مقالات مختارة

الفريق شفيق.. والمصادر المجهلة

1300x600
في برنامجها «صالة التحرير» على قناة صدى البلد، سألتني الإعلامية عزة مصطفي في السادسة والنصف من مساء الأحد الماضي أكثر من سؤال ملخصه: ما الذي يضمن لنا أن ما جاء في مانشيت «الشروق» صباح الاثنين الماضي صحيح فيما يتعلق بالرسالة «غير المباشرة» التي أرسلتها الحكومة المصرية للفريق متقاعد أحمد شفيق في منفاه بأبوظبي وخلاصتها: لا عودة الآن ولا ممارسة للسياسة؟!.

في اليوم التالي سألني السؤال ذاته بصيغ متعددة الزميلان العزيزان عمرو أديب ورانيا بدوي في البرنامج الجماهيري «القاهرة اليوم» على قناة «أوربت»، وكذلك الزميل سيد على قناة العاصمة.

قلت للزملاء والأصدقاء إن الذي يضمن ذلك هو مصداقية «الشروق» ومصادرها، والمهنية العالية لكاتبة القصة الزميلة دينا عزت، وأن كثيرين شككوا في العديد من قصص «الشروق» المهمة ثم تبين في النهاية أنها صحيحة.

هناك أخبار صحفية مثل هذا المانشيت لا يمكننا أن ننسبه إلى شخص أو مسؤول محدد ليخرج ويقول: «لقد أبلغنا الفريق أحمد شفيق بعدم رغبتنا في عودته مرة أخرى على الأقل هذه الأيام.. هذا لن يحدث أبدا».

والذين يسخرون من حكاية المصادر المجهولة أو غير الٌمعّْرفةِ أو المطلعة أو التي رفضت ذكر اسمها نقول لهم إن هذا الأسلوب متبع في كل صحف العالم المحترمة وفي غالبية صحفنا.

الفارق فقط هو أننا نرحب بها إذا صادفت هوانا وننتقدها بشدة إذا تعارضت مع ما نحب.

في عز حكم الإخوان نشرت «الشروق» في صفحتها الأولى مانشيت يقول "إن مصدرا مهما رفض محاولات الجماعة لأخونة الجيش.. وأن المشير السيسي وزير الدفاع وقتها لم يكن يحبذ السفر مع مرسي إلى باكستان". يومها غضب الإخوان فقط من القصة، وتقبلها كل من ينتقدنا اليوم بشراسة.

وقبل سقوط الإخوان بأيام نشرت قصة باسمي منسوبة لمصدر مطلع عن سيناريو ما بعد الإخوان في حال رفضوا الاستجابة للانتخابات المبكرة، وأيضا لم يتحدث أحد يومها عن المهنية!!!.

وقمت بتذكير الزملاء بقصة نشرتها باسمي أيضا قبل شهور عن رسالة محددة خرجت من جهة رسمية إلى رجل الأعمال البارز أحمد عز تنصحه بالابتعاد عن العمل السياسي. وقتها هاج كثيرون وماجوا، وخرج زملاء صحفيون يوجهون لي لوما كبيرا بأنني «مفبرك كبير»، وتبين لاحقا أن الخبر صحيح.

ومساء الخميس الماضي، وقبل أن ننشر القصة، قلت هذا الكلام أيضا ردا على سؤال الصديق خيري رمضان في برنامجه الأكثر تميزا «ممكن» على «سي بي سي» بصحبة الأصدقاء ياسر رزق ومحمد عبد الهادي ومجدي الجلاد.

ينسى كثيرون أيضا أن أشهر خبطة صحفية عالمية تمت بهذا الأسلوب، وهي فضيحة ووترجيت في أوائل السبعينيات، التي أطاحت بالرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون بعد اكتشاف التجسس على مقر الحزب الديمقراطي. 

في هذه القصة فإن الصحفي الشهير بوب وودوارد لم يذكر اسم مصدره الذي أعطى له تفاصيل الفضيحة، وكان له اسم كودي هو «الحنجرة العميقة» ولم نعرف اسم هذا المصدر إلا بعد أربعين سنة من نشر القصة، بناء على طلبه.

مثل هذه الأخبار لا يمكن كشف مصدرها، لكن يمكن الحكم على مصداقية الجريدة بصفة عامة.!!

قلت لهم وأكرر اليوم إن قصصنا الصحفية مثل كل مثيلاتها في العالم على عهدة أصحابها الذين يتحدثون، ولا تعبر عن أمانينا أو مواقفنا، وبالتالي، لا تحاكمونا نحن، وانتظروا الوقائع والأيام كي تتحققوا من صحتها أو ساعدونا لنقنع الحكومة بإصدار قانون حقيقي لحرية المعلومات وترسيخ حرية الرأي.

الأمر ليس شخصيا، ونسعى قدر الإمكان للعمل طبقا لأصول المهنة فقط، والدليل أننا نشرنا رأى حزب الحركة الوطنية، ورئيسه يحيى قدري الذي يرد فيه على مانشيت «الشروق» من دون أي تدخل.

لا نحكم أو نشكك في وطنية أحد، نحن ننشر أخبارا منسوبة لمصادر معلنة حينا ومجهلة حينا أخر لشح المعلومات وخوف المصادر.

والصحيفة تفتح صفحاتها لآراء الجميع، وأولهم الفريق شفيق وحزبه وقادته، ليردوا أو يعلنوا مواقفهم كاملة.



(نقلا عن صحيفة الشروق المصرية)