سياسة دولية

موقع إيراني: بإمكان طهران تجاوز الأسد للحفاظ على مصالحها

إيران سلحت العلويين خوفا من سقوط مفاجئ لبشار الأسد ـ أرشيفية
منذ دخول الحرس الثوري الإيراني في سوريا عسكريا ووقوفه بجانب نظام بشار، استنزفت إيران المئات من ضباطها وجنودها وقادتها العسكريين في سوريا، وواجه هذا التدخل إدانات دولية وإقليمية واسعة، حيث عدّت السعودية "التدخل الإيراني بسوريا احتلالا أجنبيا لبلد عربي".

وفي إيران أيضا ظهرت بعض الأصوات تندد بالتدخل العسكري الإيراني بسوريا، حيث عدّت صحيفة "بهار" الإيرانية وضع خطوط حمر من قبل إيران حول بشار الأسد شيئا لم يكن لصالح إيران ومستقبل إيران في المنطقة، "وبإمكان طهران تجاوز بشار الأسد من أجل الوصول لأهداف سياسية تحافظ على مصالح إيران وحلفاء إيران بالمنطقة".

ومنذ ذلك الحين، بدأت وسائل الإعلام الإيرانية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني بالتركيز على تقارير تبرر التدخل العسكري بسوريا.

ونشر موقع تسنيم المقرب من الحرس الثوري الإيراني بهذا الخصوص، تقريرا هاما من خبراء إيرانيين في عدة مجالات يوضح من خلاله أهداف إيران في سوريا والأسباب التي دعت إيران للتدخل وإصرار إيران على دعم بشار الأسد، وشرح تقرير "تسنيم" سياسة إيران والإجراءات التي سوف تتأكد في حال سقط نظام بشار الأسد، وقال التقرير: "إن العلاقة بين سوريا وإيران تعدّ علاقة عضوية، ولخلق توازن إقليمي في المنطقة ومنع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من تحقيق أهدافهما في المنطقة فإنه يجب أن يستمر الدعم الإيراني للنظام في سوريا".

وأضاف موقع تسنيم أن "إيران مهمة في الصراع الحالي بسوريا باعتبارها ممثلا فاعلا ورئيسا بسوريا، ودورها يعد هو الأكثر تأثيرا وحيوية من جميع الأطراف هناك، وأن دورها في سوريا ودعمها للأسد يعد حتى أكبر من الدور الروسي بسوريا".

وتابع الموقع قائلا: "إن العلاقات الثنائية بين طهران ودمشق على مر التاريخ كانت مبنية على المصالح الاستراتيجية، وكلا البلدين أيضا بحاجة إلى الاعتماد على بعضهما البعض لتحقيق توازن ضد الدول العربية المعادية للحلف الإيراني السوري بالمنطقة".

وعدّ "تسنيم" التحالف الإيراني السوري تحالفا غير مذهبي، وأن دعم إيران لسوريا وللأسد لم يكن مرتبطا بالمسألة الشيعية، وقال: "التحالف الإيراني السوري يفتقر إلى حد كبير إلى البعد المذهبي حيث إن النظام السوري يعد نظاما علمانيا، ويدار على يد فرد ينتمي إلى الطائفة العلوية التي ليس لديها أي علاقة تذكر بالشيعة في إيران".

وأوضح أن إيران لم تحتج الأسد يوما في المسألة الشيعية ولكن سوريا تشكل لإيران جغرافيا حساسة واستراتيجية ذات أهمية كبيرة، حيث أصبحت تشكل سوريا "البوابة الاستراتيجية العربية لإيران" في العالم العربي، كما أنها تشكل حصنا منيعا ضد النفوذ الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة.. وربما الأهم من ذلك، هو أن سوريا تشكل جسرا هاما للوصول إلى حزب الله في لبنان.

ونوه إلى أن النظام الإيراني أيضا سوف يتأثر من الداخل في حال حدث أي تغيير بسوريا وقال: "إن سوريا أيضا أصبحت بالنسبة لإيران كدرع لمنع عدم الاستقرار الداخلي في إيران".

وحول موقف إيران من النظام السوري وبشار الأسد قال الموقع: "موقف إيران من سوريا واضح جدا، وإيران تبذل كل جهدها من أجل إبقاء بشار الأسد في السلطة ولن تقصر في فعل أي شيء لتحقيق هذا الهدف، ولكن إيران ذكية بما فيه الكفاية وتعرف أن نظام الأسد ممكن أن يسقط في أي لحظة.. ولهذا السبب فقد ذهبت إيران لاتخاذ خطوات فاعلة واستباقية لدعم العلويين والأقليات الأخرى وتسليحهم ودعم مليشياتهم ليتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم في حال سقط النظام السوري". 

وقال تقرير "تسنيم": "إن دعم إيران للعلويين في سوريا يعد أمرا مفروغا منه، ليس فقط من أجل أن تبقي إيران على نفوذها في سوريا، بل الأهم من ذلك هو الحفاظ على علاقتها مع حزب الله في لبنان على نحو فاعل كما هو موجود الآن".

ولفت إلى أن العامل المذهبي لا يمكن أن يكون وحده العامل الأساسي في ما بين إيران والعلويين في حال سقط النظام السوري، وقال: "في الغالب يعد العلويون فرعا من التشيع، ولكن العامل المذهبي لن يكون عاملا مضمونا لبناء علاقة بين إيران وسوريا في المستقبل، لأن مؤسس حزب الله في لبنان موسى الصدر كان ينظر للعلويين على أنهم شيعة وروج لهذه النظرية؛ ولكن الواقع أن هناك خلافات في العادات والتقاليد والعبادات بين الشيعة والعلويين، وأن العلويين بسوريا يفتقرون للمرجعية المذهبية المنظمة والممنهجة كالحوزات الشيعية والمراجع بإيران.. ولهذا فإن اختلافهم مع شيعة إيران يظهر بوضوح"، على حد قوله.

وأشار الموقع إلى أن "العلاقة الوثيقة بين إيران وسوريا كانت تستند إلى الوضع الجيوسياسي وليس المذهب، وإيران منذ فترة طويلة وهي تنظر لسوريا كحليف استطاع أن يخلق التوازن بين إيران والدول العربية المنافسة لها بالمنطقة.. وخلال الحرب العراقية-الإيرانية تم تعزيز هذا التعاون بشكل كبير بين البلدين". 

وتابع بأن "إيران وبعد انتصار الثورة بسبب جهودها ومساعيها التي بذلت من أجل تصدير الثورة الإيرانية إلى العالم العربي، فقد كان التركيز على وجه الخصوص على الدول الكبرى كالعراق والسعودية ومصر، وحين بدأت الحرب مع صدام حسين الذي كان مدعوما من قبل الدول العربية واجهت إيران مشاكل عديدة ولم تقف معها كل دول المنطقة إلا سوريا في عهد حكم حافظ الأسد، وكان حافظ يعتبر النظام البعثي في العراق عامل تهديد له ولمصالحه في سوريا والحرب العراقية-الإيرانية أضعفت نظام صدام حسين، ما أدى إلى إبعاد التهديد العراقي من سوريا". 

وبعد انتهاء الحرب العراقية-الإيرانية بوقت قصير، ظهرت إيران كقوة مهيمنة ومؤثرة في لبنان التي تشكل الحديقة الخلفية لسوريا، ولكن حافظ الأسد خلافا لنجله بشار لم يوافق على الهيمنة الإيرانية الكاملة في لبنان وكان يتردد في ذلك، وفي الوقت نفسه كان ينظر لإيران وحزب الله كقوة إقليمية فاعلة تستطيع أن تخلق توازنات سياسية بين خصومه في المنطقة.

ولكن التحالف بين إيران وسوريا خلال حكم بشار الأسد المضطرب وصل إلى مراحل كبيرة ومتقدمة جدا ووافق بشار الأسد على ما كان يخالفه والده حافظ الأسد.. والأسباب التي دعت بشار الأسد إلى أن يوافق على الدخول بتحالف مع إيران هو ضعف نظامه والخوف على العلويين الذين يشكلون نسبة 12% من سكان سوريا، ولكنهم كان يحكمون الأغلبية السنية في البلاد وأصبح النظام السوري مرتبطا تماما بإيران بعد ذلك.

يشار إلى أن إيران من بداية انطلاق الثورة السورية، كانت تعارض أي تغيير يمس بطبيعة النظام والحكم بسوريا، وكانت تصف المعارضة السورية بأنها "أداة بيد السعودية وقطر وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية لإسقاط نظام بشار الأسد حليف طهران".