ملفات وتقارير

الهجمات في تونس من الشعانبي إلى باردو.. النقلة النوعية (فيديو)

عادة ما كانت تستهدف الهجمات المسلحة قوات الأمن والجيش - أرشيفية
يمكن بلا تردد لأي متابع للشأن التونسي أن يصف الهجوم المسلح الذي وقع الأربعاء في "باردو" بالعاصمة تونس، بأنه "نقلة نوعية" في العمليات "الإرهابية" في تونس.

طيلة الفترة الماضية التي تلت ثورة 2011، التي أطاحت بنظام حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، لم تسجل عمليات "إرهابية" داخل المدن، وإنما تركزت في المناطق النائية، وبشكل أساسي في جبال الشعانبي على الحدود التونسية الجزائرية.

وعادة ما كانت تستهدف الهجمات المسلحة قوات الأمن والجيش، ولكن هذه المرة تم تغيير الهدف؛ إذ يضرب "الإرهابيون" في قلب العاصمة التونسية، في متحف باردو الملاصق لمجلس النواب، أهم مؤسسة سيادية، ليستهدفوا مدنيين تونسيين، وسياحا أجانب.

وتأتي هذه العملية في ظل وضع إقليمي يعاني من "الإرهاب"، فمنذ أسابيع تبنى تنظيم الدولة في باريس هجوما مسلحا كبيرا، وشهدت كذلك العاصمة الليبية طرابلس هجوما مسلحا راح ضحيته دبلوماسيون أجانب، تبنى الهجوم تنظيم الدولة الذي قام بهجمات مسلحة أخرى في إطار صراعه مع قوات فجر ليبيا وضد مصريين مسيحيين.

رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد في أول تصريح له بعد الهجوم، قال إن المستهدف الأول من وراء هذا الهجوم هو الاقتصاد التونسي، وخاصة قطاع السياحة، الذي يعاني أصلا من صعوبات، خاصة وأنه قطاع حيوي بالنسبة للاقتصاد التونسي، لما يوفره من مداخيل عملة أجنبية ومواطن شغل مرتبطة بهذا القطاع.

 وفي هذا السياق، كان أول رد فعل جاء من باريس، إذ أعرب رئيس الوزراء الفرنسي عن تضامنه مع تونس، وأكد أن فرنسا ستعمل للحد من تبعات هذا الهجوم المسلح. 

وذهبت عدد من حسابات "تويتر" المحسوبة على تنظيم الدولة سريعا للقول إن هذه العملية تأتي في إطار الرد على الاعتقالات والحملات الأمنية التي تقوم بها السلطات التونسية على أتباع التيار السلفي الجهادي، وهو الكلام الذي أكده رئيس الحكومة، الحبيب الصيد، في كلمته الأربعاء، حين قال إن "الإرهابيين" تعرضوا مؤخرا "لضربات مؤلمة، وهناك اعتقالات لعناصرهم مستمرة منذ أشهر"، مضيفا أن هذا الهجوم عبارة عن "تخبط الإرهابيين الأخير".

إلا أن تسجيلا صوتيا للقيادي في تنظيم أنصار الشريعة التونسي، وناس الفقيه، المطلوب من وزارة الداخلية، وُضِع على شبكة اليوتيوب الثلاثاء، قال فيه: "يا كتيبة عقبة بن نافع، المحسوبة على الفكر الجهادي، لا تبالوا بالكافرين، واصلوا المسير، وحرّضوا على النفير، ما هي إلا أيام ويهوي الكفر"، بعد أن وجّه لهم تحية، قائلا: "يا أسود تنظيم القاعدة المرابطين في جبال تونس القيروان". ما يحيل على تساؤلات حول الجهة التي قامت بالعملية، هل هي تنظيم الدولة أم كتيبة عقبة بن نافع.

أما حول التوقيت، فإن عملية باردو تأتي بعد  فترة هدوء واستقرار نسبي في تونس، خاصة بعد أن تشكلت حومة وحدة وطنية فيها أهم قطبين سياسيين في البلد، حركة نداء تونس وحركة النهضة، الأمر الذي جعل الحكومة الحالية تتمتع بقاعدة برلمانية واسعة. 

ويرى عدد من المراقبون أن هذه العملية هي شكل من أشكال ضرب الاستقرار الذي حققته حكومة الوطنية، وأن هذا الهجوم قد يدفع المناوئين للإسلاميين للمطالبة بإخراجهم من الحكومة. 

كما تطرح هذه العملية كذلك أسئلة أمنية، لا سيما فيما يتعلق بكيفية وصول مسلحين إلى أهم مؤسسة سيادية في تونس؛ إذ لا يفهم كيف وصل مسلحون يحملون أسلحة رشاشة إلى المتحف، وهو ملاصق لمجلس نواب الشعب (البرلمان)، خاصة وأن المدخل واحد للمبنيين. 

وقتل 21 شخصا بينهم 17 سائحا من (جنسيات بولونية وإيطالية وألمانية وإسبانية)، وأربعة تونسيين، جراء الهجوم على متحف باردو، المحاذي لمجلس النواب التونسي (البرلمان) في العاصمة تونس، بحسب رئيس الحكومة التونسية.

ولم تتبن أي جهة للآن مسؤوليتها عن العملية، التي لاقت إدانة عربية ودولية واسعة.

وتعدّ هذه العملية الأولى من نوعها في العاصمة تونس، والثانية التي تستهدف سياحا، منذ هجوم نيسان/ أبريل 2002، الذي لحق بكنيس الغريبة (معبد يهودي) في جزيرة جربة (بمحافظة مدنين جنوبي البلاد)، وقتل فيه 14 شخصا، منهم ستة سياح ألمان وستة تونسيين وفرنسي واحد، كما أصيب فيه أكثر من 30 شخصا.