نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية؛ تقريرا حول تزايد خطر
تنظيم الدولة في أفغانستان، قالت فيه إن الحكومة الأفغانية تخاف أن يتم تكرار السيناريو العراقي السوري، ويسقط جزء هام من البلاد تحت سيطرة تنظيم الدولة، وسط تجاهل وصمت دولي مطبق.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن الحكومة الأفغانية كررت نداءاتها لطلب الدعم الدولي، وعبرت عن مخاوف كبيرة من أن يتم تركها بمفردها في مواجهة تنظيم الدولة، الذي رغم أن وجوده في أفغانستان لا يزال محدودا فإنه أصبح يمثل خطرا متزايدا.
وذكرت الصحيفة أن الحكومة الأفغانية حذرت المجتمع الدولي من أن ظهور فرع لتنظيم الدولة في أفغانستان؛ يمثل أحد أخطر التهديدات على أمن المنطقة. وفي نهاية آذار/ مارس الماضي، عندما كان خبراء من الأمم المتحدة في زيارة إلى كابول، تلقوا تقارير مفزعة من أجهزة المخابرات الأفغانية، تفيد بأن تنظيم الدولة نجح في زرع بذوره في 25 ولاية أفغانية، وأن حوالي 10 في المئة من أنصار
طالبان في أفغانستان أصبحوا يتعاطفون مع هذا التنظيم.
وأضافت الصحيفة أن هذه المعلومات تم نشرها من قبل لجنة الأمم المتحدة الخاصة بمراقبة تنظيم القاعدة، في تقريرها المتعلق بالوضعية العسكرية في أفغانستان، بتاريخ 26 آب/ أغسطس الماضي. وبعد 6 أسابيع من ذلك، كرر نائب الرئيس الأفغاني عبد الرشيد دستم هذه التحذيرات. فخلال زيارة إلى موسكو ولقاء جمعه مع وزير الدفاع الروسي ومسؤولين عسكريين كبار، أكد دستم على الخطر الذي يمثله تنظيم الدولة في شمال البلاد.
وذكر بأنه قبل 14 سنة ظن العالم أن تنظيم طالبان انتهى، ولكن هذا التنظيم يشهد اليوم انتعاشا، وبالتالي يجب عدم التقليل من خطورة تنظيم الدولة الذي يسير في نسق تصاعدي.
وأضاف التقرير أن دستم طلب من الجانب الروسي تزويده بقذائف، وبتقنيين مختصين في إصلاح طائرات الهيلكوبتر المقاتلة "مي35" الروسية الصنع، للمساعدة على مواجهة الخطر القائم، ولكن موسكو اكتفت بالتعهد بدراسة هذا الطلب، لأنها في الوقت الحاضر ترى أن حضور أتباع أبو بكر البغدادي في أفغانستان غير مثير للقلق.
ونقلت الصحيفة عن موظف رفيع في منظمة الأمم قوله: "إن تنظيم الدولة لا يملك غير عدد قليل من المقاتلين، وهم موجودون في بعض محافظات شرق أفغانستان، كما أنه يملك خلية للدعاية والتجنيد في محافظة فرح، ولكن حضوره إلى حد الآن لم يتجاوز هذا النطاق".
وفي السياق ذاته، نقلت الصحيفة رأي برهان عصمان، الخبير في مركز البحوث السياسية في كابول، قوله إن "أنشطة تنظيم الدولة لا تزال محصورة في ست محافظات منذ بداية السنة، كما تم طرد هذا التنظيم من محافظتين منذ بضعة أسابيع. وفي نهاية شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، تمت الإغارة على إحدى خلايا التنظيم في إقليم هلمند في جنوب البلاد، ما دفع بأعضاء تلك الخلية إلى الهرب، وهو ما يعني أن تنظيم الدولة لا يزال يجد صعوبة في تثبيت نفسه في مواجهة طالبان أفغانستان".
ولاحظت الصحيفة أن مجلة دابق التي يصدرها تنظيم الدولة بصفة شهرية، لم تعد تتحدث عن أنشطة التنظيم في أفغانستان، حيث تعود آخر مادة في هذا الشأن إلى شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، عندما احتفل التنظيم بالإعلان عن فرعه في أفغانستان.
واعتبرت الصحيفة أن الحكومة الأفغانية تحاول تضخيم خطر تنظيم الدولة واستباق خطواته اللاحقة؛ لأنها تشعر بأن الولايات المتحدة والغرب يركزون أنظارهم على الحرب ضد هذا التنظيم في العراق وسوريا وينسون أفغانستان التي تبقى الأوضاع الأمنية فيها هشة جدا، منذ أن قام حلف الناتو بوقف عملياته القتالية مع نهاية السنة الماضية.
وقد شهدت الفترة الأخيرة نشاطا مكثفا لتنظيم طالبان الذي نجح في السيطرة المؤقتة على مدينة قندوز، ولم تتمكن القوات النظامية الأفغانية من طرده من هذه المدينة إلا بعد 15 يوما، وهو ما مثل إهانة للسلطة المركزية.
ونقلت الصحيفة عن الموظف الأممي الذي لم تكشف عن اسمه؛ أن الحكومة الأفغانية تريد تحقيق هدفين من خلال تضخيم خطر تنظيم الدولة، فهي أولا تريد الحفاظ على الدعم العسكري الذي توفره لها الدول الغربية، ودفع دول أخرى مثل روسيا ودول آسيا الوسطى لتزويدها بالأسلحة والذخائر. وتسعى ثانيا لإقناع واشنطن بتأجيل انسحابها من أفغانستان، الذي كان مقررا قبل نهاية 2015، وهو ما نجحت في تحقيقه فعلا إذ إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد أعلن في 15 تشرين الأول/ أكتوبر عن إبقاء 5500 جندي أمريكي في أفغانستان إلى حدود سنة 2017.
وقالت الصحيفة إن قدرة تنظيم الدولة على التطور والتوسع في أفغانستان تبقى غامضة، ولا يمكن إصدار أحكام واضحة بهذا الشأن. ونقلت عن برهان عصمان اعتقاده بأن "التنظيم لا يملك حظوظا كبيرة في أفغانستان".
واعتبر هذا الباحث أن السيناريو الوحيد الذي سيمكن تنظيم الدولة من التوسع ومن زيادة قوته؛ هو انقسام تنظيم طالبان في أفغانستان إلى مليشيات صغيرة، ثم تقوم بعض هذه المليشيات بالاندماج في تنظيم الدولة بحثا عن الدعم العسكري والإيديولوجي، وهو سيناريو ما زال مستبعدا جدا في الوقت الحاضر.