كتب عبد الرحمن الراشد: مع أن البداية سيئة، بعد أن أُسقطت لهم طائرتان، الأولى مدنية فجّرت فوق مصر، والثانية قاذفة فوق تركيا، يبدو أن الروس عازمون على الانتقام، وكسب المعركة في سوريا.
الآن نراهم يطبقون خطة ذكية محورها عزل الأتراك، اللاعب الرئيسي ضد نظام بشار الأسد. ولو نجحوا بشكل كامل قد يكونون هم صاحب الكلمة الأخيرة في مستقبل سوريا.
فقد قصفت بعنف المقاتلات والصواريخ الروسية المنافذ الحدودية التركية السورية، والمناطق الداعمة لها داخل الحدود السورية، التي كان يعتبرها الأتراك تحت حمايتهم. ويقول الروس إنهم دمروا معابر المرور للمقاتلين، والتجارة بين البلدين، وأوقفوا شريان الحركة شبه الوحيد الذي يربط المنظمات المسلحة بالعالم. فالأردن سبق وأوقف كل الحركة من حدوده، بعد وصول
الإيرانيين إلى الجنوب السوري، وتحديدا في محافظة درعا. وفي لبنان قام الجيش مع ميليشيات حزب الله بإغلاق تام تقريبا للحدود مع سوريا، وكذلك فعل أكراد العراق منذ معركة كوباني. أما الحدود مع الأنبار العراقية المفتوحة فإنها لا تمنح المعارضة السورية البعد الخارجي.
الآن بعد شل قدرات تركيا كفاعل في سوريا، هل نحن أمام نهاية
الثورة السورية، ونهاية تنظيمات معارضة مسلحة معتدلة مثل الجيش الحر، وأخرى متطرفة مثل "داعش" و"جبهة النصرة"؟
رأيي، هذه انتكاسة مؤقتة، وأنا لا أتحدث عن الجانب العسكري العملياتي، بل بناء على الدوافع السياسية والاجتماعية المحركة للحرب. فالحاضن الشعبي للانتفاضة السورية هو سوريا البلد، والسوريون الشعب، وليست القوى الخارجية كما يزعم خصومها.
نظام الأسد ينتمي إلى حقبة الاتحاد السوفياتي والحرب الباردة، ومثيلاته سقطت في أنحاء العالم أو تغيرت.
ستستمر المعارضة وسيدوم الرفض، ولن يفلح الروس والإيرانيون وبقايا النظام في إعادة عقارب الساعة. ومن دون حل سياسي يعطي أملا للجميع، لن تتوقف الحرب حتى لو أقفلت كل بوابات الحدود.
إن أراد الروس النجاح فأمامهم فرصة ثمينة، نظرا لأن علاقتهم بمعظم الأطراف الرئيسية إيجابية. يستطيعون تركيب حل يقوم على جمع المعارضة غير الدينية المتطرفة، مع بعض القوى المجتمعية، وبعض رموز الأسد.
ومؤتمر الرياض يمهد لرسم جبهة قادرة على قيادة سوريا الجديدة، وهو من صالح الجميع، دون تطرف أو إقصاء للآخرين.
(عن صحيفة الشرق الأوسط ـ 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015)