ملفات وتقارير

جنوب الجزائر.. شعور بالإقصاء وتحذيرات من التصعيد

اشتباكات بين المحتجين ورجال الدرك في الجزائر - عربي21
اتهم حزب "التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية"، المعارض في الجزائر، قوات حفظ الأمن بالتسبب بمقتل ثلاثة أشخاص وجرح عشرة آخرين، الأحد، خلال تدخلها لفض المواجهات المذهبية، التي اندلعت في محافظة غرداية، جنوب الجزائر، مساء السبت إلى الأحد.

وعادت أعمال العنف بين أتباع المذهب المالكي من العرب وأتباع المذهب الأباضي من الميزابيين.
        
وأوضح حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، المعارض في الجزائر، في بيان الأحد، أن "ثلاثة قتلى أضيفوا إلى القائمة المروّعة المفتوحة منذ أكثر من سنة في غرداية، وفقدوا حياتهم بعد التدخل العنيف لقوات الدرك في حي ميزابي في المدينة".
   
وذكر بيان الحزب أن "منع الإسعافات من الدخول بسرعة كلّف رجلا سبعينيا حياته اختناقا، بعد أن تم إطلاق غازات مسيلة للدموع في هذا الحي".
       
ولم تؤكد السلطات الأمنية في الجزائر مقتل ثلاثة أشخاص في المواجهات، وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، جرح عشرة أشخاص، وأنه لم تسجل أي حالة وفاة، السبت، بينما لم تصدر أي حصيلة، الأحد.
     
وقدم التجمع تعازيه لعائلات الضحايا، مدينا ما أسماه "الاعتداء اللامتناهي على الحياة".

وأشار إلى أن "الاعتماد المتكرر على استعمال القوة العمومية في معالجة الصراعات الاجتماعية يكشف عدم قدرة الحكومة على إيجاد حلول لمشاكل السكان".
   
وأصيب أكثر من عشرة أشخاص بجروح، في مواجهات مباشرة بين شباب المذهبين، سرعان ما تحوّلت إلى مواجهات بين الشباب وقوات حفظ الأمن التابعة للدرك الوطني، في الجنوب الجزائري، وطالت الصدامات أحياء الحفرة وباب السعد وعين لبو.
       
واستعمل طرفا المواجهة الزجاجات الحارقة والحجارة في اشتباكاتهما، وضد قوات حفظ الأمن، حين همت بالتدخل لفض الصدامات التي بدأت ظهر السبت. ما تسبب في إصابة عشرة أشخاص، من بينهم دركيان اثنان.
         
وسخّرت قوات الدرك الوطني إمدادا إضافيا من أفراد حفظ الأمن لتطويق المواجهات بين "الإباضيين" و"المالكيين".

ورغم أن الهدوء عاد إلى المحافظة منذ ما يقارب الشهر، إلا أن المناوشات بين شباب المذهبين نشبت من جديد بسبب رفض الإباضيين التحاق عدد من الشباب المالكيين بمسجد يتبعهم.
     
وقال الدكتور محمد دخوش، وهو خبير جزائري في الشؤون السياسية و الأمنية، لصحيفة "عربي21"، الأحد: "في اعتقادي أن المواجهات تجددت لأن الحلول الترقيعية التي تقوم بها السلطة أثبتت جميعها فشلها في حلحلة الأزمة القائمة على معطيين: الأول ثقافي متعلق بالهوية، والثاني اجتماعي متعلق بالفشل التنموي في منطقة تتمتع بنسيج اجتماعي خاص".
       
ويرى دخوش أن "غياب الإرادة السياسية نتيجة ما تعيشه السلطة من طعن في شرعيتها واختلاف الأجندات داخل سرايا النظام، نتج عنه تخبط في الرؤية وسوء التشخيص، وتغليب الحل الأمني".

وتابع بأنه "يجب ألا ننسى أن المنطقة وما تعرفه من تحوّلات اجتماعية عميقة هي نتاج تآكل النفوذ الرمزي للأعيان في المنطقة، ما أفقدهم التأثير على الشباب المتشبع بالدفاع عن انتماءاته الأولية".
       
وكانت صحيفة "عربي21" انفردت، السبت، بنشر التقرير السنوي "للجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان" التابعة لرئاسة الجمهورية، حيث حذّر التقرير من "تعاظم الخطر القادم من الجنوب الجزائري على الوحدة في البلاد".

ودعا رئيس اللجنة، فاروق قسنطيني، في تصريح لـ"عربي21"، الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى اتخاذ إجراءات تهدئة فورية لمنع الانزلاق الأمني في الجنوب الجزائري.
     
ويتفق الدكتور دخوش مع موقف قسنطيني، حيث قال: "منطقة الجنوب تتجه شيئا فشيئا لأن تكون بؤرة ثورية، قد تشكل تهديدا عميقا لسلطة الدولة، وإذا عدنا لتحليل الوضع هناك، نجد أن الجنوب عموما يعيش حالة من السخط نتيجة تنامي الشعور بالحرمان".

وأضاف: "في حالة استمرار هذا الحال، يمكن أن تتطور الأمور إلى ما هو أخطر، حيث نجد أن التجارب الإنسانية أثبتت أن السلسلة السببية لإنتاج العنف السياسي تقوم على السخط الناتج عن الشعور العميق بالحرمان، وفي حالة تسييس حالة السخط هذه ينتج لنا فعل سياسي عنيف".
   
وتطرح في المنطقة الجنوبية للجزائر إشكالية أمنية يحذر منها الخبراء كذلك، بسبب تنامي التهديدات الإرهابية، وحجزت قوات الدرك، السبت، مسدسين رشاشين من نوع كلاشنيكوف وبنادق وكمية من الذخيرة في منطقة عين أمناس جنوبا، وذلك في إطار مواصلة عملية التفتيش على مستوى بعض الأحياء السكنية في المنطقة، بعد الاشتباه بتمركز مسلحين هناك.