قالت صحيفة التايمز اللندنية في افتتاحيتها يوم الجمعة، إن
العراق يواجه هذا الأسبوع احتمال العودة إلى حرب أهلية كاملة بعد ثلاث سنوات من انسحاب
القوات الأمريكية.
ورأت الصحيفة أن السرعة التي تقدم بها الثوار الإسلاميون إلى مسافة تسمح لهم بضرب بغداد بسهولة، تهدد بتمزيق البلاد. كما أن حلم المتمردين بإقامة خلافة إسلامية تمتد من البحر المتوسط إلى الخليج أصبح أقرب، ما يطرح على الحكومات الغربية سؤالا خطيرا هو: هل عليهم التدخل؟ وإن كان الجواب نعم، فكيف؟
وجاء فيها: "لا تطيق واشنطن ولا أوروبا حربا جديدة في العراق، لكن غض الطرف أيضا هو خيار غير مرغوب به. فهذا صراع لا تستطيع الدول الغربية أن تحدد نتائجه، وما تستطيع فعله هو أن توظف كل الأدوات التي تملكها كي تؤثر على تلك النتيجة. وإن تحولت الحرب الخاطفة التي شهدناها على مدى الأيام الأربعة الماضية إلى حرب طويلة الأمد، فإنها ستسبب فوضى كبيرة في أسعار النفط العالمية كما ستخلق موجة أخرى من اللاجئين العراقيين إلى بلدان لديها طوفان من اللاجئين السوريين. وإذا كسب المسلحون المعركة فسيحولون العراق إلى ملاذ جديد للإرهابيين الدوليين".
وأضافت أن "خطر نشوء معقل قوي للجهاديين في العراق أصبح وشيكا. فداعش سيطرت على الفلوجة غرب بغداد منذ العام الماضي، ويسيطر مقاتلوها السنة الآن على الموصل وتكريت ومعظم الطريق السريع من بغداد إلى الشمال أيضا. ووضعوا نصب أعينهم المزارات الشيعية التاريخية في كربلاء والنجف والعاصمة ذاتها. وقامت حكومة
المالكي الشيعية في غالبها بضرب مقاتلي
داعش بالطائرات، لكن ضعف قبضته على السلطة أصبحت واضحة للعيان".
وتشير إلى أن المالكي "يعتمد لحماية الشمال على القوات الكردية، والتي دخلت كركوك "لحمايتها"، لكنها ستطلب ثمنا غاليا لإعادتها إلى بغداد. ومن الموصل إلى تكريت، قامت القوات العراقية التي دربها الأمريكان والبريطانيون بكلفة 25 مليار دولار، بالفرار بدلا من صد الهجوم. وحتى في بغداد، حيث يتركز الجيش توجَّه النظام بالأمس للميليشيات الشيعة لحمايته بدلا من الجيش، كما تروي الصحيفة.
وتضيف أن "هذا يشكل فرصة لإيران التي تدعم حزب الله وحماس أن تدعي محاربتها للإرهاب بالوقوف إلى جانب النظام في بغداد. وتحت هذه الصراعات يقع أكثر الخلافات الطائفية خطورة في العالم بين متطرفي السنة والشيعة ومن يدعمهم في السعودية وإيران. وقد استثمرت الولايات المتحدة في نظام الأمر الواقع في السعودية وفي العملية التي أتت بالمالكي إلى السلطة".
وتعتقد أن هذه السياسة "فشلت بشكل كبير بسبب إساءة المالكي استخدام السلطة، حيث أقصى السنّة من الحكومة وسجن المئات دون محاكمة. ومع هذا فإن واشنطن ملامة أيضا؛ فوعودها بنشاط دبلوماسي بعد الانسحاب العسكري لم تتحقق. وبتبخر الثقة ساءت العلاقات بين المالكي وأوباما إلى درجة رفضت واشنطن معها طلب بغداد إمداده بالأسلحة لأسباب بيراقراطية سخيفة".
وتعلق بأن "الطائرات الأمريكية بدون طيار وطائرات الهيلوكبتر المقاتلة، والتي كان بإمكانها وقف تقدم داعش ترسل مؤخرا للعراق. ولكن قد يكون هناك حاجة للمزيد، وليس هناك خيارات جيدة للقادة الغربيين في هذه الأزمة، ولكن عليهم ألا يستسلموا للتردد كما فعلوا في سوريا. والقضية في العراق تختلف، فإن من إرث احتلال التحالف هناك وجود شبكة من نقاط الاتصال مع الجيش العراقي، وبنية الجيش معروفة لقيادات
الناتو. ويجب أن تستخدم ذلك بالمقدار الذي تسمح به بغداد لضرب قيادات الارهاب وتقديم العون الإنساني".
وتشير الصحيفة إلى السياسة الأمريكية، حيث اختار الرئيس أوباما ألا يترك ما يكفي من الجنود في العراق لدعم الديمقراطية التي أنشئت هناك بثمن باهظ. وواضح الآن أن هذا كان خطأ فادحا، كما أن من الواضح أن العراق يحتاج إلى قيادة جديدة تقوم بتوحيد الشعب بدلا من تفريقه، والعراقيون وحدهم هم من يعرفون أين يجدون هذه القيادة.