نشر موقع "
الجزيرة" الإنجليزي مقالا لكلايتون سويشر، حول القائد الجديد لتنظيم
القاعدة، حيث يقول إن الكثير يتساءلون عن الاتجاه الذي سيأخد التنظيم إليه.
ويبدأ الكاتب مقاله بالقول إن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أكد مقتل قائده الأعلى ناصر
الوحيشي في هجوم بطائرة دون طيار في حضرموت الأسبوع الماضي. ولم يهدر التنظيم أي وقت في الإعلان عن ترقية قائده العسكري قاسم
الريمي ليصبح قائدا للتنظيم.
ويقول سويشر إن الفيلم الوثائقي الذي عرض على قناة "الجزيرة" مؤخرا بعنوان "مخبر القاعدة"، يمنحنا رؤى جديدة، ويلمح إلى الادعاءات المذهلة حول احتمال أداء الريمي دورا مزدوجا داخل التنظيم.
ويشير الموقع إلى أن الوثائقي قدم شهادة العضو السابق في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هاني
مجاهد، الذي عمل أيضا مخبرا للمخابرات اليمنية، وقد وصف مجاهد الريمي بأنه "صنيعة مكتب الأمن الوطني اليمني".
ويبين التقرير أن "مجاهد" مثل الريمي، كان يمنيا إنضم لتنظيم القاعدة بين عامي 1998 و2002، وأصبح مجاهد قريبا من الريمي والوحيشي؛ حيث حارب جنبا إلى جنب معهما في أفغانستان.
ويذكر الكاتب أن "مجاهد" قد هرب عام 2002 إلى باكستان، حيث تم اعتقاله والتحقيق معه لأشهر عام 2004، وتم ترحيله إلى اليمن، حيث سجن لمدة عامين. كما أن الريمي والوحيشي سجنا حتى هربا من السجن من خلال نفق حفراه عام 2006. وفي الوقت ذاته خرج مجاهد وإنضم إلى رفاقه، وبدأ بالإخبار عنهم.
ويلفت الموقع إلى أن أهم تهمة كانت في ذلك الوثائقي هي العلاقة بين الريمي والعقيد عمار محمد عبد الله صالح، الذي كان مسؤولا عن هاني مجاهد، وكان الرقم الثاني في المخابرات اليمنية، وابن أخ الرئيس آنذاك علي عبد الله صالح.
ويوضح التقرير كيف وصف مجاهد لقاءه بالعقيد صالح في إحدى المرات، لإطلاعه على ما في جعبته من أخبار بخصوص اجتماع سري ثلاثي في محافظة شبوة بينه وبين الوحيشي والريمي، ويقول إنه نسي أن يذكر بعض تفاصيل حديثهم. وفاجأه العقيد صالح بقوله: "نسيت أن تذكر كذا وكذا وكذا".
وقال مجاهد: "ذكرني بالقصة كاملة، الأمر الذي أذهلني؛ لأنه لم يكن في ذلك الاجتماع سوى أنا وأبي هريرة وأبي بصير. فكيف عرف عمار محمد عبد الله صالح هذا؟ فقال لي بوضوح: أنظر، أترى هذا الكرسي الذي تجلس فيه الآن؟ كان يجلس فيه أبو هريرة قبلك".
ويورد سويشر أن "مجاهد" بدأ بعدها بالتفكير إن كانت مواصفات الريمي تتطابق مع شخصية المخبر، فهو على عكس نائبه الوحيشي، الذي كان هادئا وتقيا ومتواضعا ويتكلم بصوت ممنخفض. فإن "الريمي يحب المزاح، وهو دائما مبتسم، ولكنه يكون أحيانا مزعجا، ويحاول أن يستفز الآخر".
وبدأ مجاهد يتساءل إن كان الريمي يعمل حقيقة مخبرا للحكومة مثله، ولأسباب واضحة لم يكن هذا سؤالا يستطيع أن يوجهه إليه.
ويذكر الموقع أن "مجاهد" حصل على الأدلة التي يحتاجها مع مرور الوقت، ومن خلال التعامل مع العقيد صالح، واعترف بأنه حمل نقودا من العقيد صالح للريمي بمعرفة صالح التامة، حيث قال له صالح أن يبلغ الريمي أن النقود جاءت من مؤسسة خيرية محلية.
وينوه التقرير إلى أنه بالنسبة لمجاهد، فقد انكشف قناع التعاون بين الريمي والحكومة اليمنية قبيل هجوم 17 أيلول/ سبتمبر عام 2008 على السفارة الأمريكية في صنعاء، الذي ذهب ضحيته 19 شخصا.
ويفيد الكاتب بأنه في الشهور التي كان يتم التخطيط للعملية، ذهب مجاهد إلى العقيد صالح ليخبره بأن تنظيم القاعدة يحتاج إلى متفجرات، ويقول مجاهد إن العقيد عمار رتب له موضوع المتفجرات، وطلب منه أن يقول للريمي إن شيخا في محافطة خولان سيمدهم بالمتفجرات اللازمة.
ويرى سويشر أنه في ضوء وفاة الوحيشي، وصعود الريمي ليقود أخطر فرع من فروع تنظيم القاعدة، فإنه يصبح من الضروري مراجعة شهادة مجاهد، وخاصة ما لم يدخل منها في الإنتاج النهائي للفيلم.
ويورد الموقع أن "مجاهد" قد أشار إلى "الجزيرة" أنه في عام 2014، تمت تصفية عدد من القيادات عن طريق ضربات الطيران دون طيار، باستثناء الريمي، الذي نجا بأعجوبة من عدة غارات للمخابرات اليمنية، وحتى ضربات صواريخ الكروز. ويقول مجاهد إن الريمي لم يصب بأذى؛ لأنه كان يتعاون مع حكومة علي عبد الله صالح طيلة الوقت.
ويقول الكاتب: "قاسم الريمي ينحدر من قبيلة ريما، كيف يمكن لهذا الرجل أن يتجنب القتل؟ من الصعب لرجل أن يكون من قبيلة ويعيش في كنف قبيلة أخرى دون أن يكتشف أمره من شكله ومن لهجته، فعندما تكون غريبا عن القبيلة تصبح هدفا سهلا للأمريكيين، أبناء القبيلة يمكنهم التخفي، وفي الواقع فإن الكثير من القيادات التي لم يستطع علي عبد الله صالح احتواءها، تمت تصفيتهم بالطائرات دون طيار أو بنصب الكمائن لهم".
ويضيف سويشر: "أنا أعرف شبابا كثيرين عرض عليهم العمل مع المخابرات، ولكنهم رفضوا، ونتيجة لذلك تمت مضايقتهم بشكل كبير من المخابرات، واضطروا للذهاب إلى أبين أو حضرموت، حيث تمت تصفيتهم بالطائرات دون طيار، على اعتبار أنهم قيادات في تنظيم القاعدة، ويشكلون خطرا على أمريكا".
ويتابع الكاتب بأن "كثيرا من شباب تنظيم القاعدة القدامى كان لديهم شك حول قاسم الريمي، ويتحدثون عن تلك الشكوك. وبعض أولئك الشباب كانوا مقربين من الشيخ أسامة بن لادن، ولذلك كان هناك عداء قوي بين الشباب في تعز وفي صنعاء وبعض المحافظات -وهؤلاء هم الشباب القدامى-، وبين قاسم الريمي، ووصل الأمر إلى حد تهديد بعضهم البعض بالقتل".
ويتساءل سويشر: "لماذا؟ لأنهم مقتنعون بأن الرجل يلعب مع تنظيم القاعدة لعبة
استخباراتية، وأدركوا أن لديه علاقة مع عمار محمد عبد الله صالح".
ويذهب الموقع إلى أن "الجزيرة" قد تمكنت من التأكد من صحة ادعاءات مجاهد في أفغانستان وباكستان، مستدركا بأن ادعاءاته خلال فترة عمله في اليمن تبقى مجرد ادعاءات، ويقول الكاتب: "لا ندري إن كان مجاهد يكذب أو ينمق أو يصفي حسابات، أو حتى كما علق مسؤول أمني قديم: كان (ضحية لعقلية تآمرية)".
ويرجح التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن يكون الريمي قد نجا في هذه السنوات كلها، بسبب أسلوب تفكيره، وهذا يعني أن الريمي جزء من لعبة ثنائية حفظته من الاعتقال، ومن غارات الطائرات دون طيار خلال هذه السنوات كلها، مشيرا إلى أنه على أرض الواقع كان الوحيشي زعيما صوريا لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وكان الريمي هو القائد الفعلي.
ويتساءل الكاتب: "هل كان مقتل الوحيشي هو قمة الصراع على السلطة؟ وهل تم إعطاء مكانه لمنافس له في التنظيم ذاته، أو ربما للأمن الموالي لعلي عبد الله صالح؟".
ويجد سويشر أن هذه ادعاءات لا تكاد تصدق، وتبدو صعبة التخيل من حيث مدى الجرأة، مستدركا بأنها ليست غريبة في عالمنا اليوم، ولذلك تستحق هذه الأسئلة المزيد من التحري.
ويبين الموقع أن "مجاهد" قد أبدى استعداده للإدلاء بشهادته أمام منظمة دولية، ومنذ بث الوثائقي في 4 حزيران/ يونيو، أعاد المدعي العام الإسباني فتح ملف هجوم تنظيم القاعدة عام 2007 بمحافظة مأرب، حيث قتل سبعة إسبانيين، وقام رئيس اليمن في المنفى بإقالة عمار محمد عبد الله صالح من منصبه الدبلوماسي في أثيوبيا، حيث يقال أنه فرّ بعدها إلى الإمارات.
ويرى الكاتب أنه يجب إجراء تحقيق مع مجاهد والمسؤولين اليمنيين الذين وردت أسماؤهم في الوثائقي؛ للتأكد من كون الريمي عنصرا تستفيد منه الحكومة، أم هو مجرد مخبر للحكومة، لافتا إلى أنه لقرب العقيد صالح من المخابرات الأمريكية خلال السنوات التي كانت فيها اليمن شريكا في الحرب على الإرهاب، فإن الغرب قد لا يريد أن يعرف الأجوبة عن هذه الأسئلة أصلا.
ويخلص الكاتب إلى القول بأن "ضحايا تنظيم القاعدة يرغبون في معرفة الإجابة عن تلك الأسئلة، وكذلك قيادات تنظيم القاعدة، الذين اغتالهم الطيران الأمريكي، بينما نجا الريمي، أظن أنهم يريدون معرفة الجواب".