قال نيك باتون ويلش، مراسل شبكة "سي إن إن" الأمريكية للشؤون الدولية ومقره بيروت، في تحليل له، إن إعلان تنظيم
القاعدة في اليمن مسؤوليته عن هجومي
باريس في 7 كانون الثاني/ يناير يظهر محاولات التنظيم اليائسة لمنع
الدولة الإسلامية من التغطية عليه.
ويقول الكاتب إن مسارعة القاعدة في اليمن للإعلان عن المسؤولية تظهر تنافسا فوضويا يطغى على حركة الجهاد العالمي اليوم. مشيرا إلى أن الإعلان عن المسؤولية أمر معقد، وعادة ما يثير العديد من الأسئلة أكثر من الإجابة عليها.
ويلفت ويلش إلى الرسالة التي أعلن فيها القيادي في تنظيم القاعدة في اليمن ناصر بن علي الأنسي، وجاء فيها أن الأخوين سعيد وشريف كواشي هما "بطلان"، و"كلفا وقبلا ونفذا" المهمة.
ويبين التقرير أنه في شريط مدته 12 دقيقة، أعلن الأنسي أن قيادة القاعدة كانت مشاركة منذ البداية في التخطيط واختيار الهدف، وهو مجلة "
شارلي إيبدو"، وذكر الأنسي أكثر من مرة اسم زعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن وخليفته الدكتور أيمن الظواهري، الذي يبدو الآن في ظل الفوضى الجهادية التي خلقتها الدولة الإسلامية، رمزا من الماضي.
ويذكر ويلش أن أهم نقطة في زعم تنظيم القاعدة أن أمدي كوليبالي، الذي شن هجوما على متجر يهودي في باريس، واحتجز رهائن، لم يكن جزءا من عملية "شارلي إيبدو" ولكن "الحظ السعيد" أدى إلى حدوث الهجومين في زمن واحد. وكان كوليبالي قد ترك وراءه شريطا تحدث فيه عن دوافعه للعملية، وأنه بايع "خليفة" الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي.
ويرى الكاتب أن تأكيد قيادي القاعدة عدم علاقة كوليبالي تظهر "تنافسا" مثيرا بين الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة الأقدم منها.
ويتابع ويلش أنه في الوقت الذي يبدو فيه مثيرا للغرابة أن تختلف جماعتان جهاديتان حول الأهداف المتشابهة في جوهرها، إلا أن الخلافات بين التنظيمين واضحة منذ البداية.
ويجد التقرير أنه رغم أن تنظيم القاعدة في سوريا -جبهة النصرة، تعرض لغارات جوية بقيادة أمريكية في الوقت ذاته الذي تعرضت له الدولة الإسلامية، ذلك أن واشنطن ترى فيهما تنظيمين إرهابيين، إلا أن جبهة النصرة عادة ما تخوض مناوشات ومعارك مع الدولة الإسلامية للسيطرة على مناطق ومصادر طبيعية.
ويفيد الكاتب أن أيمن الظواهري قد أبعد نفسه عن الجماعة الجديدة، وهي الدولة الإسلامية المعروفة بقسوتها، ما يعني عدم تلاقي الجماعتين ولفترة طويلة.
ويعتقد ويلش أن إعلان القاعدة في اليمن مسؤوليتها عن الهجوم لا يكشف عن شيء مثل كيفية الربط بين صرخات الأخوين كواشي أنهما جاءا من اليمن، وأنهما من الجهاديين اليمنيين، وهو ما سيعمل المحققون على محاولة إثباته.
ويوضح التقرير أنه يجب التأكد من وجود علاقة لوجستية بين شوارع باريس وخلايا الجهاديين، الذين يتدربون في الصحراء. وقد صدرت تصريحات مسؤولين تؤشر إلى وجود علاقة.
ويتابع الكاتب أن بيان القاعدة في اليمن يزعم أن الشيخ أنور العولقي كانت له علاقة في مراحل تخطيط عملية الهجوم على "شارلي إيبدو" وأنه قام باختيار الهدف. وهذا زعم كبير، فقد قتل العولقي في عام 2011، بعد غارة أمريكية بطائرة دون طيار.
وبحسب شهود عيان ومسؤولين فقد كان سعيد و/أو شريف في اليمن عام 2011 مع أن المحققين يحاولون تتبع حركة الأخوين بالضبط، مع أن سعيد كان في اليمن منذ عام 2009، ويقال إنه تجول في العاصمة صنعاء مع عمر فاروق عبد المطلب، الذي قام بمحاولة فاشلة لتفجير طائرة فوق ديترويت عام 2009، وفق "سي إن إن".
ويرى الكاتب أنه لو كان العولقي منخرطا بطريقة ما في عملية باريس من ناحية اختيار الهدف والدعم اللوجيستي والتمويل، لكان كل من سعيد وشريف كواشي في حالة من السبات والانتظار لتنفيذ العملية ولمدة ثلاثة أعوام. ومن هنا فسيحاول المحققون البحث عن أطراف خيوط تشير لجهات اتصال أخرى بين المنفذين وتنظيم القاعدة في الفترة ما بين 2011- 2015. وسيحاولون البحث عن علاقة مباشرة تتعلق بتلقي المنفذين الأوامر أو مساعدات لوجيستية. ولو ثبت هذا فنحن أمام "خلية نائمة" كانت تنتظر الفرصة ولسنوات طويلة.
ويخلص الكاتب إلى أن بيان القاعدة يوم الأربعاء الطويل والواثق يعبر عن محاولة يائسة منه ليظل في مقدمة الأحداث، وأن لا تغطي عليه الدولة الإسلامية. وإشارة القاعدة لقادتها الأحياء والأموات، خاصة العولقي، الذي هدد الغرب في حياته وبعد شهادته، تؤكد أن تنظيم القاعدة لا يزال يمثل خطرا حقيقيا مستمرا.