قلت إنني مولع بعلم
النفس رغم أن تسميته فيها نظر؛ فالنفس أعقد من أن تُسبر، والمراد تفسير السلوك، وهو على بساطته الظاهرة وحاجته إلى تعميق البحث السريري (العيادي) قد يفسر العقائد والإرث الثقافي والتاريخ إذا فهمناه على هذا النحو.
ولعل كلمة المُنظر الماركسي الشهير بليخانوف تفي بالغرض لما قال: "إن لكل الأيديولوجيات جذرا واحدا، هو نفسية العصر الذي نشأت فيه."
بليخانوف من النوع الذي يَتَظَنَّنُ الأمور فلا يُخطئ، وأذكر أني قرأت له فأدهشني لما شبه رقصة المرأة في قبائل آبوريجيني الأصلية الأسترالية برقصة مينيويت الفرنسية في القرن الثامن عشر، إذ تأسست رقصة الأستراليات على دورهن الاجتماعي في جمع الزهور البرية فيما الفرنسية كانت من الدَّعة لطبقة من النساء غير المنتجات، وهنا يصبح الاقتصاد بُعدا ثانيا ثانويا لا أولا –كما في حال الأستراليات- أو وحيدا في تفسير السلوك، فيما يتقدم علم النفس خطوة ليسبق الاقتصاد في تفسير السلوك.
لكن ولنستبين عظمة ماركس نقول إنه حتى ظهور الطبقة غير المنتجة هذه كان ثمرة لتطور اقتصادي، وهكذا يصبح الاقتصاد عفريت العلبة!
وحتى يستريح القارئ أقول: أنا لست ماركسيا لكنني أستمتع بقراءة التفسير النفسي والاجتماعي للظواهر الإنسانية وتفسير الفن وعلم الجمال في التراث الماركسي.
وفي مجتمعنا المصري، حتى الحجر أكاد أسمعه يصرخ أرجوكم كفوا عنا عورات النساء وعوادم السيارات والزحام والقبح.. وزغاريد جابر القرموطي، هناك حاجة فعلا إلى علم الجمال، إلى ترسيخ بنيان أخلاقي مؤسس على قواعد تراعي الجمال وتحرض عليه.
أما باسم فمرة أخرى حكايته حكاية..
بتحليل مضمون بسيط وبحكم أنني ترجمان أستطيع باصما بالعشرة القطع بأن باسم مدمن لأفلام البورنو، وهو حر –ياكله وابور- لكن المشكلة في فرض هذه الحالة على المجتمع، وإلحاحه حد الهوس الجنسي لدرجة تصوير مصر عاهرة، وكالعادة ضحك المصريون متغافلين لأنه خاطبهم بما يحبون؛ بالهوس الجنسي المكبوت لدى كثير منهم.
الشيء نفسه فعلته الدولة في حفلة أضواء المدينة، وكانت للأسر، وكانت محافظة، إذ رقص صفوت الشريف في حفل نانسي عجرم وسرتها وصدرها على المشاع، وكانت ترقص بغنج غريب على هذا النوع من الحفلات الرسمية، وفي أخرى من نفس النوع كان هناك انحياز من الدولة وإلحاح على سماع كاظم الساهر (المتخيل لا الحقيقي) وما كان يثيره من شغف جنسي لدى النساء جعل عجوزا تصرخ كاشفة صدرها في الصف الأول "بحبك يا كاظم"!
هذا الإلحاح بالعري في الشارع وتقديم النماذج الفجة في الفن والسياسة والتردي في مستوى الوعي والتعليم والتثقيف هو الأب الشرعي للتحرش والجرائم المرتكبة ضد الأنثى وانتقاصها في مصر.
باسم أهان المرأة ومسح الأرض بكرامتها كما في تحقيره المسكينة عبير، وهو نفس ما تقيأه خالد البري في كتابه "الدنيا أجمل من الجنة" لما قال إنه عرف قيمة المرأة من أفلام البورنو من خلال.. الحقيقة لا أستطيع أن أكمل رغم أن خالد أفندي يكتب بصيغة الخطاب للأنثى تكريما لها!!
لا أستطيع أن أكمل وقد أضحت بعض كتاباتي سيئة لأنها صورة عن أصل لا يطاق، كل يوم أدعو الله أن أعود إلى طبيعتي وأكتب عن الجمال لكن الدنيا لا تترك لي فرصة.
هنا نجد الفن الوضيع عاشقا معشوقا مع الأيديولوجيا الوضيعة كما في حال باسم الفهلوي وخالد المكبوت اللذين ما فتئا يسلخان جلد الإسلاميين ويرميانهما بالكبت وإهانة المرأة وأنت لا تحتاج حتى إلى دقيقة استماعا وقراءة لهما حتى تعرف مكانة المرأة لديهما.
مسلسل القبح هذا موصول في الفن والتعليم والإعلام وليس غريبا على مصر، في مدرستي صغيرا كان لي معلم لو أعرفه حيا وقابلته لربما بصقت على وجهه وأوسعته ركلا، ولو عرفت له قبرا بعد موته لربما تبولت عليه إذ كان لا يكف عن السخرية من المعاقين في الفصل ويضربهم ويغري زملاءهم بهم لحد أن بغَّضهم في التعليم وأجبرهم على الخروج تيها في الشوارع وهم المساكين أبناء المساكين..ملح الأرض نور هذا العالم.
وفي حياتي كبيرا يعتلي عرش مصر قذافي جديد، وفي كل حفل ترشق معه جيهان
السادات! يا جماعة هذا كثير على روحي النونو القطقوطة،
باسم يوسف وخالد البري والسيسي وجيهان السادات وجابر القرموطي وكوب من الشاي في راس البر بعشرة جنيهات! فهل لي إذن في مشط كبريت وجركن جاز!!
malfiqy@gmail.com