سياسة عربية

من الذي ورط السيسي مع "أبو تريكة"؟

يرى الكثيرون أن اتهام أبو تريكة بانتمائه للإخوان سينعكس بالإيجاب على الجماعة - أ ف ب
ما زالت ردود الفعل الغاضبة في مصر تجاه عبد الفتاح السيسي تتوالى من مؤيديه قبل معارضيه، بسبب قرار التحفظ على أموال لاعب كرة القدم صاحب الشعبية الجارفة محمد أبو تريكة، والذي يرى مراقبون أنه أغبى قرارات قائد الانقلاب، حتى الآن.

وعلى غرار ملايين المصريين والعرب الذي تعاطفوا مع أبو تريكة، فقد شمل التضامن معه سياسيين وإعلاميين ورياضيين ومشاهير من كل الانتماءات السياسية، باستثناء نفر قليل ممن عرفوا بتأييدهم الأعمى للسيسي.

ولم يعد السؤال الآن هو "هل تورط السيسي مع أبو تريكة؟"، بل إنه أصبح: "من الذي الذي ورط قائد الانقلاب في هذه المواجهة الخاسرة؟".

ورطة السيسي

وفي مشهد لم يره المصريون منذ سنوات طويلة، فقد امتد التضامن مع أبو تريكة من حزب النور السلفي في أقصى اليمين الإسلامي، إلى الشباب الملحدين، مرورا بقادة الإخوان المسلمين، وتمرد، وأمهات الشهداء، بل إنه شمل مسؤليين في النظام نفسه.

ويقول مراقبون إن السيسي أمامه طريقان لا ثالث لهما للتعامل مع هذه الورطة؛ فإما الاستمرار في تحدي الملايين من عشاق أبو تريكة الذي يرون في مصادرة أموال اللاعب ظلما بينا، وبالتالي خسارة للمزيد من مؤيدي الانقلاب، أو التراجع عن القرار ليظهر في صورة الرئيس الضعيف الذي انهزم أمام لاعب كرة، والمسؤول الذي يتخذ قرارات غير مدروسة رغم خطورتها وتهديدها لحياة الناس وسمعتهم.

ومن أكثر الأمور التي أثارت السخط على السيسي أن التحفظ على أموال أبو تريكة جاء مناقضا لبراءة رموز نظام مبارك من القضايا التي اتهموا فيها، رغم تأكد الجميع في مصر من فسادهم.

وذهب البعض إلى أن هناك "جهة ما" تتلاعب بالسيسي، حيث إنه تم إعلان التحفظ على أموال أبو تريكة في اليوم نفسه الذي استقبل فيه السيسي الإثيوبيين العائدين من ليبيا، وهو الموقف الذي أراد السيسي أن يظهر فيه بمظهر الرئيس القوي، ذي اليد الطولى الذي يتدخل لينقذ الأبرياء من يد الإرهاب الخارجي، وبطبيعة الحال فقد تحول كل الانتباه من خبر إنقاذ السيسي للإثيوبيين إلى متابعة تطورات أزمة "أبو تريكة" الملقب بـ"أمير القلوب".

السيسي Vs أبو تريكة

ويعتقد كثيرون أن السيسي تم توريطه في هذا الأمر لكشف شعبيته الحقيقية، فقد بات الناس في الشارع يقارنون بين الرئيس الذي يرسم لنفسه صورة القائد والزعيم والملهم وبين أبو تريكة لاعب الكرة.

من جانبه، قال الصحفي وائل قنديل في مقال له السبت، إن "هذا القرار يعد هدية مجانية من السيسي لمعارضيه، يجب أن تُدرَّس على أنها نموذج للغباء السياسي، بالتحفظ على أموال أبو تريكة، صانع السعادة للجماهير في السنوات العشر الأخيرة"، مضيفا أن "لدى أبو تريكة أكثر من ستين مليونا من المحبين الحقيقيين، لا 33 مليونا افتراضيين، صنعتهم سينما المخرج إياه. "أبوتريكة" هو الشرعية، بينما "أبو فلاتر" هو عنوان القرصنة". 

وقال الصحفي أحمد سمير: "لو السيسي ربنا كرمه بعد عشرين سنة، وعمل عاصمة جديدة وقناة سويس ونهر نيل جديد والهسس (التخريف) ده، برضه حيفضل أبو تريكة أهم منه، والناس بتحبه أكتر منه".

وقالت "زنوبيا" - المعروفة بعدائها للإخوان المسلمين: "يا غجر ده أبو تريكة اسمه معروف في أفريقيا، ومحبوب عند أي مصري من أيام عبد الناصر، في ناس جوه أفريقيا مش عارفين اسم رئيسكم لكن عارفين أبو تريكة".

وكتبت فاطمة توفيق على تويتر تقول: "يا نظام فاشل.. ده أبو تريكة لو اترشح للرئاسة هايفوز على الأقل بـ90%".

خدمة للإخوان

وعلى الرغم من الاتهامات الحكومية لـ"أبو تريكة" بالانتماء للإخوان وتمويل عملياته الإرهابية، فإن ذلك لم يمنع الملايين من تجاهل هذه الاتهامات وإعلان التضامن معه في وجه السيسي.

وهاجم الإعلامي خيري رمضان - المؤيد للانقلاب - القرار قائلا إن أبو تريكة لم يمول الإرهاب، موضحا أن التحفظ على أمواله يعد أكبر خدمة قدمتها الدولة للإخوان، مضيفا أن "أبو تريكة محبوب من كل المصريين وليس الإخوان فقط، والشباب ترى فيه القدوة والنموذج، وعندما تقول لهم إنه إخواني، سيقول الشباب "طب مالإخوان فيهم ناس حلوة وراقية أهه".

وسخر الصحفي تامر أبو عرب من الاعتقاد بأن اتهام أبو تريكة بالانتماء للإخوان سيجعل الناس تنفض من حوله، فكتب يقول: "انت فاكر إنك لما تقول على أبو تريكة إخوان الناس هتكرهه؟ بالعكس.. أبسولوتلي.. دول هيحبوا الإخوان". 

وتضامنت الصحفية ياسمين محفوظ - المعارضة للإخوان - مع أبو تريكة فقالت: "والله لو أبو تريكة ابن المرشد نفسه، عمر ده ما هيغير حبنا له، بنحبك يا أبو تريكة رغم أنف الكارهين".

وقال الصحفي محمود سلطان في مقال له السبت: "بينما السيسي يسعى لجذب الاستثمارات الأجنبية، اتخذت الحكومة قرار التحفظ على أموال أبو تريكة لتقول للمستثمرين إنه ليس ثمة ضمانات تحمي أموالكم من المصادرة، فمن يجرؤ على الاستثمار فى مثل هذه الأجواء المخيفة والمفزعة في مصر؟".