أصدرت مؤسسة
الكرامة لحقوق الإنسان (منظمة غير حكومية) الخميس تقريرا تحت عنوان "الموت وراء القضبان: التعذيب والحرمان من الرعاية الطبية بمراكز الاحتجاز في
مصر"، رصدت فيه
حالات التعذيب والوفاة داخل السجون ومراكز الاحتجاز المصرية، والأسباب التي أدت إلى وفاة 323 محتجز.
وقالت المنظمة الحقوقية في تقرير -بمناسبة مرور عام على الاستعراض الدوري الشامل لملف
حقوق الإنسان في مصر- إنه وبالرغم كلام الوفد المصري في الاستعراض الدوري الشامل برئاسة إبراهيم المهدي وزير العدالة الانتقالية وقتها أنه "لا يوجد تعذيب بداخل السجون وأماكن الاحتجاز المختلفة، وأن الحكومة تعمل جنبا إلى جنب مع المجلس القومي لحقوق الإنسان في الإشراف على أماكن الاحتجاز".
ووثقت الكرامة في الفترة ما بين حديث وزير العدالة الانتقالية أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر 2014 إلى غاية 16 أيلول/ سبتمبر 2015، وفاة 121 محتجزا من أصل 323 بسبب التعذيب والحرمان من الرعاية الصحية وسوء المعيشة بداخل مراكز الاحتجاز.
وأكدت الكرامة أن السلطات المصرية وبعد مرور عام كامل "لم تقم بتفعيل التوصيات التي قبلت بها والبالغ عددها 300 توصية، 14 منها تتعلق باحترام حقوق المحتجزين ومنع التعذيب بداخل مراكز الاحتجاز وتحقيق العدالة للضحايا".
ورأت الكرامة أن عدم معالجة السلطات المصرية لقضايا الوفيات والتعذيب داخل السجون ومراكز الاحتجاج هو أمر "مقصود" بشكل كبير، وعللت ذلك بعدم فتح السلطات المختصة لأي "تحقيق جدي" في هذا الشأن.
وأوضحت أن "اختلال النظام القضائي المصري وقصور التحقيقات الداخلية لإدارات السجون ساهمت بشكل كبير في ارتفاع عدد الوفيات في صفوف المعتقلين".
واستنكرت عدم قيام السلطات بأي مجهود لتطبيق الاتفاقيات الدولية مثل المبادئ الدنيا لمعاملة السجناء (مبادئ مانديلا) وغيرها حتى الآن رغم أن مصر وقعت على العديد من هذه الاتفاقيات.
وقارن تقرير الكرامة بين المعايير الدولية الخاصة بالرعاية الصحية للمحتجزين وبين ظروف وأوضاع الاحتجاز داخل
السجون المصرية، ليظهر أن التناقض الكبير بينهما ساهم بشكل كبير في "وقوع هذا الكم من الضحايا داخل مراكز الاحتجاز".
وأشارت إلى أن تفشي جريمة التعذيب ناتج عن قصور القوانين والتشريعات المحلية وعدم اتساقها مع المعايير الدولية الخاصة بمناهضة جريمة التعذيب، إضافة إلى غياب القوانين الرادعة، وشرعنة الإفلات من العقاب.
وأوضحت المنظمة الحقوقية إلى أن حالات الوفاة في صفوف المحتجزين والمعتقلين ناتج عن "غياب الضمانات القانونية للسجناء، والتجاهل التام من قبل السلطات لأوضاع الاحتجاز المزرية، على الرغم من التزامها المتجدد بتحسينها".
وشددت على أن السلطة التقديرية التي يخولها القانون المصري لإدارات السجون دون أي إشراف قضائي، "أسهمت بشكل كبير في الوفيات داخل مراكز الاحتجاز".
وقدمت مؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان توصيات وجهتها للسلطات المصرية من أجل تحسين ظروف المحتجزين والمعتقلين داخل مراكز الاحتجاز، لترقى إلى المعايير الدولية الخاصة باحترام حقوق الإنسان داخل مراكز الاحتجاز.
ودعت الحكومة إلى وضع خطة وطنية لمكافحة التعذيب مع كل الجهات المعنية؛ وإعلان السلطات بوضوح وعلنا معارضتها لكل أشكال التعذيب وسوء المعاملة.
ودعت المؤسسة الحكومة إلى تعديل التشريعات المتعلقة بالتعذيب وجعلها تتماشى مع المعايير الدولية، لاسيما مع اتفاقية مناهضة التعذيب؛ والتأكد من رفض المحاكم المصرية لجميع الاعترافات التي تم الحصول عليها تحت الإكراه البدني أو النفسي؛ إضافة إلى إنشاء مرصد مستقل، ونظام للشكاوى؛ وفتح تحقيقات فعالة في ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة، وتقديم تعويضات لضحايا التعذيب وأقاربهم؛ والتصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب.
وقدمت الكرامة توصيات تتعلق بالحق في الرعاية الصحية والمعيشية داخل مراكز الاحتجاز، من بينها إلغاء المواد القانونية التي تمنح لوزير الداخلية صلاحية إعطاء مراكز الاحتجاز صفة السجون منفردا؛ وإنهاء الاحتجاز داخل معسكرات فرق الأمن المركزي ومقرات مباحث الأمن الوطني؛ إضافة إلى وضع خطة زمنية لإنهاء اكتظاظ السجون، والكشف عن العدد الحقيقي لأماكن الاحتجاز ومواقعها؛ وضمان منح جميع المعتقلين الحق في الخضوع لفحص طبي عند الطلب والوصول إلى المراكز الطبية.
وطالبت بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين لأسباب سياسية؛ كما طالبت باتخاذ إجراءات بديلة للاحتجاز خصوصا في حالات المحبوسين احتياطيا أو الذين صدرت عليهم أحكام بالسجن لفترات قصيرة، والتأكد من تطبيق القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء على كل المعتقلين والمحتجزين.
ووجهت المؤسسة، في بيانها، رسالة إلى المجتمع الدولي تدعوه فيها إلى الضغط على السلطات المصرية من أجل التصديق على البروتوكولين الاختياريين لاتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي؛ وإدانة ممارسة التعذيب وسوء المعاملة داخل أماكن الاحتجاز في مصر علنا والمطالبة بمتابعة كل المتورطين؛ إضافة إلى ربط جميع المساعدات والمشروعات الاستثمارية باحترام السلطات المصرية الفعلي لمعايير حقوق الإنسان؛ والدعوة إلى الإفراج عن جميع المعتقلين بشكل تعسفي المحتجزين في مصر.