"احنا ناس غلابة على باب الله وما نعرفش حاجة".. بهذه الكلمات ومن داخل غرفة العزل رقم 202 بمستشفى حميات شبين الكوم صرخت مريضة يهاجمها فيروس أنفلونزا الطيور بضراوة شديدة، تظهر الحالات، فتنفي وزارة الصحة وجود إصابات، يتفاقم الوضع مع وقوع حالات وفاة، يتكتم الأهالي على الخبر، خوفًا من وصمة يدمغهم بها معارفهم، وجيرانهم، فيتجنبونهم ويبتعدون عنهم.
وفي الوقت نفسه، تفتح المستشفيات أبوابها أمام المصابين، تخصص لهم غرفًا لعزلهم عن باقي المرضى، لا يجدي العلاج.
لا يسلم الأطباء من العدوى، فيقعون فريسة لها، تنتشر حالة الذعر بين الأهالي وسط شائعات تؤكد انتشار الفيروس بصورة كبيرة، تحاول المستشفيات أن تبذل جهودها للحد من انتشار المرض، ولا أحد يعلم ما الذي ستسفر عنه جهودها، على أمل أن يتصدى لها من يملك القرار في أسرع وقت ممكن. والميكروب المنتشر الآن هو تحور لفيروس أنفلونزا الطيور يعتبر الجيل الثالث من الفيروس، وده أمر طبيعي وكان متوقعًا حدوثه، منذ ظهور المرض في عام 2009.
إن المرض لا يصل إلى درجة الوباء التي تستدعي تخوفات الأهالي، خصوصًا أنه بمجرد تلقي العلاج يمكن القضاء على المرض، إلا أنه يشكل خطورة على المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة. والمرض لا ينتقل إلا عن طريق العطاس و"الرذاذ" في حال مخالطة الشخص المصاب.
يلزم اتخاذ كل التدابير اللازمة لمكافحة المرض تحسبًا لانتشاره وتفشيه بين الأهالي، والتأكيد على ضرورة توفير المستلزمات الطبية ومكافحة العدوى وتوفير أدوية فاعلة خاصة بالعلاج فور الإصابة بالمرض، إضافة للتنبيه على الأطباء والممرضين باتخاذ كل الإجراءات الوقائية التى تضمن حمايتهم وعدم انتقال المرض إليهم، في حال تعاملهم مع أي حالات مصابة يتم نقلها للمستشفيات. من الخطر أن تعيش في دولة يموت فيها البشر دون سبب واضح. والأخطر.. أن يجهل الأطباء أنفسهم السبب!..
والأكثر خطورة على الإطلاق.. أن تنكر الوزارة المسؤولة عن الأطباء ومرضاهم.. أنهم يموتون أساسًا.
والواقع أنه حتى لو اعترفت وزارة الصحة بوجود الوباء.. فستعجز عن تقديم أية إحصائيات عن عدد المصابين أو الوفيات.. فالحقيقة التي يعرفها أي طبيب امتياز في مصر.. أنه لا توجد أية وسيلة للإحصاء الطبي في بلدنا.. إلا في مشرحة زينهم!