صادقت الحكومة الموريتانية على مشروع قانون يتعلق بمحاربة الرق والقضاء على مخلفاته. ويَحُل هذا القانون الجديد محل قانون سنة 2007، الذي كان أول قانون يُجرم العبودية ويُعاقب من يمارس الاسترقاق.
ومن المقرر عرض مشروع القانون الجديد على البرلمان الموريتاني في دورته العادية في حزيران/ يونيو المقبل، تمهيدا لدخوله حيز التنفيذ.
ويرى المتخصص في الشؤون الأفريقية خالد الشكراوي، أن القانون الجديد لحظة مهمة في المشهد الحقوقي بموريتانيا، إلا أن وحده لا يكفي، خصوصا مع ما تعيشه موريتانيا من إرث تاريخي قديم بخصوص الرق والعبودية، وسيطرة النظام السياسي الحالي، مع سوء الحوكمة.
وأضاف الشكراوي، في حديث لـ "عربي21"، أن مجموعة من مقتضيات الدولة الموريتانية تضم ضرورة حفظ حق الإنسان ومعالجة الرق، إلا أن جميع هذه المقتضيات لا يتم العمل بها، ما يجعل جميع القوانين الخاصة بالحريات العامة فاشلة على مستوى التطبيق.
وأشار الأستاذ بجامعة محمد الخامس في الرباط، إلى أن الصراع القائم على مستوى الفوارق الاجتماعية وما يعرفه البلد من صراعات قديمة بين الجنسين البيضاني والسوداني، صعَّب عملية التغلب عل تلك المعضلة أو إيجاد حلول للتعايش بينهما.
وخلص الشكراوي إلى ضرورة اعتماد النظام الموريتاني على ثلاث ركائز أساسية، أولها التنزيل الحقيقي للقانون الجديد والمرافقة، ثانيها تغيير عقليات المسؤولين بالبلد في تفاعلهم مع القوانين، وثالثها منح المواطن الموريتاني حقه في تقرير مصيره، وهذا لا يحدث الآن.
ودافع حقوقيون موريتانيون عن القانون الجديد مؤكدين أن الهدف منه هو إعطاء تعريف أكثر تحديدا للرق، وذلك بالاستناد إلى الاتفاقية الدولية الخاصة بمناهضة الرق التي تم توقيعها سنة 1956، بالإضافة إلي إدخال تعريفات معاصرة للرق كالعبودية الوراثية.
في مقابل ذلك، انتقدت بعض المنظمات الحقوقية المناهضة للرق بعد الإعلان عن القانون الجديد، ما تقوم به الحكومة، واعتبرته لا يعدو "امتثالا للضغوط التي تمارس على البلاد من أجل تصحيح صورتها أمام الرأي العام الدولي".
ويُعتبر القانون الجديد المرجع القانوني لخارطة الطريق المتعلقة بالقضاء على الرق، التي صادقت عليها الحكومة الموريتانية العام الماضي، ويسعي لتبسيط الإجراءات القانونية المتعلقة بالظاهرة، وذلك بالاعتماد على مصطلحات "واضحة ودقيقة تتعلق بالاستعباد ومستمدة من الاتفاقيات الدولية لمكافحة الرق".
واتخذت الحكومة الموريتانية سلسلة من الإجراءات للقضاء على مخلفات العبودية تحت اسم "خارطة الطريق" التي تتضمن تطبيق 29 توصية خاصة بمحاربة "الرق".
ويعود تاريخ الجدل حول العبودية في موريتانيا إلى السنوات الأولى لاستقلال البلاد بداية ستينيات القرن الماضي، حينما كانت العبودية تنتشر بشكل علني، بين كافة فئات المجتمع الموريتاني، سواء تعلق الأمر بالأغلبية العربية، أو الأقلية الأفريقية.
وجاء أول إلغاء حقيقي للعبودية في العام 1982، خلال حكم الرئيس الأسبق محمد خونا ولد هيدالة، لكن وبعد مرور سنوات، يقول نشطاء حقوق الإنسان، إن حالات عديدة من العبودية ظلت قائمة، وتمارس بشكل فعلي في أنحاء موريتانيا، فيما تؤكد السلطات أنها تبذل جهودا مكثفة لعدم عودة هذه الظاهرة مرة أخرى.