في
الوقت الذي توقفت فيه طبول الحرب في
غزة، بدأ الاسرائيليون يخوضون نقاشات لا تقل
ضراوة عن الحرب التي توقفت، وتتركز في إمكانية تواجد قوات عربية وإسلامية ودولية، حتى
أن قطاعات واسعة منهم يعتبرون أنه لا توجد نتيجة أسوأ للحرب الأخيرة من وجود تركي
قطري يدعم ما تبقى من حماس في القطاع.
وزعم إيهود
يعاري المستشرق الاسرائيلي في القناة 12، أنه "لا يجب أن ننسى أنه في طور
الحديث عن تواجد قوات تركية في غزة أنه يوجد في إسطنبول مقر عملياتي يضم عشرات
العناصر من حماس، وهذا المقر منخرط، وبعلم السلطات التركية، في العمليات المسلحة
ضد إسرائيل في الضفة الغربية، ولذلك ليس هناك من إسرائيلي ساذج، ومثل هؤلاء السذج
كثر في الحكومة الإسرائيلية، يوافق على تكليف
تركيا، ولو بجزء صغير من مسؤولية إدارة
قطاع غزة في المستقبل".
وأضاف
في
مقال ترجمته "عربي21" أن "من وقّع
على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والإشارة متوجهة الى رئيس الحكومة نفسه، بنيامين
نتنياهو، يجد نفسه الآن في حيرة من أمره، لأنه ربما أدرك متأخرا أن إدخال الأتراك
والقطريين إلى قطاع غزة بعد وقف إطلاق النار خطوة خاطئة وخطيرة، وقد اتُخذت دون
دراسة وافية، بعد أن كانت الفكرة الأساسية طوال شهور الحرب أن تتولى دول الخليج،
بقيادة السعودية والإمارات، بجانب مصر والولايات المتحدة ودول أوروبية، مسؤولية
"اليوم التالي" في غزة".
وأوضح
أن "هذا كان جوهر خطة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، التي تستمد
منها مبادرة الرئيس دونالد ترامب المكونة من 20 نقطة جميع توصياتها، والآن، فجأة، ولأن
الأخير مُعجب بكرم القطريين تجاهه، وشخصية الرئيس رجب طيب أردوغان، توافق إسرائيل على دخول الدولتين، الداعمتين الرئيسيتين لحماس، إلى غزة، مع العلم أن عددًا
لا بأس به من قادة حماس الذين غادروا غزة واحدًا تلو الآخر يقيمون في الدوحة،
بينما يوجد في إسطنبول مقر عمليات يضم عشرات العناصر الذين يتعاملون مع العمليات
العسكرية".
وتساءل الكاتب "كيف يُمكن لدولة إسرائيل أن تُوافق على قبول الدوحة وأنقرة كرعاة رئيسيين لإعادة إعمار قطاع غزة، لاسيما وأن القطريين يشرعون في مدّ خط سكة
حديد من ميناء العريش إلى معبر رفح، ليتمكنوا من إمداد سكان غزة بسرعة، ودون انقطاع،
كما سمح الأتراك بالفعل لمنظمة IHH، المسؤولة عن أسطول الحرية الشهير المتجه إلى غزة، بدخول القطاع، كما
عيّنوا منسقًا للمساعدات الإنسانية" لغزة، وتنتظر مئات الأطنان من معدّاتها
في سيناء لدخول القطاع".
وذكر
أنه "يجري بالفعل نقل كميات هائلة من الوقود وزيت الطهي من قطر إلى قطاع غزة
عبر معبري كرم أبو سالم وكيسوفيم الإسرائيليين، ولدى الأتراك خطط كبيرة للتصرف
هناك كداعمين رئيسيين لحماس، يحدث كل هذا بينما تُصرّح حماس بكل وضوح أنها لا تنوي
نزع سلاحها، ولا تنوي قبول الشروط التي يطرحها أبو مازن أمامها لتحقيق
"الوحدة الفلسطينية" في المؤتمر الذي تدعو إليه مصر".
وأضاف
يعاري أن "حماس في غزة قررت التأكيد على قدرتها على الصمود، رغم أنها متذبذبة، وبلا
قيادة، لكنها لم توافق على نزع سلاحها، وهي مطمئنة إلى أن قطر وتركيا ستبذلان كل
ما بوسعهما لمساعدتها، الأمر الذي يستدعي من الحكومة الإسرائيلية ألا تستسلم لهذا
الأمر، ولا لتفضيلات ترامب الشخصية، ولا حتى لسلوك ويتكوف وكوشنر الذي قد يكون
إشكالياً في بعض الأحيان، لأن وجود تركيا وقطر في غزة فشل تاريخي إسرائيلي، وسندفع
ثمنه باهظاً".
ليست
المرة الأولى التي يتوقف الاسرائيليون عندها مطولا أمام الانخراط التركي المتزايد
في غزة في اليوم التالي، مما سيعمل على تعزيز مكانتها على الساحة الفلسطينية،
معربين عن مخاوفهم من أن وراء هذا التواجد رغبة في التأثير على المدى الطويل، مما
قد يُحوّل تركيا إلى طرف مُعقّد، بل وغير مُريح لدولة
الاحتلال.