عاصر جميع رؤساء
اليمن بشقيه الشمالي والجنوبي والموحد فيما بعد.
ويقال في كواليس السياسة اليمنية إنه سهل وصول
الحوثيين للعاصمة صنعاء، حتى يمسك بجميع خيوط الملف اليمني.
يتهمه البعض بأنه يتعامل بنعومة مع حصار الحوثيين للعاصمة صنعاء، لكن المقربين منه يقولون إنه يخشى من استخدام القوة حتى لا يجر البلاد إلى حرب أهلية شاملة.
المطلعون يؤكدون أن اليمن تحولت من أزمة بين الدولة والحوثيين إلى صراع إقليمي بين السعودية وإيران ولكن على أرض اليمن، وأكثر ما يخشاه الرئيس اليمني
عبدربه منصور هادي تحول اليمن إلى السيناريو السوري، ساعيا باستماتة للخروج من الأزمة لأن البعض "يريدها أن تشتعل نارا مثلما هو حاصل في دمشق وبغداد وليبيا" بحسب قوله.
لكن عبدربه منصور هادي لا يغفل أن نهاية المواجهة مع الحوثيين ستنتهي بمطلب رحيله عن الرئاسة، لذلك كثيرا ما دعا إيران إلى "التعقل" في التعامل مع الشأن اليمني عبر التعامل مع "الشعب وليس مع فئة أو جماعة"، في إشارة إلى جماعة الحوثيين المدعومة من طهران التي يطالب أنصارها بإسقاط الحكومة.
عايش، هادي، المولود في عام 1945 بقرية ذكين، مديرية الوضيع في محافظة أبين، جميع حروب الحوثيين مع القوات الحكومية منذ البدايات. فهو يشغل منصب نائب الرئيس في الفترة ما بين عامي 1994 - 2011.
أُنتخب رئيساً للبلاد في شباط/ فبراير عام 2012 كمرشحٍ للتوافق الوطني والذي اجمع عليه حزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب تكتل اللقاء المشترك بعد تنحي الرئيس علي عبدالله صالح..
منذ توليه رئاسة البلاد وهادي يجري عملية لهيكلة الجيش اليمني والأمن بإقالة العشرات من القادة العسكريين المواليين للرئيس السابق علي عبد الله صالح وعلي محسن الأحمر، وإعادة تنظيم وتوزيع الوحدات العسكرية والأمنية، لضمان حياديتها وعدم دخولها كطرف في الصراعات السياسية.
خبراته اقتصرت على الجانب العسكري منذ أن تخرج من بريطانيا عام 1966 بعد حصوله على منحة دراسية عسكرية، وفي عام 1970 حصل على منحة دراسية أخرى لدراسة سلاح الدبابات في مصر لمدة ست سنوات، وأمضى السنوات الأربع التالية في دراسة القيادة العسكرية في الاتحاد السوفييتي.
شغل هادي عدة مناصب عسكرية في جيش اليمن الجنوبي، فبعد الاستقلال عُين في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1967 قائدا لسرية مدرعات ثم مديرا لمدرسة المدرعات، وترقى إلى منصب أركان حرب الكلية الحربية، ثم مديرا لدائرة تدريب القوات المسلحة.
انتقل عام 1972 إلى محور الضالع، وعين نائبا ثم قائدا لمحور كرش، وكان عضو لجنة وقف إطلاق النار، ورئيس اللجنة العسكرية في المباحثات الثنائية التالية للحرب التي اندلعت بين اليمن بشقيه الشمالي والجنوبي.
استقر في مدينة عدن مديرا لإدارة التدريب في الجيش، مع مساعدته لرئيس الأركان العامة إداريا، ثم رئيسا لدائرة الإمداد والتموين العسكري بعد سقوط حكم الرئيس سالم ربيع علي، وتولي عبد الفتاح إسماعيل الرئاسة.
رقي إلى درجة نائب لرئيس الأركان لشؤون الإمداد والإدارة معنيا بالتنظيم وبناء الإدارة في الجيش بداية من عام 1983، وكان رئيس لجنة التفاوض في صفقات التسليح مع الجانب السوفييتي، وكان من ضمن القوى التي نزحت إلى صنعاء عقب حرب 1986 الأهلية في جنوب اليمن.
عمل مع زملائه على لملمة شمل الألوية العسكرية التي نزحت معهم إلى الشمال، وإعادة تجميعها إلى سبعة ألوية، والتنسيق مع السلطات في الشمال لترتيب أوضاعها ماليا وإداريا، وأطلق عليها اسم ألوية الوحدة اليمنية، وظل في شمال اليمن حتى مايو/أيار عام 1990، تاريخ الوحدة اليمنية.
وبعد الوحدة عين قائدا لمحور البيضاء، وشارك في حرب 1994، وفي مايو/ أيار 1994 صدر قرار تعيينه وزيرا للدفاع، ثم عين نائبا للرئيس في أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام.
ومع دخول اليمن ضمن دول "الربيع العربي" ووصول الأوضاع الداخلية إلى حالة من الجمود المدمر، وبعد الهجوم على القصر الجمهوري وتوقيع الرئيس صالح على المبادرة الخليجية، أصبح هادي في منصب الرئيس بالإنابة حتى إجراء الانتخابات.
بعد تولي منصور هادي الحكم في شباط / فبراير عام 2012 ، وتماشياً مع الاتفاقية الخليجية، تولت الحكومة الجديدة مهمة إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية.، ومعالجة مسائل العدالة الانتقالية وإجراء حوار وطني شامل تمهيد الطريق لصياغة دستور جديد وإجراء انتخابات عامة عام 2014.
سرعان ما اتضح أن حصانة الرئيس السابق علي عبد الله صالح وأفراد أسرته، فضلاً عن شبكة واسعة من النفوذ سمحت له بالاحتفاظ بسلطة كبيرة، أعاقت الانتقال الحقيقي للسلطة.
في عام 2012، علق الرئيس هادي، الذي ليس له قاعدة سلطة داخل الخدمات المدنية أو الأحزاب، بين فصيلين مسلحين: فصيل علي عبد الله صالح وفصيل علي محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرع – واللذان كانا منقسمين ضمن الجيش اليمني.
إلا أن الاحتجاجات المستمرة دفعت هادي إلى إقالة عدد من كبار المقربين من صالح من مناصبهم في الجيش. تلا إقالة اثنين من قادة الجيش المقربين من صالح في 2012، وأعاد تنظيم الجيش اليمني في خمس وحدات، وألغى الحرس الجمهوري اليمني (بقيادة أحمد علي عبد الله صالح) والفرقة الأولى مدرع (بقيادة علي محسن الأحمر).
وتم استبدال قائد الأمن المركزي اليمني وأمر بتشكيل قوات عسكرية جديدة تحت سيطرته المباشرة: قوات الحماية الرئاسية. وسعى من خلال ذلك كله، إلى توحيد الجيش والسيطرة من قبل وزارة الدفاع اليمنية بدلاً من قادة منفصلين.
في نيسان/ أبريل عام 2013، أقال أحمد علي عبد الله صالح، نجل صالح، من منصبه كقائد للحرس الجمهوري وعيّنه سفيراً في دولة الإمارات العربية المتحدة، كما عيّن هادي عمار صالح وطارق صالح، ابني أخي صالح اللذين خدموا في المخابرات والحرس الجمهوري، ملحقين عسكريين في ألمانيا وإثيوبيا. وفيما اعتبر هذا تطوراً إيجابياً، إلا أن "هيومن رايتس ووتش" حذّرت من أن تعيين عسكريين سابقين في مناصب دبلوماسية في الخارج يمكن أن يجعلهما بمنأى عن الملاحقة القضائية، الأمر الذي من شأنه عرقلة التحقيق في دورهما في جرائم ضد اليمنيين.
رغم تصعيد هادي الهجوم ضد مسلحي منظمة القاعدة واستعادة السيطرة على أبين وشبوة في الجنوب، إلا أن ضغط المعارك تصاعد بشن هجمات على أهداف حكومية ومحاولات اغتيال في الجنوب وصنعاء. وتسببت الهجمات الأمريكية بطائرات دون طيار بالعديد من الإصابات في صفوف المدنيين وتصاعدت موجة انتقادات لدعم هادي للهجوم الأمريكي، في حين زادت المشاعر المعادية للولايات المتحدة.
بقي الوضع الإنساني حرجاً، وأدى عدم الاستقرار السياسي إلى ارتفاع أسعار السلع وزيادة البطالة، وأكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة عام 2012 أن أكثر من 10 مليون شخص، 44.5? من السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، 5 ملايين منهم حالتهم مزمنة، وغير قادرين على إنتاج أو شراء الغذاء الذي يحتاجون، ووفق مركز البحوث الاجتماعية والاقتصادية في صنعاء، بلغت نسبة البطالة 50?.
كان من المقرر البدء بالحوار الوطني اليمني لمستقبل البلاد، والذي كان يهدف إلى مناقشة قضايا رئيسية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 والذي تم تأجيله عدة مرات وبدأ في آذار/ مارس عام 2013. ووافق الحوثيون، الذين رفضوا الاتفاق الخليجي، على المشاركة في الحوار الوطني. وفي كانون الثاني/ يناير عام 2014 عقدت الجلسة الختامية للحوار وإعلان الوثيقة النهائية لمؤتمر الحوار في مبنى القصر الجمهوري بصنعاء وسط حضور دولي وعربي كبير.
لكن توقيع هذه الوثيقة لم يمنع الحوثيين من المضي في تنفيذ أجندتهم وتفجير الأوضاع في أكثر من محافظة ومنطقة، ومحاصرة العاصمة ومحاولة السيطرة على المنشآت الحيوية فيها، وهو ما دفع هادي للقول إن ما تقوم به جماعة "أنصار الله"، المعروفة إعلاميا بجماعة "الحوثي"، من استهداف لعدد من المنشآت والنقاط الأمنية والتصعيد في العاصمة صنعاء هو "محاولات انقلابية لإسقاط الدولة".
هادي العسكري المخضرم، قد تنقصه الحنكة السياسية لكنه بات يعرف بوضوح أن "ما يجري يؤكد أن الشعارات التي كانوا يرفعونها (الحوثيين) في بادئ الأمر تحت عناوين ومطالب شعبية ما هي إلا غطاء، وقد كشفت اليوم الحقائق والنوايا المبيتة على الأرض" بحسب تصريح له.
لذلك ليس أمامه من خيار سوى تغيير مسار الصراع وتجريب السياسة الخشنة بدلا من انهيار الدولة بأكملها.