انتشرت في الآونة الأخيرة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إعلانات لشبان خاصة ببيع أعضائهم من أجل توفير المبلغ اللازم للهجرة إلى
أوروبا، في وقت كشف فيه مصدر طبي عن حالات احتيال كبيرة تتم في شمال
العراق لتمرير صفقات بيع وشراء الأعضاء البشرية.
فبعد ساعات من إعلان الشاب العراقي علي يوسف عن بيع كليته لغرض، انهالت عليه العروض من أشخاص راغبين بالشراء، بينهم مرضى محتاجون لعمليات زرع كلى، وآخرون هم وسطاء يطمحون لكسب مبلغ من المال عبر التوسط بين البائع والمشتري.
وقدم الكثير من مستخدمي موقع "سوق أربيل الإلكتروني" نصائح إلى الشاب العراقي الراغب بالبيع، وفي مقدمتها إجراء مجموعة فحوصات طبية من أجل استكمال جاهزية "السلعة المعروضة للبيع"، بينما تم الاتفاق على التفاهم بشأن السعر بشكل شخصي، وعبر الاتصال بهاتف الشاب الراغب بالهجرة إلى أي دولة أوروبية.
وفي حالة أخرى، فضل البائع أن يتنكر خلف اسم "الباحث عن وطن"، ويعلن عن بيع كليته بطريقة المزايدة التي بدأت بمبلغ 10 آلاف دولار في موقع التواصل "فيسبوك"، مبينا أن قرار البيع نهائي، ورافضا اي نصائح من أشخاص يقومون بـ"الفلسفة والكلام الفارغ"، على حد تعبيره.
واشترط "الباحث عن وطن" أن يقتصر المزاد على الجادين فقط، وقام بنشر مجموعة تقارير طبيه مختومة تثبت أن حالتة البدنية ممتازة، وأنه لا يشكو من أي مرض، مضيفا أنه أستشار ثلاثة أطباء في هذا الشأن وأكدوا له أنه يمكنه تمضية بقية حياته بكلية واحدة.
إلى ذلك، كشف الطبيب الاستشاري في مدينة أربيل، رؤوف البيطار، عن ارتفاع في كمية المعروض للبيع من الأعضاء البشرية، في حين يقوم تجار الأعضاء بالاحتيال على القانون من أجل إتمام الصفقات الممنوعة بموجب القانون العراقي.
وقال الدكتور البيطار، في حديث لـــ"عربي21"؛ إن تجار ووسطاء
بيع الأعضاء يقومون بتزوير أوراق رسمية تظهر أن البائع هو من عائلة المريض، ويرغب بالتبرع بكليته إلى قريبه، مشيرا إلى أن هذه الحيلة تعد الأكثر استخداما في المستشفيات التجارية في إقليم كردستان، الذي يفضله المرضى العراقيون الذين يأتون من المحافظات الأخرى.
ويبين البيطار، الذي يشرف على حالات النقاهة للذين يقومون بهذه العمليات، أن أغلب المتبرعين هم من فئة الشباب الذين تبدو عليهم علامات عدم معرفة المرضى الذين يقمون بالتبرع لهم، لافتا إلى أن هولاء الشباب يقضون فترة نقاهة في إقليم كردستان، ويسافرون بعدها إلى أوروبا بواسطة تأشيرة دخول باهظة الثمن؛ يشترونها بالأموال التي قبضوها من عمليات بيع أعضائهم.
من جهته، يوضح الحقوقي الشاب ياسر جواد الحلبوسي؛ أن البرلمان العراقي شرّع في مطلع العام الحالي قانونا خاصا لتنظيم
زراعة الأعضاء البشرية، ومنع المتاجرة بها، حيث نص صراحة على معاقبة الأطراف الداخلة في العملية، ومن ضمنهم الأطباء الذين يقومون بهذه العمليات.
ولفت الحلبوسي، في تصريح لـــ"عربي21"، إلى أن القانون نص على أن الصيغة الوحيدة المقبولة لمنح الأعضاء البشرية هي التبرع الذي يتم بالتراضي، وفي أثناء حياة الشخص المتبرع بالعضو أو بوصيته التي يتركها قبل الموت.
ويقر الحلبوسي بوجود مجموعة طرق يتم استخدامها من أجل التحايل على القانون، وأن هناك مكاتب متخصصة في العاصمة بغداد تقوم بإدارة تجارة الأعضاء وتتولى إدارة الصفقة. ومن بين الإجراءات تقديم دفعة نقدية أولية للبائع، مع ضمانات كاملة لتسليم بقية المبلغ بعد الانتهاء من عملية النقل والزرع.
ويرى الحقوقي الحلبوسي، خلال حديثه لـ"عربي21"، أن موجة
الهجرة الكبيرة التي يشهدها العراق جعلت الشباب يفكرون ببيع أي شيء يمتلكونه، بما في ذلك أعضاؤهم البشرية، من أجل تحقيق حلم الوصول إلى أوروبا.