لا يكاد يظهر أول خيط نور مع كل فجر جديد، حتى يحمل المزارع
الفلسطيني مؤيد سعيد، عدته، مترجلا إلى حقله في بلدة عزون عتمة، بمدينة قلقيلية، شمال الضفة الغربية، لقطف نبات الزعتر، الذي انتشرت زراعته في السنوات الخمس الأخيرة هناك.
سعيد (35 عاما)، شأنه شأن الكثير من
الفلسطينيين، تخلى منذ قرابة خمسة أعوام عن زراعة أرضه التي يمتلكها وتبلغ خمسة دونمات (الدونم يساوي ألف متر مربع) بالخضروات المحمية في
بيوت بلاستيكية، واتجه إلى زراعة الزعتر، نظرا للمردود المادي المرتفع لهذا المنتج مقارنة بغيره، واستمرار العمل فيه وزراعته على مدار العام.
وفي حديثه للأناضول يقول سعيد: "كنا في السابق نزرع أراضينا بالحمضيات والخضروات، ومنذ خمس سنوات تحولنا لزراعة الزعتر، كونها مربحة ولا تحتاج إلى عناية وجهد كما الخضروات".
وبينما كان يمسك بمطرقة خاصة يضرب بها أغصان الزعتر اليابس بعد تعرضها لأشعة الشمس لنحو ثلاثة أيام، لفصل الورق عن الأغصان، فقد أوضح سعيد، أن "زراعة الزعتر لا تحتاج إلى جهد كبير، كما أنها لا تحتاج للعمل سوى بضعة أيام في الشهر، كما أنها مجدية".
وعادة يُزرع الزعتر أشتالا في فصل الشتاء، ويُنتج على مدار العام بعد شهرين من زراعته، سواء تم قطفه يانعا، أو بعد تنشيف أوراقه، ليتم بيعه مطحونا.
ويُعد الزعتر أحد العناصر الرئيسة على مائدة إفطار أي فلسطيني، التي تحتوي عادة على خبز القمح والزعتر وزيت الزيتون، ويستخدم أيضا كمنتج دوائي، فضلا عن أنه يعتبر بالنسبة للفلسطينيين، رمزا لثقافتهم وتاريخهم.
ويعقد سعيد مقارنة ويقول: "زراعة الخضروات تحتاج عملا يوميا، وتكاليف أكبر، ومردودها المادي أقل بكثير من الزعتر".
وبلغة الأرقام - كما يوضح سعيد - فإن الدونم الواحد من الزعتر، يدر دخلا يبلغ نحو 30- 40 ألف شيكل سنويا (8 آلاف إلى 11 ألف دولار أمريكي)، بينما لا يدر الدونم الواحد من الخيار أو البندورة ربع هذا المبلغ.
وقبل نحو خمس سنوات، فإنه لم يكن أي من مزارعي بلدته أو البلدات المجاورة يزرعون الزعتر، كما يقول عبد الله عمر.
عمر (23 عاما)، يملك مزرعة يعمل فيها نحو 50 عاملا، ولديه وعائلته نحو 120 دونما تزرع بالزعتر، قال للأناضول، بينما كان يجري اتصالات مع تجار لبيعهم منتجه: "كنا نزرع البرتقال والخضروات، لكننا بتنا اليوم نزرع الزعتر فقط".
ويضيف: "منذ خمس سنوات بدأت زراعة الزعتر تنتشر بكثرة هنا، ويُصدر إلى دول عربية وأجنبية لصناعته كغذاء أو دواء".
ويتابع: "نسبة البطالة في منطقتنا صفر، فأنا هنا لدي نقص في عدد العمال".
وفي مزرعة أخرى بذات البلدة يعمل أيسر أحمد (42 عاما)، وخمسة من أشقائه في حصاد الزعتر، حيث يتفق هذا المزارع مع أقرانه السابقين في أن هذا المنتج أكثر ربحية.
ويقول أحمد للأناضول: "لا تحتاج زراعة الزعتر إلى جهد كبير، ما تحتاجه القليل من السماد والمبيدات الحشرية، وإنتاجه كبير".
وقبل عام 2010 لم تتعد الأراضي المزروعة بالزعتر، في الضفة الغربية الـ500 دونم، بحسب مدير دائرة الخضروات في وزارة الزراعة الفلسطينية، سعيد اللحام.
ويضيف اللحام للأناضول: "رقعة زراعة الزعتر في الضفة اتسعت كثيرا ووصلت إلى قرابة الـ10 آلاف دونم، وذلك بسبب تزايد الطلب عليه من قبل الشركات الأجنبية التي تسوقه في أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، كعنصر غذائي أو دوائي".
وبحسب مزارعين، فإن الدونم الواحد المروي من الزعتر، ينتج 2.5 طن في العام. أما غير المروي (الذي يسمى بعليا) فيُنتج 1.5 طن.
وتتركز زراعة الزعتر-بحسب اللحام- في شمال الضفة الغربية، وتحديدا في جنين وطولكرم وقلقيلية وطوباس، وأريحا شرقا.