دعا المجلس التمثيلي لتتار
القرم، الجمعة، السلطات الجديدة في هذه المنطقة التي تم إلحاقها بروسيا، إلى العمل على نزع سلاح
الميليشيات الموالية لروسيا وتمكين الشرطة مجددا من القيام بعملها.
وأصدر هذا المجلس "نداء لحماية حقوق الإنسان والحريات" أقره الخميس ونشر الجمعة على موقع المجلس على الإنترنت، وأشار إلى حصول العديد من الحوادث والتهديدات التي استهدفت
التتار من المسلمين والذين يمثلون ما بين 12 و15% من سكان القرم.
ويطلب المجلس من السلطات الجديدة التي لم يسمها بأي اسم، إلى "حل كل التشكيلات التي تسلمت مهمات الشرطة وعمل أجهزة حفظ النظام بشكل غير شرعي".
وكان ممثلو التتار دعوا إلى مقاطعة الاستفتاء الذي جرى الاثنين الماضي وصوتت بموجبه غالبية ساحقة من سكان شبه جزيرة القرم إلى جانب ضم المنطقة إلى
روسيا.
وأضاف إعلان المجلس التمثيلي للتتار الذي وقعه رئيسه رفعت تشوباروف "أمام الوضع البالغ التعقيد فإن هدفنا الأساسي هو الحفاظ على السلام في أرض القرم وضمان الأمن والعيش الكريم لجميع السكان والتعاون بين جميع مكونات مجتمع القرم المتعدد".
وخلص الإعلان إلى القول إن "التهديدات المباشرة باللجوء إلى العنف ضد تتار القرم في وسائل النقل والمحلات التجارية والمدارس والأماكن العامة الأخرى، باتت تتكرر كثيرا".
وطلب من السكان التتار الإبلاغ عن أي حادث يتعرضون له.
العقوبات ضد روسيا بدات تتجسد
مع حرمان مواطنين روس من إمكانية استخدام بطاقات الإئتمان وتعرض العملة الوطنية الروسية لتهديد وكالات التصنيف الائتماني، بدأت العقوبات الأميركية الجديدة التي فرضت ضد موسكو تتجسد الجمعة وإن كان تاثيرها لا يزال محدودا.
وفي حين لم يكن للسلسة الأولى من العقوبات ضد شخصيات روسية التي أعلنتها الولايات المتحدة الاثنين الماضي ردا على ضم القرم إلى روسيا، انعكاس كبير على الاقتصاد، فإن السلسلة الثانية التي أعلنها الخميس الرئيس الأميركي باراك أوباما كان لها تأثير ملموس أكثر.
ومنذ صباح الجمعة، واجه زبائن عدد من البنوك الروسية مفاجأة سيئة تتمثل في عدم تمكنهم من استخدام بطاقاتهم الائتمانية "فيزا" أو "ماستركارد" للشراء او لسحب نقود من آلات توزيع مؤسسات مالية اخرى.
فقد أوقفت المجموعتان الأميركيتان العملاقتان للبطاقات المصرفية خدمات الدفع بالنسبة إلى زبائن هذه المصارف.
والبنك المعني بالدرجة الأولى بهذا الإجراء والذي سمته واشنطن الخميس، هو بنك روسيا.
هذه المؤسسة المصرفية التي يملكها يوري كوفالتشوك الذي يعتبر "المصرفي الخاص لكبار المسؤولين في روسيا"، والذي استهدفته من جهة أخرى العقوبات الأميركية بصفته الشخصية، لها 470 ألف زبون خاص و24 ألف شركة.
وسارع الرئيس فلاديمير بوتين إلى التأكيد على أن السلطات الروسية ستساعد هؤلاء الزبائن.
وقال بحسب وكالة "ريا نوفوستي" إن "علينا حماية زبائن هذا المصرف والقيام بكل ما في وسعنا لكي لا تكون هناك عواقب سلبية لا على هذه المؤسسة المالية ولا على زبائنها".
لكن العقوبات الاميركية شملت مؤسسات مالية أخرى مثل بنك "اس ام بي" وبنك "انفست كابيتال بنك" المملوكين للاخوين اركادي وبوريس روتنبرغ، كذلك مصرف "سوبنبنك"، وهو فرع بنك روسيا مئة بالمئة.
وراى ميخائيل كوزمين المحلل لدى مؤسسة انفستكافي، إن "الوضع تدهور" منذ الخميس على الرغم من أن العدد الإجمالي للأشخاص المعنيين جاء محدودا بالنظر إلى المدخرين في روسيا.
وهذه العقوبات التي تطال عشرين شخصا ومصرفا "لا تشمل قطاع الأعمال الروسية في مجمله"، كما أشار من جهته افغيني نادورشين الخبير الاقتصادي لدى "ايه أف كي سيستيما".
لكنه أقر بـ"أنهم أشخاص مهمون، بالطبع. وهذا قد يؤثر على أرصدتهم في الخارج (...). الأمر الذي سينعكس على أنشطتهم في الخارج وعلى أعمالهم".
لكن يتعين على روسيا أن تخشى المزيد من سلسلة العقوبات المقبلة المحتملة، بحسب المحلل.
وقال نادورشين: "أذا أدت العقوبات إلى الحد من إمكانيات التسديد بواسطة الوكالات الأجنبية، فإن الأمر سيكون خطيرا للغاية. إذ أن غالبية المؤسسات الروسية التي تتعامل مع شركاء أجانب تسدد بالدولار ولديها حسابات في الولايات المتحدة".
وحذر الرئيس باراك أوباما من جهة أخرى من أن الولايات المتحدة قد تستهدف في المستقبل قطاعات رئيسية في الاقتصاد الروسي.
وبعيد هذه التصريحات، أعلنت وكالة "ستاندارد اند بورز" للتصنيف الائتماني أنها خفضت آفاق درجة تصنيف روسيا إلى "سلبي" وحذت وكالة فيتش حذوها صباح الجمعة.
وهذا يعني أن هاتين الوكالتين قد تخفضان درجة تصنيف روسيا ما قد يؤدي إلى زيادة كلفة الإقتراض، ودفع بعض المستثمرين إلى الابتعاد عن ديونها، وهو خبر سيء لاقتصادها الذي بدأ يسجل تباطؤا.
وشكك المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف بموضوعية وكالتي التصنيف الائتماني.
ونقلت عنه وكالة ريا نوفوستي قوله أن "خبراءنا والخبراء الأوروبيين والأميركيين سبق وأن شككوا في موضوعية هاتين الوكالتين".
من جهته أقر وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف بأن هذه العقوبات ستكون "سلبية" على الاقتصاد.
وقال بحسب ما أوردت ريا نوفوستي: "من الممكن أن نتخلى عن الاقتراض من الخارج وأن نخفض الاستدانة الداخلية جزئيا".
والجمعة دعا رئيس الوزراء الأوكراني الانتقالي ارسيني ياتسينيوك الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات اقتصادية "حقيقية" ضد روسيا التي تهدد برأيه النظام العالمي.
وقال ياتسينيوك إثر توقيع الشق السياسي من اتفاق الشراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي مع القادة الأوروبيين، إن "أفضل وسيلة لاحتواء روسيا هي إخضاعها لضغط اقتصادي حقيقي".
وهذا الاتفاق الذي يرمي إلى ربط أوكرانيا سياسيا واقتصاديا مع الاتحاد الأوروبي ولكن من دون آفاق الانضمام إليه "يستجيب لطموحات ملايين الأوكرانيين الذين يريدون أن يكونوا جزءا من الاتحاد الأوروبي".
وقال رئيس الوزراء الأوكراني إنه مقتنع بأن "الاتحاد الأوروبي سيتحدث بصوت واحد وقوي".
وهذا الاتفاق الذي عدل الرئيس الأوكراني المعزول فيكتور يانوكوفيتش عن توقيعه في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، كان وراء حركة الاحتجاج في أوكرانيا التي أدت إلى النزاع الحالي.
بوتين يوقع قانونين بضم القرم إلى روسيا
من جهة أخرى وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة قانونين يكملان إجراءات ضم منطقة القرم إلى روسيا بينما تملك القلق المستثمرين من قرار الولايات المتحدة فرض عقوبات على دائرته المقربة من رجال الأعمال ومسؤولي الأمن.
ووعد بوتين بحماية بنك وضعته واشنطن في القائمة السوداء ويملك حليف قديم له جزءا منه وقال المتحدث باسم بوتين إن روسيا سترد بالمثل على القيود المالية وقيود التأشيرات الأمريكية.
وهوت الأسهم الروسية بعد أن هدد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس الخميس باستهداف قطاعات رئيسية من الاقتصاد الروسي إن حاولت موسكو ضم مناطق أوكرانية تقع وراء شبه الجزيرة المطلة على البحر الأسود.
وضاق الخناق حينما أوقفت شركتا فيزا وماستر كارد دفع خدمات مشتريات عملاء بنك روسي يملكه شقيقان على القائمة الأمريكية السوداء.
وعبر زعماء الاتحاد الأوروبي الذين يصرون أيضا على أن القرم لاتزال جزءا من أوكرانيا عن اعتزامهم الحد من اعتماد بلادهم على مصادر الطاقة الروسية ووقعوا اتفاقا سياسيا مع زعامة أوكرانيا طرح بعد الإطاحة بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش المدعوم من موسكو الشهر الماضي.
وفي مراسم بالكرملين نقلها التلفزيون الروسي على الهواء مباشرة وقع بوتين قانونا يصدق على معاهدة تجعل القرم جزءا من روسيا وعلى تشريع ينشيء منطقتين إداريتين روسيتين جديدتين هما القرم وسيفاستوبول، حيث يوجد جزء من الأسطول الروسي بالبحر الأسود.
وسخر المسؤولون والمشرعون في موسكو من العقوبات التي فرضها الغرب بعد أن سيطرت القوات الروسية على القرم.
ومهد استفتاء أجري الأحد الماضي في المنطقة التي يغلب عليها سكان يتحدثون الروسية السبيل لضم روسيا للمنطقة في غضون أسبوع.
وأيدت نتيجة الاستفتاء الوحدة مع روسيا بأغلبية ساحقة لكن واشنطن والاتحاد الأوروبي قالا إن النتيجة مزورة.
وتعمقت المواجهة الدبلوماسية بقرار أوباما فرض عقوبات على الدائرة المقربة من بوتين التي رافقته منذ أن كان نائبا لرئيس بلدية سان بطرسبرج في التسعينات إلى أن تولى رئاسة البلاد.
وقال بوتين إن بنك روسيا الذي اختصته واشنطن بالعقوبات لا علاقة له بالأحداث في القرم.
ويقع مقر البنك في سان بطرسبرج ويرأسه ويملك جزءا منه يوري كوفالتشوك وهو شخصية مقربة من بوتين منذ فترة طويلة.
وهو يخدم عملاء بقطاع الطاقة الروسية من ضمنهم مؤسسات تملكها شركة جازبروم للغاز التي تديرها الدولة.وقال بوتين إنه سيحول دخله إلى بنك روسيا.
وقال في اجتماع لمجلس الأمن الروسي: "أنا شخصيا لا أملك حسابا هناك لكني بالقطع سأفتح حسابا الإثنين المقبل".
ومن بين الأسماء الأخرى في القائمة الأمريكية السوداء جينادي تيمتشينكو قطب تجارة النفط والسلع والأخوان أركادي وبوريس روتنبرج وهما اسمان مرتبطان بعقود ضخمة في قطاع أنابيب الغاز ودورة سوتشي للألعاب الشتوية وكذلك مدير مكتب بوتين ونائب ومدير المخابرات العسكرية ورئيس هيئة السكك الحديدية.
عقوبات على 12 روسيا وأوكرانيا
وفرض الاتحاد الأوروبي الجمعة عقوبات على 12 روسيا وأوكرانيا قال إنهم مسؤولون عن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية من بينهم ديمتري روجوزين نائب رئيس الوزراء الروسي ومساعدين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وبموجب العقوبات ستجمد أصول هؤلاء الأشخاص في الاتحاد الأوروبي وسيحظر سفرهم إلى دوله.
ومساعدا بوتين على قائمة العقوبات التي توسع قائمة سابقة وضعت في وقت سابق الشهر الجاري هما فلاديسلاف سوركوف وسيرجي جلازييف.
واستبعد أليكسي موسييف نائب وزير المالية الروسي أن تترك العقوبات أثرا كبيرا على الفور.
وحدة في مجال الطاقة
تعتمد معظم الدول الأوروبية بقوة على صادرات النفط والغاز الروسية مما يجعلها عرضة لأي خطوة انتقامية من جانب موسكو.
وقال رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي إن دول الاتحاد ستساعد بعضها بعضا على الحفاظ على الإمدادات إذا أوقفت موسكو صادراتها.
وقال في مؤتمر صحفي في ختام اجتماع قمة في بروكسل "نحن جادون إزاء خفض اعتمادنا على الطاقة".
وأضاف أن مجرد الإعلان عن مثل هذه النوايا سيؤثر بقوة على الاستثمار في روسيا.
وحدث أن خفضت روسيا إمدادات الغاز لأوكرانيا من قبل ما أدى إلى تقلص الإمدادات لدول الاتحاد الأوروبي التي تنقل عبر الجمهورية السوفيتية السابقة رغم أن بوتين لم يكن يستهدف الغرب وقتها.
وستعمل دول الاتحاد الأوروبي التي تشتري الغاز الروسي كل على حدة للتفاوض مع موسكو حول صفقات الإمدادات على نحو مشترك لزيادة قوتها التفاوضية.
وقال فان رومبوي: "من الواضح أننا بحاجة للتحرك باتجاه وحدة في مجال الطاقة".
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن الثقة تضعف في إمدادات الطاقة الروسية وأثارت احتمال أن يكون الغاز الطفلي الأمريكي خيارا للدول الأوروبية الراغبة في تنويع مصادر الغاز.
ومن المتوقع أن يثير أوباما المسألة حين يعقد قمة مع زعماء الاتحاد الأوروبي الأربعاء القادم.
الدعم الأوروبي لكييف
في بروكسل أكد زعماء الاتحاد الأوروبي الثمانية والعشرون تأييدهم للزعامة الجديدة في أوكرانيا عقب سقوط يانوكوفيتش إثر احتجاجات حاشدة.
ووقعوا اتفاقا سياسيا مع رئيس الوزراء المؤقت أرسيني ياتسينيوك ووعدوا بتقديم مساعدات مالية للحكومة بمجرد أن تتوصل كييف لاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وسيرفع صندوق النقد الدولي تقريرا الثلاثاء المقبل بشأن محادثاته مع كييف على برنامج إقراض سيرتبط بإصلاحات واسعة للاقتصاد المتعثر.
وتفجرت احتجاجات في أوكرانيا على مدى ثلاثة أشهر بعد أن رفض يانوكوفيتش توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي وهو الاتفاق الذي تم الجمعة توقيع الجانب السياسي منه.