قام وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية الدكتور هايل عبد الحفيظ داود بزيارة مفاجئة لإيران، وتحديدا مدينة قم، رافقه فيها وفد من بين أعضائه رئيسا الوزراء الأردنيان السابقان الدكتور عبد السلام المجالي، والدكتور عدنان بدران.
وقال وزير الأوقاف الأردني لصحيفة «الرأي» الأردنية إن زيارته هذه تأتي في إطار حضوره مؤتمر «الوحدة الإسلامية»، بدعوة من المجمع الإسلامي في مدينة قم، مضيفا أنه بحث مع الجهات الإيرانية الدينية توثيق العلاقات بين البلدين بشكل عام، ومكونات الأمة الإسلامية، ونزع فتيل الاختلاف بين المذاهب، ونبذ الفكر التكفيري، والإرهاب، بينما نقلت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية عن وزير الأوقاف الأردني إشادته «بدور مدينة قم» التي وصفها بأنها «منارة علمية كبيرة للفكر الإسلامي، وقاعدة للدين الإسلامي، وأنها كانت على الدوام رائدة في الأنشطة الإسلامية». ونقلت الوكالة الإيرانية عن الوزير الأردني قوله إن «الخلافات في الآراء والأفكار أمر طبيعي بين المذاهب، ولكن إذا ترافقت هذه الخلافات مع الصداقة، وتحمّل وتفهّم الآخرين، واحترام مشاعرهم، وصون القيم المقدسة للجميع، فسيمكننا إطفاء كثير من هذه النيران، وألا نسمح للجهلة بتأجيج الخلافات ونيران الفتنة وإثارة التفرقة والتباعد بين المسلمين».
وبكل تأكيد، كلام الوزير هذا عن أن الخلافات في الآراء والأفكار بين المذاهب أمر طبيعي، والواجب هو نزع فتيل الفتنة المذهبية والطائفية، هو كلام إيجابي، وصحيح، لكن كيف؟ من يبدأ؟ ومن يتحمل المسؤولية؟ وهل هو أمر يتم عبر المؤتمرات الشكلية، والصور الدعائية، وكما نشرت أمس وكالة «فارس» صورة قالت إنها لزيارة تفقدية قام بها المرشد الإيراني علي خامنئي «لمنزل أسرة شهيد مسيحي إيراني تزامنا مع ذكرى ميلاد السيد المسيح عليه السلام»؟ فهل من يدعم مجرم دمشق بشار الأسد، كما يدعم الحوثيين، ويؤجج الفرقة في البحرين، ولبنان، ويعمل على تمزيق نسيج العراق، حريص على أسرة مسيحية؟ أو حتى حريص أو راغب فعلا في التعاون من أجل إطفاء «نيران الفتنة، وإثارة التفرقة والتباعد بين المسلمين»، كما يقول الوزير الأردني؟ كل الحقائق في منطقتنا، من لبنان إلى سوريا، ومن العراق إلى اليمن، مرورا بالبحرين، تقول العكس تماما عن إيران.
ولذا فلو جاءت هذه الزيارة الأردنية في إطار سياسي، أو اقتصادي، وخصوصا بعد الاتفاق النووي الإيراني الغربي، لربما كان من السهل وضعها في الإطار المستحق، لكن أن تأتي على مستوى وزير الأوقاف، ومع الإشادة بدور قم، في الوقت الذي تعاني فيه المنطقة من التدخل الإيراني المؤجج للصراع المذهبي، فإن هذا هو غير المفهوم.. صحيح أن كل جهد يبذل لنزع فتيل التطرف هو جهد مشكور، ومطلوب، لكن لا بد أن يكون مبنيا على أسس تضمن نجاحه، وتضمن ألا تستغل إيران هذا الجهد لتلميع صورتها بشكل دعائي، وتمعن في شق الصف العربي المعني بالتصدي للتدخلات الإيرانية المرفوضة، والخطرة على أمننا، وأمن منطقتنا.
عن صحيفة الشرق الأوسط اللندنية