ملفات وتقارير

"لوموند" تكشف رجال أعمال بشار وسر بقائه ودور دبي

رامي مخلوف ملك عمليات الفساد في سوريا - أرشيفية
"لم يبقَ في خزينة الدولة السورية دولار واحد"، حسب ما يقول مصدر كان مقرّباً جداً من بشّار الأسد في السابق. "فآبار النفط باتت تحت سيطرة المتمردين أو تحت سيطرة الأكراد. وتوقّفَ الناس عن دفع الضرائب، أو فواتير الكهرباء والماء. ولم يبقَ للنظام لدفع رواتب موظفيه سوى العمليات التجارية غير المشروعة، والدعم المباشر من إيران والعراق".

تضيف جريدة "لوموند" الفرنسية، في تقرير خاص وضعه مراسلها "بنجامان بارت"، ونقله موقع "شفاف الشرق الأوسط" أن رامي مخلوف هو "ملك" عمليات الفساد في سوريا. وقد نجح مخلوف، الذي يسيطر على أقسام واسعة من الاقتصاد السوري، مثل التلفون الخليوي "سيرياتيل" في الحفاظ على موقعه المسيطر بحسب موقع "شفاف الشرق الأوسط".

وقام رامي مخلوف بالاستثمار في استيراد المواد الغذائية، مثل القمح والأرز والسكّر والشاي، بمساعدة رجلي أعمال من "منطقة الساحل" هما "أيمن جابر" و"عبد القادر صبرا"، وموظّف سابق في شركة "نستله" السويسرية هو "سمير حسن".

وبين الوسطاء الذين ازدهرت أعمالهم في تجارة القمح، تبرز عائلة "فوز"، من اللاذقية، التي تمثّل مصالح ابن عم الأسد، الجنرال "ذو الهمة شاليش"، قائد "الحرس الخاص"، والذي يرد اسمه ضمن قوائم المشمولين بالعقوبات الدولية.

وقد نشأ هذا السوق الجديد بفضل المحصول الرديء للعام الماضي في سوريا، علاوة على سقوط مناطق زراعية كثيرة في أيدي المتمردين. مع ملاحظة أن المنتجات الغذائية لا تخضع للحظر الأوروبي المفروض على المنتجات النفطية.

النفط: من إيران والعراق و"جبهة النصرة"!

مصدر الربح السريع الآخر الذي نجم عن الأزمة هو استيراد النفط. وقد عهد النظام بهذه الوظيفة للقطاع الخاص بعد خروج مواقع استخراج النفط في "دير الزور" و"الحسكة" عن سيطرة النظام. ويتسابق رجال الأعمال للاستفادة من هذه السوق، خصوصاً أن طهران فتحت لدمشق اعتماداً بقيمة 3.6 مليار دولار لشراء الخام والمشتقات النفطية. ويقوم رجال الأعمال الذين يختارهم النظام بشراء النفط ومشتقاته من إيران والعراق، ولكن أيضاً من جماعات المتمردين التي استولت على الآبار. ففي مطلع السنة، أكدت حكومات غربية أن ممثلي النظام اشتروا كمية من النفط من "جبهة النصرة" في "دير الزور".

كيف يتحايل رجال النظام على العقوبات الدولية؟

"دبي" سويسرا الشرق!

يقول أحد رجال الأعمال الدمشقيين إن "رامي مخلوف لديه مكتب محامين يمضي وقته في اختراع شركات وهمية". وقد كشفت وزارة الخزينة الأميركية والسلطات الأوروبية بعض هذه الشركات، في العام 2012، وبينها صندوق استثمار في "جزر الكايمان" وهولدينغ "دريكس تكنولوجيز" في دوقية اللوكسمبورغ.

ولكن رجل الأعمال السوري المطّلع يقول إن "رامي مخلوف" نجح في إخفاء قسم من ثروته، وخصوصاً في "دبي" ، حيث تقيم "بشرى الأسد". ويضيف أن دبي، التي استقبلت قسماً من ثروات مسؤولي الشرق الأوسط منذ اندلاع ثورات الربيع العربي، "تفاخر، منذ العام 2011، بأنها تلعب نفس الدور الذي لعبته سويسرا أثناء الحرب العالمية الثانية".

تسهيلات في البنوك الروسية

وبواسطة والده "محمد مخلوف"، الذي يعيش بين دمشق وموسكو، فإن رامي مخلوف يستفيد من تسهيلات مالية في روسيا أيضاً. وتتولى روسيا طباعة أوراق العملة السورية بعد إلغاء النمسا لعقد طباعة العملة السورية في خريف 2011. وفي ديسمبر 2011، سمح الكرملين للبنك المركزي الروسي بفتح حسابات بالروبل في البنوك الروسية، بغية تجاوز الحظر الغربي على استخدام الدولار في المعاملات الرسمية السورية.

ورومانيا

وتستفيد إمبراطورية رامي مخلوف من خدمات والد زوجته، "وليد عثمان"، وهو السفير السوري في بوخارست. ويقول أيمن عبد النور إن "نشاطات أبنائه في أوروبا، وخصوصاً في فيينا وبوخاريست، تدرّ ملايين الدولارات من الأموال النقدية، التي يتم إرسالها إلى سوريا بواسطة الحقيبة الديبلوماسية".

وتشمل مجموعة "الأوليغاركيين" السوريين ماهر الأسد ورجال الأعمال التابعين له، مثل "محمد حمشو"، و"سامر دبس"، و"خالد قدور". ويسيطر "محمد حمشو" على سوق الاتصالات الهاتفية بواسطة الإنترنت، وسيحصل قريباً على ترخيص من وزارة السياحة لبناء جزيرة اصطناعية قرب "طرطوس".

مقابل الأرباح الطائلة التي يحققها رجال أعمال النظام، فإنهم يدفعون قسماً من أرباحهم للدولة.

ويُعتَقَد أن "سيرياتيل" تؤمن رواتب موظفي الدولة، وحتى رواتب "الشبّيحة".

ويقول "جهاد يازجي"، الذي وضع تقريراً حول الاقتصاد السوري في ظل الأزمة الراهنة، إن شركات الباصات وضعت سياراتها بتصرّف الجيش.

ويظهر تماسك فئة رجال أعمال النظام في أن أياً منهم لم يلتحق بالمعارضة.

وفي نهاية المطاف، فأغلبية رجال الأعمال السوريين يعتبرون الأزمة الحالية بمثابة كارثة. ووفقاً لحسابات خبراء الأمم المتحدة، فإنه حتى لو حققت سوريا معدّل نمو سنوياً يصل إلى 5 بالمئة، فستكون بحاجة إلى 30 سنة لكي يعود الناتج القومي إلى مستوى ما قبل الأزمة.