ملفات وتقارير

كيف أطاحت "معان" بقادة الأمن الأردني؟

تعيش معان منذ عقد من الزمن أزمة أمنية ذات خلفية فكرية - عربي21
رأى مراقبون تحدثوا لـ"عربي21" أن الأحداث الأمنية الأخيرة التي حصلت في مدينة معان (جنوبا) كانت السبب الرئيس في إقالة وزير الداخلية الأردني حسين المجالي، وإحالة كل من مدير الأمن العام الفريق توفيق الطوالبة، ومدير جهاز الدرك اللواء أحمد السويلمين إلى التقاعد، كما أكد البعض وجود خلافات داخلية بين الأجهزة الثلاث كانت قد طفت على السطح مؤخرا عمقت من الأزمة الأمنية الأردنية.

وقال الكاتب والمحلل الأردني عمر عياصرة إن الإقالات الأخيرة كانت مرتبطة بملف معان تحديدا، حيث استخدمت "قسوة كبيرة" أدت إلى تدمير بعض البيوت، واعتداء واسعا على الأهالي "دون فائدة".

وأضاف عياصرة في حديثه لـ"عربي21" أنه كان هناك إصرار كبير لدى صانع القرار في الأردن، على ضرورة القبض على المتهمين بالاستيلاء على سيارة تتبع لجهاز لمخابرات العامة، وهو الأمر الذي باء بالفشل.

وتجدد التوتر في معان بعدما سرق اثنان من المطلوبين الأسبوع الماضي سيارة تتبع للمخابرات، وأحرقوها في الشارع العام، واتهم هؤلاء أيضا برفع العلم الخاص بـتنظيم الدولة على مقدمة السيارة.
  
وتعيش مدينة معان الجنوبية منذ عقدين من الزمن أزمة أمنية ذات خلفية فكرية، بعد توسع الحاضنة الشعبية للسلفية الجهادية المناهضة للحكومات العربية، وانتشار المؤيدين لهذا الفكر، فضلا عن أنها تعيش ظروفا اجتماعية صعبة وسوء أحوال معيشية، عمقت من الفجوة بين الحكومة وأهالي المدينة.

من جهته اتهم رئيس بلدية معان، ماجد الشرايري، القيادات الأمنية بتأزيم الأوضاع في المدينة وفي الأردن بشكل عام.

وقال الشرايري في حديث لـ"عربي21" إن "الانتهاكات التي تمت بحق المواطنين الأردنيين وقتل عدد  من المطلوبين وغير المطلوبين أجج مشاعر الغضب عند الأهالي، مؤكدا "ضرورة عرض أي متهم على القضاء ليحكم عليه، وليس التصفية الميدانية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية".

وتساءل الشراري عن "الدقة والمهنية" لدى الأجهزة الأمنية بعدما دمرت بيوتا بشكل عشوائي تعود للمتهمين ولغيرهم، فضلا عن الاعتداء على أحد دواوين العشائر.

وفور إعلان الإقالة، خرج عدد من أهالي معان في مسيرات ومواكب سيارات، توزع الحلوى فرحا.

"القشة التي قصمت ظهر البعير"

من جهته رأى المستشار السياسي لصحيفة الغد الأردنية فهد الخيطان أن معان هي نهاية القصة، فـ" هناك سلسلة من الأخطاء والتراكمات وسوء التنسيق، وسوء المعالجة لبعض الملفات الأمنية، دفع بصاحب القرار لاتخاذ التغيير".

وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن هناك خلافات كبيرة بين مدير الدرك ومدير الأمن العام، وبين وزير الداخلية ومدير الأمن العام، وهو الأمر الذي دفع إلى التغيير.

وقال إن التغييرات الجديدة ستنعكس على أداء الأجهزة الأمنية "بفرض سلطة القانون وهيبة الدولة، وتعامل الأجهزة بحرفية أكثر وبحسم أكبر لأي تجاوزات".

ويرى الخيطان أن الهدف والرسالة هي أن الملك لا يتسامح ولا يتهاون في معالجة أي ملف يتعلق بالأمن والاستقرار الداخلي، فالأمن الداخلي والاستقرار هو ميزة الأردن.

ويتفق مع الخيطان، العياصرة الذي أكد أن الفترة المقبلة ستشهد تشديدا أمنيا أكبر، لكنه سيكون أكثر تركيزا ودقة، مع استخدام نفس القوة أو أكبر، "لأن القوة المفرطة لم تكن عائقا فلها ضوء أخضر من المخابرات، إنما نتيجتها الفاشلة كانت المشكلة".

يذكر أنه جاء في بيان رئيس الوزراء الأردني أن العاهل الأردني عبدالله الثاني قبل استقالة وزير الداخلية حرصا منه على ضرورة ترسيخ سيادة القانون، وتعميق مبدأ الأمن للجميع، و"عدم التهاون مع من تسول له نفسه العبث بالمبادئ التي قامت عليها هذه المملكة المستقرة، أو الاعتداء على ممتلكات الدولة والمواطنين الآمنين، أو المحرضين على الفتن والنعرات".

وأضاف البيان أن التغيير جاء "حرصا على التنسيق المحكم بين كل الأجهزة العاملة على أمن الوطن والمواطن، والعمل كفريق واحد ضمن أحكام الدستور والقوانين والأنظمة التي تحكم الجميع في هذا البلد، وبأعلى درجات الكفاءة والفعالية".