حقوق وحريات

تزايد الإعدامات في السعودية.. هل تستخدم قضايا المخدرات ذريعة للتصفية السياسية؟

الأجانب يمثلون نسبة 75 بالمئة من جميع الإعدامات في القضايا المتعلقة بالمخدرات- الأناضول
شهدت السعودية تصاعدًا ملحوظًا في تنفيذ أحكام الإعدام بعدما وصل عددها في عام 2025 إلى 64 حالة حتى الآن، وتزامن ذلك مع مخاوف متزايدة من تنفيذ أحكام بحق مواطنين مصريين في قضايا تتعلق بالمخدرات.

وتثير الحملة التصعيدية التي تنفذها السعودية حول الإعدامات العديد من التساؤلات حول نوعية القضايا التي يتم تنفيذ العقوبات فيها، والمخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان، خاصة مع تزايد القضايا المرتبطة بالمخدرات.

تزايد الإعدامات
في بداية عام 2025، تم تنفيذ 64 حكما بالإعدام في السعودية، طبقًا للمنظمات الحقوقية، وتشير التقارير إلى أن 7 من هؤلاء اتهموا في قضايا سياسية، ووجهت لهم تهم "الخيانة" أو "التخابر".

وسجلت السعودية تزايدًا في الأحكام المتعلقة بالمخدرات، حيث كان هذا الموضوع من بين أبرز القضايا التي شهدت تنفيذ أحكام بالإعدام في السنوات الأخيرة، بما في ذلك تنفيذ 117 حكمًا في قضايا المخدرات فقط عام 2024.



مع تصاعد هذه الإعدامات، يشير البعض إلى أن السلطات السعودية قد تستخدم قضية المخدرات كذريعة لتنفيذ أحكام قاسية بحق الأشخاص، سواء كانوا مواطنين سعوديين أو أجانب. فالقضايا السياسية والمخدرات تثير الجدل بشكل متزايد، حيث يتحدث البعض عن أن هناك محاكمات تفتقر للمعايير الدولية.

الإعدامات في 2024: عام "الدموية" والتصعيد
وصل عدد الإعدامات في السعودية عام 2024 إلى 338 حالة، مسجلة رقمًا قياسيًا في تاريخ المملكة، من بين هذه الأحكام، تم تنفيذ 117 حكمًا بالإعدام في قضايا المخدرات، ما يعكس الحملة الصارمة التي تشنها السلطات على هذه الجرائم.

وتعتبر منظمات حقوق الإنسان أن هذه الإعدامات قد تُستخدم أداة لتثبيت السلطة الداخلية في المملكة، فيما يراها آخرون وسيلة لإرسال رسالة حازمة بشأن مكافحة المخدرات.


وأكدت الناشطة في حقوق الإنسان، دعاء دهيني، أن عام 2024 كان عامًا دمويًا بامتياز، حيث ارتفعت الحملة على قضايا المخدرات بشكل مفاجئ. وتعتقد دهيني أن ذلك قد يكون مقدمة لتصاعد أكبر في عام 2025، وهو ما يتماشى مع تنامي التوترات السياسية والحقوقية في المملكة.

موقف المصريين


وتزايد القلق في مصر بشأن مصير المواطنين المصريين الذين صدرت بحقهم أحكام بالإعدام في السعودية، حيث تُشير التقارير إلى وجود 33 مصريًا محكومًا بالإعدام في المملكة.

وقد وردت تقارير عن إضراب عدد من هؤلاء المحكومين في سجن تبوك احتجاجًا على المعاملة السيئة والحرمان من التواصل مع عائلاتهم، الأمر الذي يزيد من المخاوف حول مصيرهم، خاصة بعد إعدام 6 منهم.



المنظمات الحقوقية أكدت أن هؤلاء المصريين يتعرضون لانتهاكات شنيعة، بما في ذلك التعذيب والتلفيق، في محاكمات تفتقر إلى المعايير الدولية، وتواجه العائلات أيضًا تحديات كبيرة في محاولاتها للتواصل مع أحبائها أو الحصول على أي معلومات حول حالاتهم.

وتشير بعض التقارير إلى أن هناك محاولات من قبل عائلات هؤلاء المحكومين للضغط على الحكومة السعودية من خلال الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية، إلا أن محاولاتهم لم تثمر عن نتائج ملموسة.


انتهاكات حقوقية وغياب العدالة


وتمثل المحاكمات التي يواجهها المحكومون بالإعدام في السعودية، خاصة في قضايا المخدرات، نقطة شائكة في النظام القضائي السعودي، حيث يعاني المتهمون من غياب المحامين، ما يعرضهم لخطر الحكم عليهم بالإعدام بناءً على اعترافات غالبًا ما تكون ناتجة عن التعذيب.

وأكدت الأبحاث التي أجرتها منظمات حقوق الإنسان أن هناك عيوبًا كبيرة في الإجراءات القانونية في المملكة، وأن المتهمين غالبًا ما يُحكم عليهم بناءً على اعترافات تحت التعذيب دون مراعاة للمعايير الدولية للعدالة.

علاوة على ذلك، تعتبر هذه المحاكمات محاكمات سرية في معظم الحالات، حيث يتم تنفيذ الإعدام دون إخطار للعائلات أو الممثلين القانونيين، وهذه السرية قد تزيد من تعقيد الوضع بالنسبة لأسر الضحايا، التي لا تعرف متى أو أين سيُنفذ حكم الإعدام، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.


الانتقادات والنداءات لوقف الإعدامات
وعلى الصعيد الدولي، تحظى الإعدامات في السعودية بانتقادات شديدة من قبل منظمات حقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بالإعدامات المتعلقة بالمخدرات.


في عام 2024، مثل الأجانب نسبة 75 بالمئة من جميع الإعدامات في القضايا المتعلقة بالمخدرات، ما أثار قلقًا لدى الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية التي تطالب بوقف هذه الممارسات، وفي هذا السياق، أصدرت الأمم المتحدة عدة بيانات تدين هذه الإعدامات، داعية السلطات السعودية إلى مراجعة موقفها والتوقف عن تنفيذ أحكام الإعدام في قضايا المخدرات، التي تُعتبر انتهاكًا للقوانين الدولية.

كما طالبت المنظمات الحقوقية بضرورة توفير محاكمة عادلة لجميع المتهمين، بما في ذلك الحق في الحصول على محامٍ. ورغم أن المملكة تحاول تلميع صورتها من خلال "رؤية 2030" الإصلاحية، فإن هذه الإعدامات ما زالت تثير العديد من التساؤلات حول التزام السعودية بحقوق الإنسان في نظامها القضائي.