على الرغم من الوعود المتكررة والتصريحات الكثيرة من المسؤولين
المصريين حول التصدي بحسم للتحرش الجنسي، إلا أن تلك الحوادث تكررت كثيرا أمس الخميس، في أول أيام
عيد الأضحى.
وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وصورا تظهر حوادث تحرش جماعي بالفتيات بمنطقة كورنيش النيل بالقاهرة، وفوق كوبرى قصر النيل القريب من ميدان التحرير وسط غياب تام لرجال الشرطة.
وعلى الرغم من تداول العديد من الصور والفيديوهات التي شاهدها ملايين
المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، إلا أن وزارة الداخلية أعلنت يوم الخميس عدم تلقيها أي بلاغ رسمي حول وجود حالات تحرش فى عيد الأضحى، مؤكدة أن المتحرشين اختفوا تماما من الشوارع بسبب الانتشار الجيد للشرطة النسائية والدوريات الأمنية بصفة مستمرة، وهو ما أكد للكثيرين أن الوقت لا زال مبكرا للقضاء على تلك الظاهرة من مصر!.
اهتمام بـ"الشو الإعلامي"
وأكد شهود عيان أن الحكومة نشرت أعدادا من قوات الأمن في المناطق الحيوية التي تحظى بتغطية إعلامية جيدة، مثل وسط القاهرة التي يوجد بها الكثير من دور السينما، فيما تم إهمال مناطق أخرى بالقاهرة والجيزة مثل الحدائق العامة والجسور الممتدة على نهر النيل، التي شهدت حالات عديدة من
التحرش الجنسي الجماعي في اليوم الأول من أيام عيد الأضحى.
وتداول نشطاء مقطع فيديو لعدد كبير من الصبية يتحرشون جماعيا بفتاة فوق كوبري عباس بالقاهرة حتى فقدت وعيها.
ومرتكبو حوادث التحرش هم، في معظم الحالات، صبية تتراوح أعمارهم بين الحادية عشرة والسبعة عشر عاما، يطاردون الفتيات ويتحرشون بهن وسط غياب أمني تام مستغلين الزحام الشديد وتأكدهم من أنهم سيفلتون من العقوبة.
وقال نشطاء إن عناصر الشرطة النسائية التي تم نشرها لمكافحة التحرش اكتفت، فيما يبدو، بالتقاط الصحفيين الصور لهن في أثناء وجودهن أمام دور السينما بوسط القاهرة، دون القيام بحماية الفتيات في باقي مناطق العاصمة التي شهدت حالات عديدة من التحرش الجماعي.
كفاءة متدنية
وفي عيد الفطر الماضي، أثارت مشاهد تظهر اعتداء إحدى الشرطيات على شاب متهم بالتحرش وتعذيبه في الشارع بصاعق كهربائي حالة من الجدل في مصر.
وتفاخرت تلك السيدة بأنها تقوم بضرب المتحرشين "علقة ساخنة" في الشارع، حتى يرتدع عن تكرار هذه الجريمة مرة أخرى.
وقال حقوقيون ورجال قانون إن عناصر الشرطة ليس لهم الحق في معاقبة المتهم بارتكاب أي جريمة، بل إن دورها يقتصر على ضبطه وتقديمه لجهات التحقيق القضائي لتوقع عليه العقوبة القانونية المناسبة، إذا ثبت ارتكابه للجريمة.
وفي تكرار لهذا النهج، نقلت وسائل إعلام محلية صورا جديدة لشرطية أخرى تقوم بتنظيم دخول المواطنين إلى أحد دور السينما، بمنطقة وسط القاهرة مستخدمة صاعق كهربائي، في محاولة منها لمنع التحرش والتدافع بين الشباب والفتيات.
وأصبحت مصر من أكثر دول العالم التي تعاني من استفحال ظاهرة التحرش الجنسي، حتى إن أي تجمع لعدد من المواطنين لا يكاد يمر دون حدوث حالات تحرش، وباتت أيام الأعياد في مصر مرتبطة بحوادث التحرش الجنسي الجماعي التي تتعرض لها السيدات والفتيات في الأماكن العامة المزدحمة، خاصة في المدن الكبرى، لتفسد على المصريين فرحتهم..
"أمان زي زمان"؟
وفي محاولة للتصدي للتحرش، نظمت حركات ومنظمات المجتمع المدني في مصر مبادرات متعددة لمكافحة التحرش الجنسي الذي تتصدر مصر قائمة دول العالم فيه.
وأعلنت حركة تطلق على نفسها اسم "شفت تحرش" إطلاق مبادرة جديدة بعنوان "عيد آمن بلا تحرش"، يتم من خلالها وجود أعضاء الحركة طوال أيام عيد الأضحى في المناطق التي تشكل بؤرا للتحرش.
وأعلنت الحركة في بيان لها - تلقت "
عربي21" نسخة منه - أنها نشرت خريطة ميدانية، يتم تحديثها باستمرار بالأماكن التي تشهد حوادث تحرش لتتجنبها الفتيات، وحتى يتم توجيه رجال الأمن لها.
وفي الإسكندرية، نظم عدد من الشباب عروضا فنية في منطقة وسط المدينة بهدف التوعية بخطورة تلك الظاهرة، في إطار مبادرة أطلقوا عليها اسم "الإسكندرية أمان زي زمان" لمواجهة التحرش بالمحافظة، وقام أعضاء المبادرة بالحضور في بعض المناطق لمواجهة أي حالات تحرش استغلالا للزحام في أيام الأعياد.
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت قبل عيد الأضحي - كعادتها كل عام - أن شوارع القاهرة وباقي المدن الكبرى، ستشهد في أيام العيد انتشارا أمنيا مكثفا للقضاء على ظاهرة التحرش، مؤكدة مشاركة قسم "مكافحة العنف ضد المرأة" في تأمين حماية السيدات من التحرش في أماكن التجمعات والمتنزهات العامة.
كما أعلنت في بيان لها - اطلعت عليه "
عربي21"- تنظيم دوريات متحركة على مدار اليوم لملاحقة المتحرشين، بالإضافة إلى إقامة غرفة عمليات بكل مديرية أمن على مستوى الجمهورية لتلقي الشكاوى من المواطنات وسرعة ملاحقة المتهمين، ونشر أفراد شرطة سريين في الأماكن المزدحمة لضبط أي محاولات للتحرش، فضلا عن الدفع بشرطيات متدربات على التعامل مع هذا النوع من الجرائم.