كتاب عربي 21

"داعش" يضع الأردن في مأزق جديد

1300x600
الطلب المفاجئ الذي تقدم به تنظيم الدولة الإسلامية لإطلاق سراح رهينة ياباني لديه، وضع السلطات الأردنية في مأزق جديد.

"الدولة" اشترطت الإفراج عن معتقلة عراقية (ساجدة الريشاوي) لدى الأردن مقابل الإفراج عن سراح الرهينة الياباني.

والريشاوي عراقية مقربة من تنظيم الدولة، وهي واحدة من الذين نفذوا تفجيرات الفنادق في عمان عام 2005 وراح ضحيتها العشرات، واعتقلتها السلطات الأردنية، وحكم عليها القضاء بالإعدام، لكن الحكم لم ينفذ بعد.

الطلب كان مفاجئا، وأربك الحسابات الأردنية التي ما زالت تنوء بملف الأسير الطيار معاذ الكساسبة المعتقل لدى تنظيم الدولة.

مصدر المأزق المركب الذي وجد الأردن نفسه فيه، هو أن ورقة الريشاوي تعد من أهم الأوراق التي يمتلكها الأردن للمساومة في ملف الأسير الكساسبة.

وإذا ما فقد الأردن تلك الورقة، فإن ملف الكساسبة سيتعقد جدا، ولن يكون بوسع السلطات أن تتخيل ثمنا أغلى من إطلاق سراح الريشاوي، وسينتقل التنظيم الذي يبدو أنه يتعامل بمهارة في هذا الملف، إلى طلبات أكبر بكثير، ربما تصل إلى صلب السيادة الأردنية.

وحسب مسؤولين سابقين كبار، فإن السلطات الأردنية لا تستبعد فكرة إطلاق سراح مسجونين لديها مقابل الكساسبة.

وهي الفكرة التي لا تلاقي ولن تلاقي أي معارضة شعبية، خصوصا وأن غالبية الشعب الأردني لا يعرفون أن هناك معتقلين بارزين للدولة الإسلامية في سجون بلادهم، باستثناء العراقي زياد الكربولي (كان مرتبطا بتنظيم القاعدة في العراق)، الذي حكم عليه بالإعدام بتهمة قتل أربعة سائقين أردنيين، في العراق.

ومع ذلك، ستبقى الريشاوي المرتبط اسمها بتفجيرات عمان هي الأهم نظرا لارتباطها بأشهر وأعنف هجوم دموي في عمان منذ عشرات السنين.

اشتراط الدولة الإسلامية إطلاق سراح الريشاوي، يعني سحب أهم ورقة في يد السلطات الأردنية في ملف الكساسبة.

المأزق الآخر الذي وجد الأردن نفسه فيه هو أن الدولة الإسلامية وضعت مصير الياباني الأسير لديها بيد السلطات الأردنية، وتلك ستواجه ضغوطا من الشعب الياباني وحكومته، كما أنها ستواجه ضغوطا من الرأي العام العالمي، حيث سينظر إلى مساهمة الأردن في إطلاق سراح الياباني، على أنه جهد إنساني مميز.

وسيحظى الأردن بمكانة مرموقة في اليابان وفي العالم أجمع، وهذه الصورة بالذات تستهوي النظام في الأردن.

وربما يتبع ذلك فوائد اقتصادية جمة.

كما أن تقاعسه عن تقديم مساهمة يستطيعها لإطلاق سراح الياباني، سينظر إليه يابانيا وعالميا نظرة عدم الرضا، وإن كانوا سيتفهمون موقفه.

لكن في المقابل فإن إطلاق سراح الريشاوي مقابل إطلاق سراح الرهينة الياباني سيؤجج مشاعر الغضب الشعبي تجاه السلطات؛ إذ كيف تساهم بإطلاق سراح رهينة ياباني، في الوقت الذي تعجز فيه عن إطلاق سراح الطيار الكساسبة.

إن آخر ما يفكر فيه النظام في الأردن هو استفزاز مشاعر الشعب؛ وبخاصة أبناء العشائر وأبناء القوات المسلحة، الفئتين اللتين ينتمي إليهما الكساسبة، وهما الركنان الأساسيان لنظام الحكم في الأردن.

وسينظر إلى إطلاق سراح الرهينة الياباني بمساهمة أردنية، على أنه استخفاف واستهتار بالدم الأردني مقابل الدماء الأجنبية.

وإذا أضفنا إلى ذلك المشاعر التي ووجهت بها مشاركة الملك والملكة في تظاهرة باريس تضامنا مع الصحيفة التي أساءت للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) وتعرضت لهجوم دموي، فسيزيد ذلك الموقف تعقيدا.

لكن مراقبين يرون أن مفاوضات بين السلطات الأردنية وتنظيم الدولة بشأن الرهينة الياباني، يمكن أن تشكل بصيص أمل في تحريك مفاوضات مماثلة لإطلاق الكساسبة.

إنه مأزق جديد لم يخطر على بال القيادة الأردنية، فكيف ستتصرف؟