صحافة دولية

صحيفة أمريكية: حماية المدنيين ضرورة إن لم تنته الحرب بسوريا

الشعب السوري مازال يدفع ثمنا باهظا بسبب عدم كفاية الرد الدولي طوال ما يقرب من خمسة أعوام - أرشيفية
نشرت صحيفة "لوس أنجيليس تايمز" تقريرا للمدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس واتش، كينيث روث، يتحدث فيه عن اللقاء المنعقد السبت بفيينا بخصوص الوضع بسوريا، ودعا إلى حماية المدنيين السوريين وإيجاد نهاية سرية للحرب في سوريا.
 
وأشار كينيث روث، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن المفاوضين الذين يتجمعون في فيينا، السبت، من أجل إنهاء سفك الدماء بسوريا تعترض طريقهم عقبات سياسية جسيمة.
 
وتساءل روث عمن سيمثل المجموعات المسلحة، ومن هي المجموعات التي ستقصى وتستثنى من اللقاء؟ ومن الذي يملك اتخاذ قرار بشأن مصير الرئيس بشار الأسد، ومتى؟ هل يمكن الحفاظ على وحدة الأراضي السورية أم يتوجب أن تؤول البلاد إلى الانقسام إلى إقطاعيات متعددة؟ وهل يمكن إقناع الإيرانيين والسعوديين بالتعاون فيما بينهما؟.
 
وأشار إلى أن مثل هذه الأسئلة، وسواها من القضايا التي يصعب الحسم بشأنها، "قد تستغرق المفاوضين وقتا طويلا، وفي هذه الأثناء يستمر سفك الدماء، وقد بلغ عدد الذين قضوا نحبهم حتى الآن ما يقرب من ربع مليون نسمة، بينما وصل عدد الذين شردوا 4 ملايين لاجئ (كثيرون منهم يمموا تجاه أوروبا)، ويقدر عدد الذين أرغموا على النزوح داخل البلاد بثمانية ملايين نسمة، ويعيش مئات الآلاف من المدنيين تحت الحصار، ويقبع الآلاف وراء القضبان رهن الاعتقال، وتنتشر المعاناة على مد البصر في كل مكان".
 
ووصف تعاطي المجتمع الدولي مع الأزمة السورية بـ"البائس"، وقال إن المنتظم الدولي اكتفى بالرد على هذه الحالة البائسة بالقول: "سوف نقيم السلام، ثم تصبح الأمور بعد ذلك على خير ما يرام".
 
وتابع المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس واتش قائلا : "إلا أن الشعب السوري مازال يدفع ثمنا باهظا بسبب عدم كفاية الرد الدولي طوال ما يقرب من خمسة أعوام".
 
واعتبر أن الحقيقة التي تبعث على الاكتئاب تكمن في أن "فرص التوصل إلى اتفاق سلام في المستقبل القريب أمر مستبعد جدا"، وأضاف "وحتى التدخل العسكري الروسي في سوريا – بحجة مقاتلة تنظيم الدولة، وإن كان هدفه في الواقع هو تعزيز الأسد – لا يبدو أنه قادر على تغيير قواعد اللعبة كما كان يتمنى الرئيس فلاديمير بوتين".
 
وأوضح روث أنه عوض المراهنة بكل شيء على هدف الوصول إلى السلام، والذي اعتبره بعيد المنال، لماذا لا ترتكز المحادثات على النقطة المركزية الأهم التي حددها في "المدنيين".
 
وشدد على أن "إنهاء الحرب ليس السبيل الوحيد لضمان حماية الرجال والنساء والأطفال الذين لا يرغبون في أن يكونوا طرفا في الصراع الدائر".
 
وقال "بإمكان المقاتلين أن يستمروا في إطلاق النار على بعضهم البعض، ولكن ينبغي تحييد غير المقاتلين حتى لا تصيبهم النيران، وهذا هو بالضبط ما تدور حوله إلى حد بعيد معاهدات جنيف ومبادئ القانون الدولي".
 
وشدد على أن ما يجعل هذه الحرب حربا مهلكة لا تبقي ولا تذر، بحسب تعبيره، "أن كثيرا من الأطراف المشاركة فيها – وفي مقدمتها قوات الأسد – تنهج إستراتيجية حربية تتركز على تجاهل معاهدات جنيف والاستخفاف بها".
 
وأوضح أن كثير من الجماعات المسلحة – وبالأخص تنظيم الدولة، وغيرها من الجماعات المتطرفة مثل جبهة النصرة وأحرار الشام – تتحمل المسؤولية عن بعض الفظائع التي ترتكب بحق المدنيين. وقال "إن أكبر مسبب لهلاك المدنيين السوريين – وما ينجم عن ذلك من فرار اللاجئين – هو قرار حكومة الأسد معاملة المدنيين والمؤسسات المدنية في المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة كما لو كانت أهدافا عسكرية".     
 
وكشف التقرير الذي نشرته الصحيفة الأمريكية عن أن قيام الجيش السوري بقصف وتفجير المستشفيات والمدارس والمخابز والأسواق – وأي مكان يعيش فيه المدنيون أو من حوله يتجمعون، الهدف منها هو إخلاء المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة من سكانها وتوجيه رسالة إلى الآخرين مفادها أن هذا ما سيحل بأحيائهم أيضا إذا ما سمحوا لقوات المعارضة بالسيطرة عليها.

وذكر التقرير إلى أن تكلفة "هذه الإستراتيجية الوحشية وغير القانونية لا تدفع فقط من أرواح السوريين الذين يقضون نحبهم ومن حياة العائلات السورية التي تشرد من ديارها، بل تتحول إلى عقبات كؤود في طريق إحلال السلام" على حد تعبيره.

وأشار إلى أن التطرف يولد "حينما يرى المقاتلون عائلاتهم تتعرض للعدوان، وبيوتهم يحل بها الدمار، وأحياؤهم تسوى بها الأرض".
 
وأكد على أنه "ما من شك في أن التوصل إلى أرضية مشتركة تقف عليها مع أعدائك ليس بالأمر السهل حينما تراهم يطلقون النار على جنودك فكيف بهم وهم يطلقون النار على ذويك ومحبيك"، وتابع "أن النظام الذي يسفك دماء أفراد عائلتك يولد نوعا خاصا من البغض تصبح معه فرصة التصالح والسلام بعيدة المنال".
 
وقال "لا ضرر في محاولة التفاوض في فيينا من أجل التوصل إلى سلام دائم، ولكن لا يوجد ما يبعث على الاعتقاد بأن هذه المحادثات ستكون أكثر نجاعة من كل ما سبقها، ولذلك يتوجب على المفاوضين التركيز على النقاط التي يمكن التوصل إلى اتفاق بشأنها والتي يمكن أن ينجم عنها تغيير مباشر وحقيقي لمصلحة من تبقى داخل سوريا من مدنيين".
 
وشدد على أنه في حالة إذا لم تتوفر لدى المجتمعين حول طاولة المباحثات في فيينا القدرة على وقف العنف بشكل نهائي، فإن لديهم ما يكفي من النفوذ لإنشاء آلية يمكن من خلالها توثيق ما يرتكب من جرائم الحرب ومعاقبة مرتكبيها.
 
وأوضح تقرير المنظمة إلى أن حكومة الأسد تعتمد للبقاء على قيد الحياة بشكل متزايد على كل من روسيا وإيران، أما فصائل المعارضة المختلفة فللولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا ودول الخليج نفوذ كبير عليها.
 
وختم المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس واتش تقريره بالقول "لربما لن تجد من بين المجتمعين في فيينا من يؤيد استهداف المدنيين، إلا أنك لن تجد من بين المفاوضين من يبذل جهودا حقيقية لوقف الممارسات الخاطئة التي يقوم بها حلفاؤهم داخل الساحة السورية".
 
وأكد على أن محادثات فيينا بإمكانها أن تصبح ذات قيمة كبيرة "لو حزمت الأطراف المجتمعة هناك أمرها وقررت التوقف عن مجرد الحديث عن معاهدات جنيف والبدء في الإصرار على أن تحترمها جميع القوات المتقاتلة في سوريا" على حد قوله.