أصدر قطاع المعاهد في الأزهر، نشرة تؤكد بداية العمل بالمناهج الجديدة، وفق ما أقرته لجنة تطوير التعليم الأزهري والتي تتضمن دمج عدد من المواد في مادة واحدة.
وأصدر شيخ الأزهر أحمد الطيب في العام 2013 قرارا حمل رقم 8 لسنة 2013 بشأن تشكيل مجموعة من اللجان، لإصلاح وتطوير التعليم الأزهري في كل مراحله.
ووفق إحدى النشرات، فإن مواد الحديث والتفسير والتوحيد والسيرة، والتي كان لكل مادة منها كتاب مستقل، تقرر تدريسها جميعا ضمن كتاب واحد، هو كتاب "أصول الدين".
ولم يتسلم الطلاب حتى الآن الكتاب الجديد، الذي تتوقع مصادر ألا يزيد عدد صفحاته على سبيل المثال، في الصف الأول من المرحلة الإعدادية، عن 150 صفحة، يتم تدريسها في عدد من الساعات أسبوعيا، يقدر بـ 3 ساعات، بينما كان عدد صفحات الكتب الأربعة مجتمعة، يقترب من 250 صفحة، ويتم تدريسها في عدد من الساعات يقدر بـ 6 ساعات أسبوعيا.
وانعكس ضغط المواد الأربعة على الموضوعات التي يتم تدريسها داخل كل مادة، وتضمن منشورا منفصلا وتضمن حجم كل مادة، ففي مادة التفسير يشتمل منهج الفصل الدراسي الأول على 3 موضوعات فقط، هي "دلائل قدرة الله في خلقه" و"آداب التحية في الإسلام" و"بر الوالدين"، وكذلك في الحديث يتم دراسة 3 أحاديث فقط.
محمد رأفت فرج، الباحث في الشأن الأزهري، اعتبر هذا التخفيف، "تفريغا للتعليم الأزهري من مضمونه، لم يبدأ في الوقت الراهن، لكن بوادره بدأت في عهد شيخ الأزهر الراحل، محمد سيد طنطاوي، والذي تم في عهده تخفيض عدد ساعات دراسة مادة الفقه، والتي تعد أصل تخصص الأزهر".
وأوضح أنه "تم في عهده (طنطاوي) تقليص عدد الساعات الأسبوعية من خمسة إلى أربعة، ثم وصلت إلى ساعتين أسبوعيا".
وشدد الباحث في الشأن الأزهري، على أن التخفيف الذي تنشده لجنة التطوير، لا يمكن بحال أن يكون تخفيفا مبنيا على أسس علمية، وتساءل: "كيف يخرج الطالب الأزهري، ليدخل كلية أصول الدين أو الشريعة أو أي من الكليات التي تتعامل مع كتب التراث وهو غير معتاد على لغتها".
ورأى رأفت أن هذا التخفيض "يأتي مخالفا لما أعلنه شيخ الأزهر فور تولية المسؤولية، بشأن عزمه إعادة الرصانة للمناهج الأزهرية وإعادة الكتب التراثية التي تخرج طالبا أزهريا قادرا على فهم التراث والمزاوجة بينه وبين الواقع".
ومختلفا مع الرأي السابق، قال محمد الشحات الجندي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية سابقا، إن "ما حدث أسلوب صحيح يتسق مع المنهجية، وهي تعتمد على إيجاد منظومة جامعة بين المواد ذات الصلة، والقواسم المشتركة في موضوعاتها وفي غايتها".
وأضاف "من هذا المنطلق، فإن المواد الأربعة التي تم دمجها في كتاب واحد، تدور حول تناول القضايا المتعلقة بتفسير أصول الدين والتعرف على المعارك وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام وجيل الفاتحين الكبار".
ولفت الجندي إلى أن هذا التخفيف "يتناسب مع عقلية الطالب في المرحلتين الإعدادية والثانوية، لأنه معلوم أنها مرحلة تتوجه أساسا بتعريف الطالب معرفة عامة بطبيعة الدراسة والمناهج التي يدرسها بناء على قاعدة "اعرف شيئا عن كل شيء"، وبالتالي فلا يستقيم مع هذه المرحلة الإغراق في التفاصيل".
ومعلقا على اعتبار عملية التطوير تنهي علاقة الطالب باللغة التراثية، قال الجندي: "الحل وببساطة، أنه يمكن وضع نماذج من هذه الكتب في هذا المؤلف وهو أصول الدين، لكن الأهم من وجهة نظري هو إيجاد المدرس القادر على التعامل مع تلك المواد".
وأضاف: "الرافضون لهذا التطوير، ينبغي أن يدركوا أن المناهج القديمة، كما أخرجت فقهاء، فإنها أيضا خرَّجت بعضا من طلبة الأزهر غير القادرين على التعامل مع أي شيء، وبالتالي ليس المهم في الكم وإنما المهم في الكيف وفي تدريب الكفاءات القادرة على إيصال المطلوب".