مقالات مختارة

إنها الردة.. اقطفوا الرؤوس!

1300x600
استمعت أمس لخطاب مسجل (قرابة 37 دق?قة) للمتحدث باسم "الدولة ا?س?م?ة في العراق والشام" (داعش) أبو محمد العدناني، يعلّق ف?ه على مجريات الصراع الدموي الدائر في المناطق الشمال?ة في سورية.

ب?ن ھذا التنظ?م (الذي انشّق عمل?اً عن "القاعدة" ا?ّم بق?ادة أبو بكر البغدادي) وب?ن الفصائل ا?س?م?ة ا?خرى؛ الجبهة ا?س?م?ة وج?ش المجاھدين، وفصائل من الج?ش الحرّ!

خطاب العدناني ھو، عمل?اً، الجواب السلبي على المبادرة التي أطلقها زع?م جبهة النصرة، أبو محمد الجو?ني (الممثل الشرعي لـ"القاعدة" في سورية!)، عبر خطابه الذي حمل عنوان "?.. ? في ساحات الشام"، وتحدث ف?ه عن ا?خطاء في س?اسة "داعش"، ودعا إلى تشك?ل ھ?ئة للفصل في الخصومات، وتجن?ب سورية إراقة دماء المدن??ن وا?برياء والمقاتل?ن ضد النظام السوري.

مبادرة الجو?ني أيدھا الدكتور إياد القن?بي، أحد أبرز الشخص?ات ا?س?م?ة ا?ردن?ة، التي تحظى بكلمة نافذة ومسموعة في ا?وساط السلف?ة في سورية؛ سواء جبهة النصرة أو حتى الجبهة ا?س?م?ة، ويلقى ھجوماً عن?فاً من أنصار "داعش" في "المنتديات الجهادية".

وحتى الت?ار السلفي الجهادي ا?ردني منقسم على نفسه ب?ن مؤيد لـ"الجبهة" وآخر لـ"الدولة"، ھنا وھناك في سورية؛ إذ اتصل أحد ا?ردن??ن المقاتل?ن مع "الجبهة" مع أھله من حلب، وأخبرھم أنهم يقاتلون ال?وم "داعش"!

بالعودة إلى خطاب العدناني، المتحدث باسم "داعش"، ما المرعب ف?ه؟ بكلمات مختصرة معدودة، فإنه يعتبر أّن كل من يقاتلهم ال?وم من الفصائل ا?س?م?ة وغ?رھا، ھم من "الصحوات" والمرتدين، ويتوعد بقطف رؤوسهم وقتلهم واستباحة دمائهم.

ويض?ف إل?هم الج?ش الحر وا?ئت?ف الوطني بطب?عة الحال، ويدعو إلى قطع رؤوسهم وقتلهم، ويؤكّد بأّن التنظ?م لن يتنازل، وس?خوض الحرب إلى النهاية!

يكفي الوقوف على السطر التالي للتعرف على جوھر ھذا الخطاب: "اعلموا أن لنا ج?وشا في العراق. وج?شا في الشام من ا?سود الج?اع؛ شرابهم الدماء، وأن?سهم ا?ش?ء، ولم يجدوا في ما شربوا أشهى من دماء الصحوات".

بعد ذلك ? تحّدثني، يا صديقي، عن موضوع الديمقراط?ة والحريات العامة والدولة المدن?ة، والشراكة الوطن?ة.

فمن باب الترف ونافلة القول، على رأي أھل ا?دب، أن نتحدث عن موقف العدناني والبغدادي وھذا الخطاب منها؛ فهي تهمة قائمة بذاتها لمن ينادي بها أو يتبنّاھا، وكفر واضح صريح، حتى إّن أحد أنصارھم في ا?ردن أصدر تسج??ً يرى أّن م?ثاق الجبهة ا?س?م?ة السلف?ة نفسها ف?ه كفر وخروج عن الدين!

المفارقة أّن الفرض?ة الدارجة، في أروقة ھذه الفصائل، تطغى عل?ها جم?عاً نظرية المؤامرة "المتبادلة"! فـ"داعش" ترى بأّن ما يحدث مؤامرة مدبّرة مسبقاً، واستنساخ لتجربة الصحوات. وقد أصدرت أف?ماً وثائق?ة مطولة.

وا?خرون يرون أّن "داعش" ھي المؤامرة ا?يران?ة والسورية، وھو ما ألمح إل?ه وزير العدل العراقي، الذي اتهم المسؤول?ن العراق??ن بالتواطؤ في عمل?ة تهريب سجناء أبو غريب، ?نقاذ النظام السوري عبر "تصن?ع القاعدة".

ما يحدث ل?س انتصاراً للنظام ا?جرامي في دمشق، بل ھو أخطر بكث?ر من ذلك. ھو إيذاٌن برياح التطرف التي ستجتاح المنطقة، حتى تصبح "القاعدة" والجو?ني بالنسبة للبغدادي والعدناني، متهاون?ن متواطئ?ن مع المؤامرة.

وھو خطاب يمثل، بالمناسبة، ا?متداد الشرعي لم?راث أبو مصعب الزرقاوي؛ فماذا س?كون توص?ف جماعة ا?خوان المسلم?ن، مث?ً، في ھذا الخطاب؟! وما ھو الموقف من ا?نظمة الحاكمة؟!

من يتاجر بالتطرف بوصفه طوق النجاة، ھو الجاني الحق?قي عن وصول آ?ف من أبنائنا إلى ھذه القناعات، لتختطفهم رياح ھذه الجماعات.  

فأين البديل الس?اسي وا?خ?قي والديني والثقافي أمام مجتمعاتنا، حتى ? نغرق في بحار الفوضى والتطرف وا?نهيار المتعدد ا?بعاد؟

(الغد الأردنية)