كتاب عربي 21

5 حكايات تدعو للبهجة

1300x600
* محمود محمد

شاب عمره 17 عاما، اعتقلته الشرطة لأنه كان يرتدي تيشيرت مكتوب عليه عبارة "وطن بلا تعذيب"، قضى محمود عامين كاملين في الحبس الاحتياطي يتم التجديد له المرة تلو الأخرى دون محاكمة في قضية لا يوجد بها دليل إدانة واحد.

طوال العامين، ظل محمود محمد في نظر الكثيرين طفلا يحاسبه النظام على جريمة الحلم بوطن بلا تعذيب، لكن محمود ظهر مؤخرا في إحدى جلسات تجديد حبسه شابا يافعا بعدما أصبح عمره الآن 19 عاما، وبدلا من أن تبدو عليه علامات الحزن، وبدلا من أن يسيطر الإحساس بالظلم على وجهه، ظهر مبتسما بشوشا مشيرا بعلامة النصر.

هكذا هي الثورة، كلما ظنوا أنهم قضوا عليها في المهد فوجؤوا بها تكبر وتتجاوز مرحلة تلو الأخرى بإصرار غريب على البقاء وثقة كاملة في النصر.

بالمناسبة، في 25 يناير 2011، كان محمد في المرحلة الإعدادية لا يعرف شيئا عن أسباب قيام الثورة ولا عن شعاراتها وأهدافها، لكنه أصبح الآن أحد سجنائها، لذلك لا تحسبوا الثورة تموت بقتل من قاموا بها أو حبسهم وإحباطهم، لأنه ستنتقل من جيل إلى جيل حتى تنتصر.

* محمد نبيل

عضو المكتب السياسي لحركة 6 أبريل الذي ألقت الشرطة القبض عليه قبل أيام بتهمة الدعوة لمظاهرة في الدقي، قبل أسابيع من القبض عليه كنا نتحدث عن المبادرة التي أطلقتها الحركة للحوار الوطني ونتناقش في جدواها وفرص نجاحها وفشلها.

في سياق الحديث، لمته على إلغاء موعد كنا قد اتفقنا عليه سابقا كصديقين حافظا على صداقتهما رغم أي اعتبارات سياسية أو خلافات في الرؤى، فاعتذر لي مبررا ذلك بانشغال قيادات الحركة في الفترة السابقة بتسليم قيادة الحركة وحساباتها لأشخاص آخرين بعدما وصلتهم معلومات باعتقال عدد من القيادات الحالية قبل 25 يناير.

توقفت كثيرا أمام هذه الجملة العابرة، تعجبت من هؤلاء الشباب الذين يعرفون أنهم عرضة للاعتقال في أي وقت، ورغم ذلك يمارسون حياتهم بالحماس نفسه ولا يفكرون في تقديم تنازلات تقيهم هذا المصير كما فعل آخرون.

محمد لم يختبئ أو يهرب، قبضت عليه الشرطة في منزله وأخذته من بين طفلين كانا في أشد الحاجة إليه، يدفع ثمن مواقفه الآن راضيا ويقبع في زنزانته مطمئنا لأنه لم يساوم أو يبع قضية، ويثق في أن هناك من سيكمل مشواره حتى يخرج.

* حمدين صباحي

عوّل عليه الكثيرون ليقود الحراك ضد اختطاف الثورة لكنه خذلهم، برر مجازر لا يمكن تبريرها، وصمت حين كان يجب أن يتكلم، وشارك في انتخابات هزلية ارتضى فيها دور الديكور الموجود في خلفية المسرح.

دافع حمدين عن خياراته بقوة وقت اتخاذها وبعدما ثبت خطؤها، والآن خرج في برنامج تليفزيوني ليردد كلاما كنا نحاول إقناعه به منذ سنوات، قال إن السلطة الحالية تسير في طريق مبارك، وإن شعبيتها تتناقص، وإن السياسات التي ثار عليها الشعب مازالت موجودة، وإننا مازلنا نعيش في الفساد والتبعية والاستبداد وإن قانون التظاهر غير دستوري.

بالطبع لا يمكن أن ينظر شباب الثورة إلى صباحي بنظرتهم نفسها إليه قبل خمس سنوات، لن يضعوا اسمه في أي ترتيبات للمستقبل كما فعلوا قبل أربع سنوات، ولن يفرحوا برجوعه كما كانوا سيفرحون به قبل سنوات، لكن شهادته وتصريحاته تبقى مهمة لتؤكد للقابضين على جمر الثورة أنهم كانوا على حق عندما لم يصدقوا أن ما بني على باطل ربما ينقلب على حق.

* حازم عبد العظيم

رئيس لجنة الشباب في حملة السيسي الانتخابية، وأحد الذين انقلبوا على الثورة من نقيض إلى نقيض فشكك فيها وأهان شبابها، دافع عن الحكم العسكري واعتبره الحل الوحيد لمواجهة المؤامرات الداخلية والخارجية ودخل في معارك مع كل من كان يرى أن النظام الحالي يريد برلمانا يمسح حذاءه ويبصم على قراراته ليس أكثر.

قبل شهور حاول عبد العظيم إخراج ثوب المعارض الذي اعتلاه التراب من الدولاب، وبدأ يتحدث عن أخطاء النظام وخطاياه وخطواته للقضاء على 25 يناير، وقبل أيام كتب مقالا طويلا يكشف فيه إعداد قائمة "في حب مصر" واختيار المشاركين فيها في مقر المخابرات التي أدارت ملف الانتخابات من الألف إلى الياء.

حديثه الذي لم يكشف فيه عن أي جديد أثبت ما كان مثبتا، وهو أن الانتخابات الأخيرة كانت أسوأ انتخابات أجريت في تاريخ مصر البرلماني منذ عهد الخديوي إسماعيل من حيث تدخل السلطة في مسارها ومآلها، لكن كلماته تكتسب أهمية من شخص قائلها الذي التصق بالنظام في مراحله الأولى وكان أحد المروجين له والمدافعين عنه.

* حلمي الهياتمي

لواء متقاعد تم تعيينه قبل أقل من أسبوعين محافظا للسويس، بداية تعارفه مع الإعلام كان تصريحات "بالفيديو" نقلتها عنه المواقع الإلكترونية يؤكد فيها أن "اليهود لو ضربوا على مصر حاجة، فإن الرياح سترد عليهم، بسبب الرياح الشمالية الغربية، وبفضل الموقع الجغرافي لمصر".

التصريحات بائسة لدرجة أن التعليق عليها سيكون عبثا في حد ذاته، لكنها كاشفة للطريقة التي يعين بها النظام الحالي رموزه ومسؤوليه، ومؤكدة لشعار "يسقط حكم العسكر" الذي رفعه الثوار لسنوات ومازالوا.