كان التزاوج بين البيض والسود ممنوعا في جنوب أفريقيا العنصرية. وكانت الحكومة تقر ممارسة التمييز في الوظائف لصالح البيض. وفي المناطق التي أقرت للبيض تم هدم بيوت السود بالجرافات وأجبر السود أن يعيشو في بلدات منفصلة خاصة بهم، وقد مات آلاف المحتجين الذين عارضوا هذا النظام بعد أن سجنوا وعذبوا.
وقاد
مانديلا النضال لتحرير البلاد من هذا التقسيم العنصري. وفي
فيلم جديد من إنتاج جاستين تشادويك يلعب إدريس إلبا (الممثل البارز في مسلسل ذي واير الأمريكي ومسلسل لوثر الإنجليزي) دور مانديلا في فيلم طوله 141 دقيقة تؤرخ لحياة مانديلا منذ أن كان محاميا في جوهانزبيرغ، إلى انضمامه إلى المؤتمر الوطني الأفريقي ومساعدة الجناح المسلح للمؤتمر، وحتى سجنه الذي دام 27 عاما وانتخابه كأول رئيس أسود لجنوب أفريقيا.
وبالرغم من أن تركيبة الفيلم التسلسلية للأحداث المهمة في حياته تساعد على شئ من التفصيل، إلا أن الفيلم الذي ارتكز على مذكرات مانديلا الشخصية والتي نشرها عام 1995 بعنون (المشوار الطويل نحو الحرية) يمر بشكل سريع على قضايا أساسية ولا يستعرض وحشية نظام الفصل العنصري (الأبارتايد) ولا دور الحكومات الغربية التي أيدت ذلك النظام.
ومن الأمثلة على ذلك: يخصص الفيلم مشهدا عابرا لمانديلا ورفاقه يصعدون إلى القسم المخصص للبيض في القطار كأسلوب للاحتجاج حيث يطاردهم الحراس البيض. ولا يتطرق الفيلم إلى الدور الرئيسي الذي لعبته المخابرات المركزية الأمريكية في اعتقال مانديلا عام 1962، أو حقيقة أن الدول الغربية كانت حتى وقت قريب تعتبره "إرهابيا".
وفي الجانب الإيجابي للفيلم فإنه يعكس بشاعة مذبحة شاربافيل عام 1960، حيث فتحت الشرطة النار على المحتجين المدنيين الذين اجتمعوا خارج محطة الشرطة في بلدة شارربافيل للسود، ما أدى إلى قتل 69 منهم.
أما بالنسبة للشخصيات في الفيلم فلا ندري أيهما أسوأ المكياج الذي يزيد من العمر والذي استخدمه ممثل مانديلا ليظهر بسن أكبر، أم حقيقة أنه وعلى ما يبدو لم يكن هناك كفاية من هذا المكياج ليستخدم على ممثلة زوجته ويني، والتي بقيت على نفس هيئتها طوال 27 عاما من سجنه.
ويني، والتي لعبت دورها ناومي هارس، كانت زوجته الثانية وكانت تناضل من أجل الحرية من نظام الأبارتايد وقد أظهر الفيلم فترة سجنها وفصلها عن أبنائها.
وقد ترك مانديلا زوجته ويني بعد عامين من إطلاق سراحه من "روبن أيلاند"، وتزوج جراكا ميشيل والتي لا تظهر في الفيلم نهائيا. وفي سنواته الأولى يخون مانديلا زوجته الأولى إيفيلين، مما يجعل المرأ يتساءل أما كان أولى بالنزاهة التي يحتفي بها الناس في حياة مانديلا أن تكون حاضرة في حياته العائلية.
جاء صدور الفيلم بعد عشرين يوم من وفاة مانديلا التي أعادت إلى الذاكرة تأييده للقضية
الفلسطينة ومقولته المشهورة: "حريتنا ليست كاملة دون حرية الفلسطينيين."
فكما كان الحال في جنوب أفريقيا العنصرية يعيش الفلسطينيون في مدن وقرى تحاصرها وتفتتها الكتل الإستيطانية، ونظام طرق وباصات مفصولة، وحواجز عسكرية وجدار الفصل العنصري الذي يمزق القرى الفلسطينية. وبينما كان يحمل السود في جنوب أفريقيا تصاريح تحد من حركتهم وتمنعهم من الدخول في مناطق البيض فإن الفلسطينيين يحملون هوية الضفة الغربية أو القدس، ودولة الاحتلال تحدد مجال حركة كل منهما. أما الفلسطينيون الذين يعيشون في غزة فلا يستطيعون زيارة أقاربهم في الضفة الغربية.
فيلم تشادويك (المشوار الطويل نحو الحرية) يذكر بأن الظلم لا يزال موجودا في انحاء العالم، ويحتفي بما يمكن للبشرية أن تحقق عندما تقاوم هذا الظلم.
عن الميدل إيست مونيتر