انطلقت فعاليات الجمعية العمومية للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في نسختها الرابعة تحت عنوان "دور العلماء في النهوض بالأمة"، برئاسة العلامة الشيخ يوسف
القرضاوي وحضور أكثر من 600 عالم من مختلف دول العالم، يتقدمهم أمين عام الاتحاد الدكتور
علي القرة داغي في مدينة إسطنبول التركية.
وكانت قضية فلسطين، وغزة تحديدا، في الجلسة الافتتاحية التي أدارها الدكتور عصام البشير، الحاضر الأبرز فيها، من خلال الكلمات التي ألقيت.
وألقى الدكتور يوسف القرضاوي، كلمة في الجلسة الافتتاحية للجمعية، حيّا فيها الرئيس التركي المنتخب رجب طيب أردوغان الذي فاز بالانتخابات بطريقة ديمقراطية ونزيهة.
وأكد أن مشروع الاتحاد في تطور ونمو، وقد تضاعف عدد العلماء المنتمين إلى الاتحاد وفروعه في مختلف دول العالم.
وقال إن أبواب الاتحاد مشرعة للعلماء من مختلف المذاهب، إلا من وظّف علمه خدمة للسلاطين، ومن رضي بأن يبرر للمحتل والمستبد سفك الدماء.
ولفت القرضاوي إلى أن من أعظم ما قام به الاتحاد هو موقفه من ثورات الربيع العربي الخمس، في مصر وسوريا وليبا وتونس واليمن، وتبنِّيه لها، فقد ضمَّن الاتحاد في مبادئه الأساسية: أن يكون مع الشعوب المظلومة، لا مع حكامها المتسلطين، وأن يكون مع الحرية، لا مع الاستبداد، ومع العدالة الاجتماعية، لا مع المظالم الفئوية.
وشدد على قضيتين أساسيتين أوصى بهما الاتحاد؛ أولاهما ضرورة إشراك المرأة في مختلف مجالات الحياة وفتح المساجد أمام النساء في الدول التي تتبنى المذهب الحنفي حتى ترتقي النساء بفكرهن وثقافتهن الدينية لإنشاء الأجيال الصالحة والواعية. أما القضية الثانية فهي كما يراها القرضاوي الدعوة إلى الله، إذ إن كل العالم هو ميدان خصب للدعوة، والمطلوب فقط رجال ونساء صالحون صادقون يتبنون هذه الدعوة للسير بها حتى آخر أصقاع الأرض.
وبدوره، أكد الأمين العام للاتحاد الدكتور علي القره داغي، أن الاتحاد يتبنى منهج الاعتدال والوسطية وهو سائر بنهج الرسول صلى الله عليه وسلم، خاصة وأن العلماء هم ورثة الأنبياء.
وشدد على أن دور الاتحاد ليس مجرد إصدار بيانات، إنما هو كيان فعال يعمل لصالح الإنسانية جمعاء ويقف إلى جانب القضايا العادلة أينما وجدت.
وأشاد القرة داغي بالصمود الأسطوري لقطاع غزة في العدوان الأخير عليها من قبل حكومة نتنياهو المتطرفة، وأثنى على الأداء المميز لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وفصائل المقاومة الأخرى في الصمود والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المظلوم حتى النهاية.
وشكر الأمين العام للاتحاد دولة قطر وتركيا وبعض دول أميركا اللاتينية التي اتخذت موقفا حاسما ضدّ الكيان الإسرائيلي وحربه على غزة، بعكس كثير من الدول العربية التي التزمت الصمت.
من ناحيته، أكد عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ راشد الغنوشي، أن على حكام المسلمين أن يسارعوا بالإقدام على إصلاحات جادة بالاتفاق مع أصحاب الرأي، مشيرا إلى أن استمرار الأمور على هذا النحو سيؤدي إلى الثورة حتماً من أجل الإصلاح، ولو كانت الكلفة عالية.
وأشار الغنوشي في كلمته إلى أن نظام الأمم المتحدة وإعلانات حقوق الإنسان أفكار جيدة، لكن رغبة الدول الكبرى بالهيمنة أفرغ هذه المؤسسات من مضمونها لوقوفها ضدّ المظلومين.
وفي السياق نفسه، قال رئيس الشؤون الدينية التركية محمد قرماز، إن العالم الإسلامي يعاني الفرقة والتشتت وهو حال لم يمر على الأمة في الضعف والتخلف عن ركب المدنية.
ونبّه في كلمته بالافتتاح إلى أن هناك علماء يرأسون مؤسسات دينية عريقة ويدينون بالولاء الأعمى للسلطان الجائر، وهم بتصرفاتهم يشعلون الفتنة ولا يدركون أن الأمة في ضياع شديد.
وقال قرماز إن الخطر الذي يهدد الإسلام أصبح بغالبه بيد المسلمين، لأن قتل المسلمين بعضهم بعضا لم يحصل بالتاريخ كما هو حاصل الآن في مصر ولبنان وسوريا والعراق.
ورأى أن من يقدس الوحشية ويفجر قبور الأنبياء والصالحين ويهجر المسيحيين لا يمكن أن يقبل بأي حال في الإسلام، وأحق الناس بمعارضته هم العلماء.
وطالب قرماز الأمة بعلمائها وشعوبها، بأن تتوحد من أجل قضية فلسطين.
وبدوره، أكد نائب الرئيس التركي أمر الله إيشلر، أن بلاده
تركيا تأمل في أن يسود الاستقرار كل العالم، وهي لن تقف إلى جانب الأقلية الديكتاتورية الحاكمة ضدّ الشعوب. وأشار إلى أن رؤية عديد من الدول صامتة أمام ما يحصل من مآس في العالم أمر مؤسف.
وفي سياق آخر، وجه إيشلر نداء إلى العالم الإسلامي لاتخاذ مواقف حازمة ضدّ إسرائيل لأنها تهدد السلام العالمي، مشدداً على ضرورة الاستمرار بوقف إطلاق النار بغزة ورفع الحصار عن شعبها.
وقال: "لا يمكن تبرير صمت العالم أمام مجازر إسرائيل في شهر رمضان ضدّ الأطفال والنساء والشيوخ في غزة".
وتضمنت الافتتاحية كلمات للداعية الدكتورة حفصة لينا مديرة البرامج في جامعة أوسلو، وممثل عن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، ورئيس مجلس القضاء الإسلامي في جنوب إفريقيا إحسان هندركس، ونائب رئيس الاتحاد العالمي الدكتور أحمد الريسوني.
يشار إلى أنه تخلل الجلسة تكريم خاص للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونائبه أمر الله إيشلر الذي تسلم الدرع نيابة عنه، إضافة إلى تكريم رئيس الشؤون الدينية في تركيا محمد قرماز.
وكان قد سبق الجلسة الافتتاحية للمؤتمر اجتماع لمجلس الأمناء برئاسة العلامة القرضاوي.