مقالات مختارة

حجــــــي: ارحــــل

1300x600
كتب هاشم العقابي: وفق العقل والمنطق السليمين، ووفق حسابات نتائج الحروب، فإن ما حدث بالموصل هو "نكسة حزيران" عراقية سيسجلها التاريخ. إنها الأسوأ بتاريخ العراق كله. النكسات، وليست الانتصارات، هي التي تميز الشعوب والأمم الحية عن غيرها. هكذا فعل شعب اليابان عندما حول نقمة هيروشيما الى نعمة. كانت فرصته لترك الغرور والصلف والعنجهية والاتجاه الى إعمال العقل. استقال المتغطرسون وأُدخِل المتغطرسون الذين حكموا اليابان الى مصحات عقلية وإنسانية. لذلك نهضت اليابان وانطلق شعبها نحو مستقبل جديد..

ما حدث بالموصل كان متوقعا. ومن تفاجأ به عليه ان يزيح نظارة الطائفية عن عينيه ليرى الاحداث خارج دائرة الكراهية والتعصب. انه نتيجة طبيعيةومنطقية لأي بلد يقوده حاكم مغرور لا يعرف ابسط قواعد العمل السياسي ومعنى قيادة القوات المسلحة.

ما الذي هجم بيوت العراقيين على رؤوسهم غير غرور صدام؟ وما الذي يحرق اليوم آخر آمالهم بحياة آمنة غير غرور المالكي؟

اقرأوا كتّاب العالم، ولا أقول اقرأوا ما كتبناه في هذه الجريدة، لتطلعوابأنفسكم على تشخيصهم لآفة الغرور التي ألمت بالمالكي وتوقعاتهم لما سيحل بنا من كوارث. هم الذين قالوا عنه انه لم يبتسم ولم يعتذر ولا يقول شكرا في حياته. هل بقي شيء من الغرور لم يأت به؟

ولو لم يكن في القلب جرح وعلى اللسان مرارة وبين الأصابع ألم، لتوقفت عند قوله عن نفسه "دولة". من فعلها من قبله بربكم وقال عن نفسه "فخامة الرئيس او "دولة رئيس الوزراء"؟ أهناك في الدنيا غرور أكثر من هذا؟

التاريخ يذكر عشرات الأمثلة على انه ما من انتكاسة عسكرية حلت ببلد إلا واستقال القائد العام للقوات المسلحة او أقيل. لا ادعي باني توقعته ان يخجل مما حدث ويقدم استقالته. الاستقالة عنده انتحار. وهو حرام بشرع الولاية الثالثة. توقعته ان يخفي غروره فقط. على الأقل حياء مما سيحل بالعراقيين بعد احتلال الموصل. على العكس خرج يوجه الناس ويملي عليهم أوامرهويهدد بمعاقبة المقصرين، ناسيا انه منبع التقصير وأوله وآخره. ثم يدعو مجلس النواب لإعلان الطوارئ. أناقص صلاحيات انت؟ وهل رجعت لمجلس النواب يوم رميت الجيش في محرقة الأنبار؟ هل سبق ان استأذنته في أي من معاركك حتى تطلب منه اليوم ان يحلك من ذلك؟

النكسة هي المحك الذي سيفرز أصحاب الضمائر والعقول الحية عن الميتة،إنها الفرصة الأخيرة لأعضاء مجلس النواب الذين يفترض انهم سيجتمعون في هذه اللحظة المفصلية من تاريخ البلد لينهضوا ويستفيقوا من غفوتهم.

انه طغى واستفحل الغرور برأسه فقولوا له قولا واضحا وصريحا: ارحـل.

وان لم تقولوها وتثبتوا عليها، فلا مقام لإنسان في بلد اسمه العراق بعد اليوم.

(المدى العراقية)