كتب صالح الشايجي: اضطرت مذيعة
لبنانية، إلى طرد أحد ضيوفها وإخراجه من برنامج على الهواء، بسبب تعمده إهانة شعوب دول الخليج ووصفهم بـ "
البدو"!
حاولت المذيعة مرارا ثنيه عن إطلاق الإهانات ولكنه واصل إكالته تلك النعوت والصفات التي يرى فيها إساءة لنا، وحين لم يفد معه أسلوب الرجاء والتمني، لم تجد بدّا من طرده، فقام غاضبا ملقيا أجهزة السمع والحديث المركبة له أرضا، وخرج مزمجرا حانقا!
هي ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يتم فيها تصنيف شعوب دول ست تعدادهم بعشرات الملايين على أنهم "بدو" وما يتشابه مع ذلك من صفات.
وفي رأيي أن من يطلق تلك الصفات أو ما شابهها على أي تكوّن بشري أو على مجتمع من المجتمعات، هو جاهل بالضرورة ومتحامل وكاره وحاقد، يقوده ضعفه إلى معاكسة ما يراه وإلى اعتناق ما يعشش في خياله الأسود.
ولست معنيا فيما أكتب بهذا الشخص أو كل من يحمل تلك الضغينة السوداء ضد شعوب الخليج، ولكنما أنا معني بالحقيقة والواقع ومحاولة تفسير ماذا تعنيه "البداوة" التي يظنها البعض شائنة تشين صاحبها أو نقيصة فيه تنقص من قدره، ولعمري هي ليست كذلك في نقائها وصفائها وواقعها.
"البداوة" مرحلة زمنية عاشتها الشعوب جميعا، وكل المجتمعات كانت بدائية أو بدوية، حتى الفرحون بأنهارهم وجبالهم وسهولهم الخضراء هم بدو وليس سكان الصحارى راكبي الجمال وشاربي حليب نوقها هم البدو وغيرهم مدنيون حضاريون متحضرون.
و"بداوة" الخليج ـ لا غيرها ـ هي التي أوقفت حربا لبنانية مدمرة استمرت خمسة عشر عاما، وكذلك هي التي تضخ الأوكسجين في رئة لبنان كلما شفط بعض أهله أوكسجينه وليس ذلك من باب المنّة والتفضل ولكن من باب تذكير المدعي الذي أساء لبلده الذي يعيش على أنفاس البدو، فقد صنف بلده بأدنى من البدو.
أحد مظاهر "البداوة" طغيان الفئوية والعشائرية في المجتمع، ولبنان هو الأوضح بامتياز في هذه الصورة الجلية التي لا تنافسه فيها دول الخليج.
ولست أقول ذلك شامتا في لبنان الذي أحب، ولكن لأعطي ذلك المتقول درسا في معنى البداوة. ولو تخلص لبنان من ذلك الدعي ومن صيره على هذه الشاكلة، لكان الأكثر تحضرا وهو كان كذلك قبل أن يبتلى بهذا القطيع الذي مأمأ منه هذا الممأمئ!
(نقلا عن الأنباء الكويتية- الاثنين 25 أيار/ مايو 2015)