سياسة عربية

جهاديو الأردن بين إرث الزرقاوي ورسائل المقدسي

أنصار التيار الجهادي في الأردن خلال فعالية احتجاجية - أرشيفية

المتتبع لحسابات أنصار التيار السلفي الجهادي الأردني و أنصار الدولة الإسلامية في العراق والشام على "تويتر" يلمس عمق الخلاف بين مكونات التيار السلفي الجهادي الأردني، الذي صدّر مئات المقاتلين إلى سوريا، موزعين بين الدولة الإسلامية وجبهة النصرة التابعة للقاعدة.
 
يحمّل أنصار "داعش" مشايخ التيار السلفي الجهادي الأردني مسؤولية الخلاف، يقول حساب على تويتر يدعى (فتى معان#باقية) إن منظر التيار السلفي الجهادي أبو محمد المقدسي "حوّل خلافه الفكري مع أبي مصعب الزرقاوي إلى حقد على أنصار الدولة الإسلامية".

وأبو محمد المقدسي من سكان مدينة الرصيفة جنوب العاصمة عمان واسمه عاصم محمد طاهر البرقاوي، درس السلفية على يد مشايخ السلفية أمثال ابن باز وابن عثيمين والألباني، وتنقل بين الكويت والحجاز ثم إلى باكستان وأفغانستان مرارا، وألف العديد من الرسائل والمصنفات في هذا المجال، وشرع في نشر الفكر السلفي في الأردن عام 1992 وبعدها اعتقل في 1994 بتهمة الفتوى بجواز القيام بعمليات ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، ليعاد ويعتقل مرة أخرى في صيف العام بتهمة “تجنيد أشخاص داخل المملكة بقصد الالتحاق بتنظيمات مسلحة وجماعات إرهابية في أفغانستان".

الخلاف بين المقدسي (المفرج عنه حديثا من السجون الأردنية) وبين أبي مصعب الزرقاوي تاريخيا يعود لعام 2005 عندما وجه المقدسي رسائل لتلميذه أبي مصعب الزرقاوي تحت اسم "مناصرة ومناصحة"، دعاه فيها بأن يبتعد عن استهداف الكنائس وعموم الشيعة والمدنيين، وقتل الترس المسلم، يقول المقدسي: "أنا على مذهب ابن تيمية في عدم تكفير عموم الشيعة"، ويترتب على ذلك كما هو وارد في فتواه بأنه "لا يجوز مساواتهم باليهود والنصارى في القتال ولا يجوز أن يساوى الشيعي العامي بالأمريكي". وهي رسائل اعتبرها الزرقاوي الذي قتل في العراق عام 2006 "ظالمة".

 وتعمق الخلاف بين أنصار التيار السلفي الجهادي الأردني ليصل إلى حد الاعتداء بالضرب و الطعن بالسكين، حيث يعتقد أن أنصار الدولة الاسلامية في العراق والشام  يقفون خلف الاعتداء  على إمام مسجد في عمان مقرب للتيار السلفي الجهادي بعد انتقاده للتنظيم، وكما يعتقد أن أنصارا للتنظيم يقفون خلف الاعتداء بالضرب الذي تعرض له الدكتور إياد القنيبي أحد أنصار التيار السلفي الجهادي، وتحطيم مركبته مؤخرا.

واتهم المقدسي في حديث مصور خلال زيارته التضامنية مع الدكتور القنيبي تيارا متشددا بأنه قد يكون وراء الاعتداء على مركبة القنيبي دون أن يتهم أحدا، وقال: "هذه الأساليب تقف أمام مشروعنا الذي اتفقنا عليه وفرحنا من أجله، نريد أن نسمع لا نريد أن نضرب، ونريد أدلة شرعية وبينات ولا نريد أيدٍ وهراوات".

وأشار إلى مسؤولية تنظيم الدولة بطريقة غير مباشرة، عندما ربط بين الاعتداء على القنيبي والاعتداء الذي حصل على أيمن البلوي إمام مسجد في عمّان من قبل أفراد مناصرين للدولة الإسلامية.

وكان المقدسي بعث برسالة صوتية من سجنه الى قيادات "داعش" قال فيها "إن ما يجري في سوريا من اختلاف واقتتال بين المجاهدين قد حرق قلوب الغيورين على الجهاد والمجاهدين". واصفا ما تقوم به "داعش" من أعمال قتل بـ"الانحراف".
 
 المختص بشؤون الجماعات الإسلامية مروان شحادة يعتقد في حديث لـ"عربي 21" بوجود "جناحين في المشهد السلفي الجهادي بالأردن؛ أحدهما يحمل إرث أبي مصعب الزرقاوي وهو جناح متشدد وبقي مواليا لتنظيم القاعدة في العراق ومخرجاته كالدولة الاسلامية في العراق التي اصبح اسمها الدولة الاسلامية في العراق والشام بزعامة ابي بكر البغدادي. أما الجناح الثاني فتؤيد جبهة النصرة ولا تريد فتح معركة مع النظام الأردني والأجهزة الأمنية ويمثل هذا الجناح شخصيات يمكن وصفها بالمعتدلة مقارنة مع أنصار الدولة الاسلامية في العراق والشام".

 وتعتبر مدينة معان جنوب العاصمة الأردنية عمان من أهم معاقل التيار السلفي الجهادي، ونظم أنصار الدولة الإسلامية مسيرة الجمعة 20/ 6/ 2014 أطلقوا عليها اسم (جمعة نصرة الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام - معان فلوجة الأردن)، ليخرج القيادي في التيار السلفي الجهادي محمد الشلبي المعروف بأبي سياف ليعلن تبرؤ التيار منها.
 
يقول أبو سياف لـ"عربي 21" إن "من قام بهذه المسيرة أشخاص مشبهون، كون أنصار الدولة الإسلامية لا يعترفون بالمسيرات كوسيلة للتعبير، كونها وسائل علمانية". متهما الأجهزة الأمنية الأردنية "بترتيب هذه المسيرة لكي تثبت إعلاميا أن في معان تواجدا لجبهة النصرة والدولة الإسلامية واستخدام ذلك كذريعة للتصعيد الأمني هناك".

بدوره يرى الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية مروان شحادة أن مدينة معان هي من أكثر المدن الأردنية تأثرا بفكر أبي مصعب الزرقاوي، لاتساق هذا المنهج والتشدد مع طبيعة العقلية لبعض الشباب في معان، ومع ذلك لا يتفق مع ما قاله أبو سياف بأن المسيرة ترتيب أمني، قائلا: "الشعارات التي رفعت لا تنسجم مع المقاربة الأمنية، هؤلاء الأشخاص يؤيدون الدولة في العراق".
 
 وانتقد شحادة "تنصيب أشخاص كأبي سياف أنفسهم كقيادات للتيار السلفي الجهادي الأردني"، مؤكدا "هنالك ضبابية وبعثرة في قيادات التيار، إذ لا يوجد اتفاق على قيادة شرعية واحدة،  والآن تجري محاولات لإنتاج بعض المراجعات الفقهية للتيار السلفي الجهادي، وبدأ أبو محمد المقدسي الحديث عن إعادة ترتيب البيت الداخلي والوقوف على مسافة واحدة من الدولة والجبهة، في محاولة لترشيد العمل الجهادي في ظل الانحرافات التي مارستها داعش في سوريا تحديدا".

 وتصدرت أخبار سيطرة "داعش" على معبر طريبيل الحدودي بين الأردن والعراق صفحات شبكات التواصل الاجتماعي وخصوصا موقع "تويتر"، ولم يخفِ أنصار "الدولة" في الأردن فرحتهم عبر "تويتر" بما أسموه "النصر".

وحسب أرقام التيار السلفي الجهادي الأردني، يبلغ عدد الأردنيين المقاتلين في سوريا ما يقارب 2000 أردني، قتل منهم ما يقارب الـ300 في المعارك الدائرة مع النظام السوري، بينما يقدر عدد المعتقلين من التيار السلفي داخل السجون الأردنية بـ160 سجينا.