قالت صحيفة الأخبار، التابعة لحزب الله، إن المملكة العربية الهاشمية في الأردن، هي "مغامرة مكلفة للأردنيين"، في إشارة إلى ما تواتر عن السعي الأردني لضم أجزاء من
سوريا والعراق تحت "الراية الهاشمية" التي أعيد رفعها مؤخرا.
وفي مقالة نشرها الكاتب الأردني ناهض حتر، على جزأين، بعنوان: "بهدوء: المملكة العربية الهاشمية"، قال حتر إن "المملكة العربية الهاشمية التي تضم جنوبي سوريا وغربي
العراق وما تيسر من الضفة الغربية قاب قوسين أو أدنى"، وسط مرحلة الفوضى الإقليمية واعتماد المرجعيات الإسلامية المذهبية، ما يمثل فرصة العمر الهاشمية.
وقسم الكاتب اليساري المسيحي الجزء الأول من المقالة إلى خمسة أجزاء: الوقائع، والمشكلات التي تبدو بلا حل، والأزمة السنية السياسية، وعناصر القوة الهاشمية، وفكرة المملكة الهاشمية.
وحول الوقائع، قال حتر، المعروف بمواقفه المؤيدة لإيران والأسد، والمعادية للإسلاميين، إن القسم الرئيسي من اللاجئين والنازحين الفلسطينيين، والقسم الرئيسي من "الدياسبورا العراقية السنية"، والقسم الرئيسي من اللاجئين والمقيمين السوريين السنة، الذين يصل عددهم بالمجمل إلى سبعة ملايين، مقيمون في الأردن، وتحولوا إلى الاندماج، على حد قوله.
أما حول المشكلات فقد قال حتر، إن هناك أربعة استعصاءات في المنطقة: الاستعصاء الأردني المتمثل بالانشطار السياسي بين الأردنيين والأردنيين الفلسطينيين والعجز المالي المستمر، والاستعصاء الفلسطيني المتمثل في الفشل الكامل لمشروع الدولة، والاستعصاء العراقي المتمثل في الانشطار المذهبي وفشل دمج السنة، والاستعصاء السوري المتمثل في تمرد مسلح شائك فشل في التعبير عن نفسه سياسيا.
أما الأزمة السنية، فقد اعتبرها حتر منقسمة بين "الراية الوهّابية والراية الداعشية، أي بين مرجعيتين متطرفتين، مصدرهما المذهبي الفقهي واحد، وعنوانه التكفير وتطبيق الحدود الشرعية، بينما الجزيرتان الصغيرتان الباقيتان (حماس الإخوانية في غزة والمستقبل الليبرالي في لبنان) لا يمكنهما أن تحملا مشروعا إقليميا"، على حد تعبيره.
أما قوة الممثل السني الثالث في الهلال الخصيب، العائلة الهاشمية، فهو أنها "تملك شرعية دينية بالنسب إلى آل البيت، وتملك دولة وجيشاً، وتحالفاً متيناً مع الولايات المتحدة، ومعاهدة مع إسرائيل، وغرفة العمليات الدولية الأساسية التي تدير الحرب بعشرة آلاف مسلّح (جيش السي آي إيه) في جنوبي سوريا، والنفوذ المتراكم في غربي العراق، والذكرى التاريخية لشرعية إمارة الحجاز".
واعتبر حتر أن المملكة الهاشمية ستحل كل هذه المشكلات، موضحا أن الخطوات القادمة هي: الاستعادة الاحتفالية للراية الهاشمية، ثم إشارات الثأر، وبعدها التصعيد الميداني في جنوبي سوريا، والتهديدات العسكرية الغامضة حول "نفاد الصبر"، والسعي للتدخل في السويداء، وأخيرا، الشروع في نشر مقالات بالونات الاختبار.
أما عن الاستعدادات لذلك، فقد اعتبر الكاتب الأردني أن ما تنتظره ضوءا أخضر أمريكيا، ليست لـ "المملكة العربية الهاشمية"، لكن "لتوريط القوات الأردنية في جنوب سوريا وغرب العراق"، موضحا أن هذه العملية لا تحتاج إلى زج الكثير من القوات، بل إلى كتائب مغاوير واتصالات وقيادة ميدانية لإدارة المعارك لمسلحي "سي آي إيه"، والعشائر، انطلاقا من الحدود الأردنية ــ السورية، والأردنية ــالعراقية.
غير قابلة للتحقق
وأوضح الكاتب بعد المقدمة أن هذه الفكرة غير قابلة للتطبيق، لأن المنطقة تخضع لموازين القوى الرئيسية الفاعلة، التي ليست عمّان بينها، كما أن القوتين العربيتين السنيتين -السعودية ومصر- لن تقبلا بقوة سنية ثالثة تنافسهما.
وتابع الكاتب بأن القسم الغربي من العراق هو مجال أمني واقتصادي حيوي لبغداد وطهران، ولن تفرقا به خارج الهيكلية العراقية، كما أن جنوب سوريا مرتبط بالصراع مع إسرائيل.
كما اعتبر الكاتب، أنه "ليس بإمكان الدولة السورية أن تتقلّص دون أن تسقط وتتشظّى؛ فكل التخيلات عن قبول هذه الدولة بالانكفاء على أساس جغرافيا اجتماعية أو طائفية، ليست سوى تخيّلات ناجمة عن عدم ادراك الكينونة الوطنية ومرجعية الشرعية للجمهورية العربية السورية التي يمثلها نظام وطني متجذر"، بحسب تعبير الكاتب المعروف بتأييده للنظام السوري وإيران.
وأوضح الكاتب أن "المملكة العربية الهاشمية" مشروع سياسي جدي يتصل بتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن ولحساب إسرائيل، إذ إنها ستعمل على توطين الفلسطينيين، وتحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأشار الكاتب إلى أن القاعدة الاجتماعية سترفض هذا المشروع، خصوصا أنها لا زالت مرتبطة بالحراك الشعبي، الذي لم تزل أسبابه أو تتحقق مطالبه، لكنه "انكفأ، واعياً، أمام الخطر المتمثل في الإخوان المسلمين، ومشروعهم الجوهري القائم على تعديل قانون الانتخابات لمصلحة الأردنيين من أصل فلسطيني، وإعادة ارتباط الضفة الغربية في الأردن، وإحلال الهوية الدينية الجامعة، محل الهويتين الوطنيتين في البلاد"، بحسب حتر.
وأوضح حتر أن تحقيق "هذه المغامرة" سيؤدي إلى "انفجار السلم الأهلي، والتحول من الهوية الوطنية المدنية إلى الهوية الدينية، والتعاون مع مليشيات مسلحة متمردة وإرهابية، وسيتفاعل وسط تمرد فلسطيني وأردني وانتفاضة اجتماعية، وتفاقم الأزمة المالية والاجتماعية والاقتصادية".
واختتم حتر مقاله، بجزأيه، بالقول إن "رأسمال المملكة الأردنية هو الاستقرار. وقد يتوهّم مَن يخططون في غرف بعيدة عن الواقع بأن ذلك الاستقرار من صنعهم، دون أن يحسبوا أنه ناجم عن معادلة معقدة حساسة، محلياً وإقليمياً ودولياً. وأي اهتزاز رئيسي لهذه المعادلة، من شأنه أن يضع البلاد في مهب الريح".