قالت صحيفة "
واشنطن بوست" إن تقرير لحنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، توصل إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية (سي أي إيه) خدعت الحكومة والشعب، حول بعض جوانب أساليب التحقيق الوحشي لعدة سنوات، بإخفائها تفاصيل قسوة الأساليب المستخدمة، والتضخيم من خطورة المكائد والمحتجزين والتفاخر بالحصول على بعض المعلومات الاستخباراتية، التي أدلى بها السجناء أصلا قبل تعريضهم للتعذيب الوحشي.
وورد في تقرير الصحيفة الذي أعده غريغ ميلر وآدام جولدمان وايلين ناكاشيما، أن التحقيق كان منصبا حول ملفات العشرات من سجناء الوكالة، التي تظهر عدم صحة إدعاءات مسؤولي الوكالة، بأن استخدام أساليب تحقيق مؤلمة (
التعذيب) تعود بالمعلومات الإستخباراتية المهمة.
وقال أحد المسؤولين الأمريكين: "وصفت الوكالة برنامجها لوزارة العدل، وأخيرا للكونغرس، بأنه أسلوب للحصول على المعلومات الفريدة التي لا يمكن الحصول عليها بأسلوب آخر، التي أفادت في كشف خطط إرهابية كانت ستؤدي بحياة الآلاف، فهل كان هذا صحيحا؟ والجواب لا".
ويكشف التقرير المؤلف من 6300 صفحة، عن شبكة كبيرة من المعتقلات السرية "المواقع السوداء"، التي تم تفكيكها عام 2009، بناء على أوامر من الرئيس أوباما.
كما أن الملفات السرية التي اطلع عليها المحققون، تكشف عن انقسامات داخلية حول برنامج التحقيق بحسب المسؤولين، ففي أحد الحالات ترك موظفو الوكالة سجنا لها في تايلاند، بعد أن أزعجهم ما شاهدوه من الإجراءات الوحشية المستخدمة فيه.
يذكر أيضا حالات طالب فيها مسؤولو الوكالة، أن يستمر التعذيب حتى بعد أن اقتنع المحللون، أن السجناء ليس لديهم المزيد من المعلومات.
يشار إلى ان التقرير تجاوزات لم تكن قد ذكرت من قبل، مثل تغطيس المشتبه بهم في قضايا إرهاب في خزانات ماء مثلج، في مكان احتجازهم في أفغانستان، وهو أسلوب شبيه بالإغراق بالماء، الذي لم يظهر على أي قائمة للأساليب المصادق عليها من وزارة العدل.
وأضاف المسؤولون، أن التقرير لم يتحدث عن دوافع مسؤولي الوكالة، ولم يوص بأي عقوبات أو تحقيق في الجرائم، ويعتقد أن التقرير سيثير كثيرا من الجدل حول مرحلة من أكثر مراحل الوكالة إثارة للجدل.
ورفض المتحدث باسم الوكالة التعليق قائلا: "إن الوكالة لم تطلع على النسخة النهائية من التقرير، ولذلك ليس لديها ما يقول".
ولكن مسؤولين سابقين في الوكالة، كانو قد انتقدوا التقرير واعتبروه مجاف للحقيقة، واتهم كل جانب الآخر بخرق القانون، بدخول كل منهما على نظام الحاسوب للآخر، خلال فترة التحقيق.
ومن المزمع تصويت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، على إرسال مختصر تنفيذي للرئيس أوباما، لرفع الحظر عن نشر التقرير.
ويتوقع في حال تم نشر التقرير، أن يحيي العداوات القديمة بين الوكالة ومكتب التحقيقات الفدرالي، وبحسب مسؤولين سابقين في الوكالة، فهناك قلق من أن يعكس التقرير انحيازات مكتب التحقيقات ضد الوكالة.
فأحد كاتبي التقرير الرئيسيين محلل سابق في مكتب التحقيقات، كما أن اللجنة اعتمدت على وثائق المكتب وملاحظات كتبها موظف المكتب السابق علي صوفان، حيث كان علي صوفان أول من حقق مع زين العابدين محمد حسين (أبو زبيدة)، عندما اعتقل في باكستان عام 2002، وشجب الوكالة لاستخدامها الإغراق بالماء مع سجين كان متعاونا.
وأشار من قرأ التقرير من المسؤوليين إلى أن من أكثر أقسام التقرير تسببا بالقلق، لا يتحدث عن التعذيب، بل عن التباين بين ما ورد في تقارير الموظفين في المناصب الدنيا، وشهادات المسؤولين في الوكالة.
وأضاف المسؤولون أن الوكالة نجحت في الحصول على أهم المعلومات دون الحاجة إلى اللجوء إلى التعذيب، مثل المعلومات المتعلقة بمكان وجود بن لادن قبل اغتياله.
ويحتوي التقرير المؤلف من ثلاثة مجلدات، على تفاصيل عمليات التحقيق، ودراسة لحالة معظم الأسري لدى الوكالة منذ 2001، وقال المسؤولون إن مواقع مراكز الاعتقال السرية وأسماء الموظفين، الذين لم يكونوا في مواقع مسؤولية عليا أسقطت من التقرير.
وقال أحد المسؤولين إن معظم المعلومات المهمة التي تتعلق بالتهديدات، تم أخذها من أبي زبيدة خلال استجوابه من صوفان في المستشفى في باكستان، أي قبل وقت طويل من تحقيق الوكالة معه، واستخدام الإغراق بالماء 83 مرة.
ولكن المعلومات التي حصل عليها موظف مكتب التحقيقات (صوفان)، تم تمريرها للمستويات المختلفة من المسؤلين في الحكومة، وكأن مصدرها هو الوكالة، وأن محققيها هم من حصلوا على تلك المعلومات.
وقال مسؤول آخر: "قامت الوكالة بخلط المعلومات، وتاريخ الحصول عليها، فقدموا صورة مغايرة للحقيقة حول مدى جدوى برنامجهم"، مضيف، أن الإصرار على الشهادات المضللة من مسؤولي الوكالة، هي أكثر استنتاجات اللجنة ضررا.
وأضاف المسؤول أن الوكالة بالغت في أهمية المعتقلين، فمثلا وصف مسؤولي الوكالة أبو زبيدة بالمسؤول الرفيع في القاعدة، ولذلك يستحق استخدام أساليب الضغط عليه، ولكن الخبراء اكتشفوا بعد ذلك أنه كان مجرد وسيط يقوم بتوصيل المجندين إلى معسكرات القاعدة.
واذا تم السماح بنشر التقرير، فسيكشف وحشية معاملة الأسرى مثل علي عبد العزيز علي، الملقب عمار البلوشي الذي تعرض للتعذيب عن طريق الإغراق في حاوية ماء مثلج في (سالت بت)، بالقرب من كابول، ثم نقل إلى موقع أسود آخر للوكالة في رومانيا عام 2003، ثم نقل إلى غوانتنامو عام 2006، ويقول محاموه إنه عانى من إصابة في الرأس، وهو معتقل لدى الوكالة.