بسم الله الرحمن الرحيم
"واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة"
صدق الله العظيم
في الوقت الذي دعونا فيه إلى التقارب والتعاون بين النظام والحركة الإسلامية ونبذ النزاع والشقاق والتشكيك في المواقف والجنوح إلى الاتهامات، فوجئنا بإطباق أجهزة الحكومة على مقرات الإخوان وإغلاقها بالشمع الأحمر، وهم الذين كانوا قد تأسسوا مع استقلال المملكة قبل سبعين عاما، ولم يسجل عليهم يوما إلا المواقف المشرفة والمسؤولة في المحطات التي تعرض فيها النظام للاضطرابات الداخلية، فكانوا صمام أمن وأمان واستقرار للنظام وللدولة، وكانوا قوة ضاربة ضد كل العابثين بأمن النظام واستقراره، حتى لطالما اتهمهم خصومهم بالعمالة للنظام .
إننا لا نقف عند مسألة الترخيص من عدمه، ومع أن الحكومة تعلم أن قرارا لمجلس الوزراء في هذا الشأن قد صدر في منتصف خمسينات القرن الماضي استثنيت فيه الجماعة من الترخيص الممنوح للجمعيات، باعتبارها جماعة وليست جمعية.
إن النظام يعلم قبل غيره أن الجماعة مكون رئيسي وهام من مكونات المجتمع الأردني بشتى منابته وأصوله، وتشكيل سياسي واجتماعي يشكل دعامة رئيسية ومتينة لأمن النظام واستقراره، فلا يعقل أن بسمح النظام بخلخلة مكون رئيسي وهام من مكوناته من قبل أجهزة حكومته.
صحيح أن الجماعة قد أسست لأزمتها الداخلية وخلافاتها يوم أن قررت المقاطعة للانتخابات والمشاركة في الحياة السياسية، والذي حذرنا منه أشد التحذير؛ لخطورة تداعياته على مستقبل الجماعة، الأمر الذي أضاع مكانتها وهيبتها، وأذهب ريحها مع الخلافات والنزاعات التي دبت في صفوف قياداتها، حتى ظهرت حالات التبرعم والانقسامات وخروج الفصائل الفصيل تلو الفصيل، ولعل أشدها خطرا وإذكاء للفتنة وتعميق الانقسام العمودي في صفوف الجماعة هو تشجيع الحكومة للترخيص لفصيل من الجماعة باسم جمعية جماعة الإخوان المسلمين، الأمر الذي لن يخدم النظام، وبطبيعة الحال سيضرب الجماعة التي رخص لها قبل تلك التي انسلخ عنها .
إن ميزة بلدنا أنه في وسط هذا المحيط الملتهب من حولنا متماسك النسيج موحد الصف صلب القاعدة عصي على الاختراق، وكل هذا يستدعي الحفاظ عليه، ولملمة الانقسامات، ورص الصف، وتحصين القاعدة ضد أي اختراق لأمن المجتمع وأمانه واستقراره .
إن الحفاظ على الجماعة وحدة واحدة متماسكة تحت قيادة واحدة هو من صميم المصلحة الاستراتيجية للنظام، حيث أثبت ذلك تاريخيا حين كان يتعامل النظام مع قيادة واحدة للجماعة فتحل أعقد المشكلات في دقائق معدودة، ويمضي الركب آمنا مطمئنا، وهكذا عبر سبعين عاما.
إنني أناشد رأس الدولة والنظام جلالة الملك المعظم بإزالة هذه الغمامة، والمبادرة المحمودة التي لا يقوى عليها غير جلالته، بعد أن حصل ما حصل، بإعادة المياه إلى مجاريها، وتطييب النفوس، ورص الصف، خصوصا ونحن مقبلون على انتخابات نيابية لاشك أن مشاركة الجماعة فيها يعطيها مذاقا خاصا ومصداقية عالية، تجعل حركة المجتمع الأردني متسقة وموجهة توجيها إيجابيا لمصلحة النظام والمجتمع بأسره، ويخرج الجماعة من أزماتها الداخلية المتلاحقة، التي كانت على وشك حلها بإجراء انتخابات مبكرة لولا أن منعت أجهزة الحكومة من إجرائها.
إننا نوجه نداء ملؤه الصدق والإخلاص، لوجه الله أولا، ولمصلحة النظام والجماعة والمجتمع ثانيا، بأن يرتقي الجميع فوق الخلافات، ويتجاوز الجراحات، وينظر إلى ما هو أهم وأخطر وأولى بالرعاية، وهو أمن البلد وأمانه واستقراه، لكي يتجاوز الجميع هذه الأزمة التي لا يسر استمرارها صديقا لهذا النظام ولهذا الشعب، بل يبهج نفس كل متربص وحاسد وحاقد على هذا البلد وعلى أمنه واستقراره .
ألا هل بلغت ، اللهم فاشهد ..
" واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(عن السبيل الأردنية)