سياسة عربية

هل تفرغ "التحالفات" انتصار العدالة والتنمية من مضامينه؟

ابن كيران يعلن توقف المفاوضات مع الأغلبية بسب الجهات ـ عربي21
مثل لعبة متاهة بدت خريطة التحالفات الحزبية في المغرب، بعد أن كانت نتائج صناديق وتصريحات قيادات حزب العدالة والتنمية قد حسمت بشكل كبير في هوية الأغلبية التي عليها أن تسير المدن الكبرى في المغرب.

وبدت الأمور يسيرة لأول وهلة على أحزاب الأغلبية الحكومية، غداة إعلان النتائج، التي مكنت العدالة والتنمية من حصد أغلبية مريحة في عدد من المدن، وأغلبيات نسبية في الجهات (المحافظات)، كرسه إعلان قيادات الحزب الأول عزمه الحفاظ على تحالفه السياسي في إطار الأغلبية.

مصادر "عربي21" تتحدث عن عقد حزب العدالة والتنمية لقاءا طارئا وعاجلا ليل الثلاثاء للحسم في القرار النهائي بخصوص التحالفات، خاصة بعد التخوف الذي أبداه عدد من قيادات الحزب من إفراغ الفوز من مضمونه السياسي، وكذا عدد من المراقبين.

وأعلن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله ابن كيران أن المفاوضات بين زعماء أحزاب الأغلبية الحكومية توقفت، مساء الإثنين، بسبب عدم الاتفاق حول التحالف بالجهات، وبمدينة تطوان على وجه الخصوص.

وأضاف الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، في تصريحات صحافية، الثلاثاء، أن الأمور توقفت عند البلاغ الذي أصدره حزب المصباح ليلة أمس، والذي أعلن فيه التزامه بالتحالف الحكومي، مع إمكانية "تحالفه مع الأحزاب الوطنية الراغبة في ذلك".

إلى ذلك قال المعطي منجيب، المؤرخ والمحلل السياسي المعارض، إن "النظام (المخزني) يسعى إلى إفراغ الانتصار الكبير الذي حققه حزب العدالة والتنمية في انتخابات 4 أيلول/ سبتمبر من مضمونه السياسي، وذلك من خلال أحزاب الائتلاف الحكومي".

وتابع المعطي منجيب في تصريح لـ"عربي 21"، أن "المخزن لم يقبل نجاح حزب العدالة والتنمية، وبالتالي فهو يتحرك عبر الأحزاب الموالية له، ليذكر حزب العدالة والتنمية بأنه الفاعل المركزي في النسق السياسي المغربي".

وأضاف منجيب، أن "العدالة التنمية كان مجبرا بعد انتخابات 2011 على التحالف مع أحزاب موالية للقصر من أجل تشكيل الحكومة، وكان أيضا مضطرا في 2013 على التنازل عن بعض سلطاته لتفادي السقوط في خط الانقلاب".

وأوضح أن العدالة والتنمية رغم كونه حقق مليون و800 ألف صوت في انتخابات 2011، وهي نتيجة غير مسبوقة في تاريخ المغرب السياسي، فإن نظام الاقتراع لم يمكنه من الفوز بأغلبية مريحة في المقاعد".

وشدد على أن "المناورات التي تقوم بها أحزاب الائتلاف الحكومي، ليس لها هدف إلا إضعاف العدالة والتنمية، وإفراغ انتصاره من أي مضامين سياسية، وبالتالي تسفيه الإرادة الشعبية".

في سياق متصل كشف قيادي بحزب العدالة والتنمية، عن عدم توصل قيادات الأغلبية لاتفاق لحدود الثلاثاء، حول التحالف بالجهات والمدن الكبرى، سببه مطالب حزب التجمع الوطني للأحرار غير المعقولة".

ومضى مصدر "عربي21" -الذي طلب عدم الكشف عن هويته-، إلى القول إن الحزب طالب برئاسة بعض المدن التي حصل فيها حزب العدالة والتنمية على أغلبية مريحة، وهو ما اضطر حزب العدالة والتنمية إلى إصدار بلاغ  يعلن فيه استعداده للتحالف مع الأحزاب الوطنية من خارج التحالف الحكومي".

وشدد المصدر ذاته، على أن "حزب العدالة والتنمية لن يتنازل عن رئاسة المدن التي حصل فيها على أغلبية كبيرة، ولن ينقلب على أصوات الناخبين، وسيدافع عن الاختيار الشعبي الذي مثلته انتخابات 4 أيلول/ سبتمبر".

وسجل أن الحزب "لن يقبل إفراغ الانتصار الشعبي من مضامينه السياسية، عبر الالتفاف عليه من خلال لعبة التحالفات، التي يحاول بعض المهزومين ديمقراطيا، اللجوء إليها لتعويض عجزهم عن مقارعة العدالة والتنمية في صناديق الاقتراع".
 
وأوضح المصدر أن حزب العدالة والتنمية وفيّ لتعهداته مع أحزاب الأغلبية، وسيعمل على إشراكها ما أمكن في المدن والجهات التي حصل فيها على الأغلبية دون أن يغلق الباب في وجه الأحزاب الوطنية الأخرى، باستثناء حزب الأصالة والمعاصرة، الذي وصفه بـ"الأصل التجاري الفاسد".

وكان حزب العدالة والتنمية قد أكد حرصه على احترام منطق الأغلبية الحكومية في تحالفاته، وإشراكها ما أمكن في تدبير الجماعات الترابية التي حصل بها الحزب على الأغلبية المطلقة.

وشدد الحزب في بلاغ صدر ليل الإثنين على وفاءه لجميع الالتزامات والاتفاقات التي تمت لحد إصدار هذا البلاغ مع مكونات الأغلبية الحكومية، مشيرا في الوقت ذاته إلى "عدم استبعاد إمكانية التحالف مع باقي الأحزاب الوطنية الراغبة في ذلك".

إلى ذلك اعتبر حزب التجمع الوطني للأحرار أن المسؤوليات على رأس المدن التي حظيت بأغلبيات مطلقة واضحة يجب أن تؤول لمن رسا عليه اختيار الناخبين، مضيفا أن "المبدأ نفسه يجب أن يسري بشكل طبيعي على الجهات".

وأضاف الحزب، في بيان أصدره الثلاثاء، فيما يشبه التراجع عن مواقفه السابقة وعودته إلى التوافق داخل الائتلاف الحكومي، مسجلا رده على "معلومات متضاربة حول تحريات التهيئ لوضع هياكل الجماعات والجهات، أنه بالنسبة للجهات التي لم ينل فيها أي طرف من أطراف الائتلاف أغلبية مطلقة تبقى موضع ترتيبات توافقية داخل الائتلاف".

وشدد حزب التجمع الوطني للأحرار على أنه يعتبر "احترام إرادة الناخبين مسألة مبدئية والتزاما أخلاقيا وانضباطا لقيم الديمقراطية"، مبرزا أنه منذ ظهور نتائج اقتراع 4 أيلول/سبتمبر عقدت هيئة رئاسة الأغلبية اجتماعات أكدت خلالها عزمها على الالتزام بالتحالف ما بين مكوناتها.

وعبر التجمع الوطني للأحرار عن التزامه الكامل بهذا الاتفاق وترجمته عمليا على الأرض، وفند الحزب أية معلومات تنسب إليه أشياء خارجة عن التوضيحات التي تضمنها هذا البيان، مؤكدا أنه يبقى ملتزما بقرار التحالف ما بين مكونات الأغلبية الحكومية.