عام 2007، وكذلك منعه من السفر".
وأضاف: "جميع هذه الإجراءات تستهدف شخص الشيخ رائد صلاح، والثوابت التي يؤكد عليها دائما فيما يتعلق بالقدس والأقصى".
ونوه إلى أن المؤسسة الإسرائيلية "ترى أن الشيخ رائد هو الذي يقف خلف هذا الحراك الشعبي والجماهيري والمؤسساتي؛ المحلي والإقليمي والدولي؛ الرافض للانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، وحجر عثرة أمام المشروع الصهيوني الرامي لبناء الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى".
وذكر الخمايسي أن الشيخ رائد أمضى نحو خمس سنوات داخل السجون الإسرائيلية، موضحا أنه "اعتقل لفترات طويلة في الثمانينيات، وفي بداية عام 2000، وعام 2009، وهذا العام؛ واعتقل كثيرا لفترات قصيرة؛ أياما أو ساعات".
وقال الشيخ رائد صلاح في تصريح سابق له من أمام محكمة المركزية في مدينة القدس المحتلة: "حتى لو وضعت بالسجن، سنستمر في طريقنا في الدفاع عن المسجد الأقصى"، مشددا على أنه "لن يتراجع، ولن يستسلم" لتهديدات رئيس الحكومة الإسرائيلية.
شامخ القامة
من جانبه، أكد الشيخ حسام أبو ليل، رئيس حزب الوفاء والإصلاح في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، أن قرار سجن الشيخ رائد هو "قرار تعسفي وظالم، ويأتي في إطار الملاحقة السياسية"، مشددا على أن "القضاء الإسرائيلي جزء من المنظومة السياسية العنصرية الإسرائيلية".
وأوضح لـ"
عربي21"، أن "غياب الشيخ رائد يؤثر على العمل الفلسطيني؛ الاجتماعي والدعوي والإصلاحي؛ ونحن نحب أن يكون بيننا"، لافتا إلى أن "المجتمع الفلسطيني بحاجة للقائد الشيخ رائد صلاح؛ وبحاجة لكل خطوة يقدمها في مسيرة نضال شعبه".
وأضاف: "لكننا نقول؛ إذا كان ثمن التحرير والانتصار والعزة؛ داخل السجون؛ فنحن نقول إن السجن يكون أفضل بكثير من السجن الكبير الذي يحاصرنا فيه الاحتلال"، منوها إلى أن اعتقال الشيخ "انتصار لحقوق وثوابت شعبنا الفلسطيني ورافعة لمجتمعنا وقضيتنا؛ لأنه يدخل السجن وهو حر ويخرج كذلك شامخ القامة".
وقال رئيس حزب الوفاء والإصلاح مخاطبا الاحتلال الإسرائيلي: "نحن لحمة واحدة، إن سجنتم أو قتلتم وجرحتم؛ فنحن مستمرون في الحفاظ على ثوابتنا والنضال من أجل حقوقنا والبقاء على أرضنا".
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد أصدر في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قرارا يقضي بمنع سفر الشيخ رائد صلاح خارج الأرضي الفلسطينية المحتلة، حتى تاريخ 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016.