للمرة الثالثة خلال نحو عشرة أيام من رمضان الجاري، ارتكب
مفتي مصر الدكتور
شوقي علام،
سرقة علمية من كتابات آخرين، ونسبها لنفسه، في مقال جديد يحمل اسمه، ولكن هذه المرة عن الداعية السعودي
عائض القرني!
ففي أحدث مقالاته بجريدة "اليوم السابع"، الجمعة 3 تموز/ يوليو 2015، تحت عنوان "تراحموا في شهر الرحمات"، اقتبس المفتي فقرات متفرقة من كتاب القرني: "دروس المسجد في رمضان" (صفحات رقم: 245 و246 و247)، ومقاله بعنوان "الرحمة في رمضان"، المنشور بجريدة "الشرق الأوسط" اللندنية، في عددها الصادر في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر2007، المأخوذ من كتابه المذكور.
وكان المفتي نقل عبارات كاملة في مقاله بالجريدة نفسها، تحت عنوان "نجحت لعلكم تتقون"، يوم 23 حزيران/ يونيو الماضي، السادس من رمضان 1436 هجريا، من كتاب "في ظلال القرآن" لصاحبه سيد قطب، وألف منها مقالا، ثم نسبه إلى نفسه، وهو ما اعترف به المفتي لاحقا، متهما "قطب" بأنه تسبب في تضليله!
ثم عاد علام في المرة الثانية، فنقل عن كتابات الداعية السعودي، الدكتور سلمان العودة، في مقال ثان له. أما هذه المرة فكشفت عنها صحيفة "المصريون".
الرحمة في رمضان
وقارنت "
عربي21" بين مقالة علام وما كتبه الدكتور عائض القرني، ووجدت أن المفتي يقول: "لأن الإنسان قد يفقد الرحمة لكثرة الذنوب والمعاصي، أو الطغيان بالمال والتكبر بالغنى، أو حتى كثرة الشبع الذي يورث البطر، لذلك فقد شرع الله رمضان لكي يكسر هذه الأشياء، ويهذب نفس المسلم".
والعبارة عند القرني تقول: "وقدْ فقد الإنسان الرحمة لأسباب كثيرة منها: كثرة الذنوب والمعاصي.. ومما يذهب الرحمةَ الطغيان بالمال، والتكبر بالغنى. ولعل من الأسباب في ضعف الرحمة كثرة الشبع، فإنه يورث الأشر والبطر، ولذلك جاء شهر الصيام ليكسر هذا الجموح".
وتابع المفتي: "الصائم يكون من أرحم الناس، لأنه ذاق ألم الجوع والعطش، وتحمل المشقة في صومه فرقت نفسه، وتاقت لرحمة المسلمين جميعا".
وهذه العبارة عند القرني كالتالي: "الصائم من أرحم الناس؛ لأنه ذاق الجوع، ووجد الظمأ، وعاش المشقة، فبدأت نفسه تتوق لرحمة المسلمين، والحنان إليهم، واللطف بهم".
واستطرد المفتي: "الرحمة مطلوبة من كل مسلم لأخيه المسلم، من الأب على أبنائه، ومن الراعي على رعيته، ومن الأستاذ على طلابه، ومن الإمام بالمأمومين، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما أطال معاذ بالناس، قال له صلى الله عليه وسلم: (أفتان أنت يا معاذ؟ أفتان أنت يا معاذ؟ أفتان أنت يا معاذ؟)".
وتابع: "فالرحمة مطلوبة من الداعية المسلم بالمدعوين، فينصح لهم بلطف، ويبين لهم بشفقة، فلا يفضح، ولا يجرح، ولا يشهّر بالناس، ولا يشنع بالعصاة على رؤوس الأشهاد لقوله تعالى موصيا موسى وهارون عليهما السلام في دعوتهما لفرعون: (فقولا له قولاً لينًا لعلّه يتذكر أو يخشى).
وهذه العبارة عند القرني كالتالي: "إن الرحمة مطلوبة من كل مسلم لأخيه المسلم، مطلوب من المسؤول الراعي أن يرحم رعيته، وأن يشفق عليهم، وأن يلين لهم. والرحمة تطلب من العالم والأستاذ بطلابه، فيرفق بهم. واسمع لقوله ـ سبحانه ـ مادحا رسوله ـ عليه الصلاة والسلام: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (آل عمران: 159)".
وتابع القرني: "الرحمة تطلب من الإمام بالمأمومين، فلا يشق عليهم، ولا يدخل الضرر عليهم، بل يكون رفيقا حكيما، صح عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه لما أطال معاذ بالناس قال له صلى الله عليه وسلم: (أفتّانٌ أنت يا معاذ؟ أفتّانٌ أنت يا معاذ؟ أفتّانٌ أنت يا معاذ؟)".
مطالب بإقالته
وكانت جبهة "علماء ضد الانقلاب" في مصر طالبت بفحص بحوث المفتي، وبحوث ترقيته العلمية لما بعد الدكتوراه (الماجستير والدكتوراه)، وقالت إنه لا يليق بهذا المنصب من تورط في سرقات علمية، وإنه بذلك يسيء للمنصب، فضلا عن تصديقاته على أحكام الإعدام الباغية، التي كانت سببا قدريّا في فضائحه تلك"، وفق بيان للجبهة.
وأكدت الجبهة أن المفتي لو كان عنده "أدنى مسؤولية وأقل مروءة ورجولة وشرف" لقدم استقالته على الفور بعد انكشاف سرقاته، "التي تمثل تجريسا لدار الإفتاء وتاريخها".
وطالبت صحيفة مصرية باستقالة المفتي، وأن يعتذر عن سرقاته.
وكتب أحمد رمضان الديباوي، بجريدة "المقال"، مؤكدا أن المفتي يرسي قاعدة تبيح وتجيز سرقة أفكار الغير، وآرائهم، بل طريقتهم في الكتابة، خصوصا في رمضان، ولو كنت مكان حضرة مفتي مصر لقدمت استقالتي فورا بعد اعتذار.
وكانت صحيفة "
عربي21"، من أوائل الصحف والمواقع الإلكترونية، التي كشفت سقوط شوقي علام، في ورطة تلك السرقات العلمية.
وأشارت صحيفة "المصريون" إلى أن المفتي اقتبس مقاله المنشور بصحيفة "الشروق"، بعنوان "للصائم فرحتان"، من كتاب "إحياء علوم الدين" للإمام أبي حامد الغزالي، وأنه نقل جزءا كبيرا من مقاله بعنوان "الدين المعاملة - منهج الصحابة في التيسير 2"، بتاريخ 17 نيسان/ أبريل 2015، الذي نشرته صحيفة "المساء"، من كتاب الدكتور عبد الله بن إبراهيم الطويل، بعنوان "منهج التيسير المعاصر".