نشر موقع "دويتشه فيله"
تقريرا، تناول فيه تأثير خطط الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب على تطبيع العلاقات بين
السعودية وإسرائيل خلال فترة رئاسته الثانية في عام 2025، مبينًا أنّ ترامب كان يهدف إلى تحقيق تطبيع مع إسرائيل، ويعتبر ذلك جزءًا من سياسته في الشرق الأوسط.
وأفاد الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي 21"، بأنه يبدو أن الاقتراحات المثيرة للانقسام بشأن مستقبل الفلسطينيين من غزة تتوالى منذ لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن الأسبوع الماضي.
وأشار الموقع إلى أن ترامب أوضح، الاثنين، أنه لن يُسمح للفلسطينيين بالعودة إلى قطاع غزة إذا تم تنفيذ خططه لشراء وإعادة بناء القطاع الذي دمرته الحرب.
ونقل الموقع تصريحات ترامب لشبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، حيث قال: "سيحصلون على مساكن أفضل بكثير... في مجتمعات تبعد قليلاً عن مكانهم الحالي، حيث يوجد كل هذا الخطر".
وأوضح التقرير، أن ترامب يرغب في أن تكون الدول المجاورة في المنطقة، مثل مصر والأردن، هي الدول المضيفة الرئيسية لنحو مليوني فلسطيني من غزة.
وأضاف أن خبراء قانونيين يقولون إن طرد الفلسطينيين من غزة ينتهك القانون الدولي، بينما حذرت الأمم المتحدة من "التطهير العرقي".
وتحدث التقرير عن طرح فكرة أخرى مثيرة للجدل من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ فقد قال مؤخرًا للقناة 14 الإسرائيلية إن "السعوديين يستطيعون إنشاء دولة فلسطينية في السعودية، فلديهم الكثير من الأراضي هناك".
وفي المقابل، لم يقتصر الأمر على مصر والأردن، بل إن السعودية أيضًا أكدت أن استقبال الفلسطينيين من غزة لن يحدث.
رفض عربي أحادي الجانب
ونشرت وزارة الخارجية السعودية على موقع "إكس"، أن "المملكة تؤكد أن الشعب الفلسطيني له حق في أرضه، وهم ليس متسللين أو دخلاء عليها يمكن طردهم متى ما أراد
الاحتلال الإسرائيلي الغاشم".
وأبرزت وزارة الخارجية السعودية أن "حق الشعب الفلسطيني سيظل راسخًا ثابتًا، ولن يتمكن أحد من انتزاعه منهم مهما طال الزمن".
واعتبر الموقع هذه التعليقات الحادة تحولًا جذريًا بنسبة 180 درجة عن الصداقة الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، خلال فترة ولاية ترامب الأولى من سنة 2017 إلى سنة 2021.
ونقل الموقع عن سيباستيان سونز، الباحث الأول في مركز الأبحاث التطبيقية بالشراكة مع الشرق في بون، قوله: "في سنة 2017، كانت هناك الكثير من الآمال المعقودة على ترامب، خاصة من قبل محمد بن سلمان، الذي كان لا يزال يعزز سلطته".
وفي السنوات التالية، تعززت الروابط السياسية والاقتصادية بين البلدين.
ومع ذلك، في حين نجح ترامب في التوسط لإقامة علاقات دبلوماسية - أُطلق عليها اسم "اتفاقات إبراهيم" - بين إسرائيل والسودان والبحرين والمغرب والإمارات، إلا أنه لم يتمكن من إبرام الاتفاق مع السعودية قبل أن يخلفه الرئيس الأمريكي جو بايدن، وفق التقرير.
وذكر الموقع أن المفاوضات بين الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية استمرت حتى هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، الذي أدى إلى اندلاع الحرب في غزة.
وفي غضون 15 شهرًا، ومع عودة ترامب إلى منصبه مرة أخرى، تغيرت الكثير من الأمور.
نفوذ العربية السعودية
ونقل الموقع عن سيباستيان سونز، قوله: "لم يعد محمد بن سلمان راسخًا في منصبه فحسب، بل أصبح واثقًا من نفسه للغاية، وهو ما يمكن ملاحظته أيضًا من خلال رد فعله على تصريحات ترامب ونتنياهو بشأن الفلسطينيين من غزة".
ومن وجهة نظر سونز، فإن "التطبيع مع إسرائيل لا يزال يمثل أولوية كبيرة لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل".
وقال سونز: "بالنسبة للسعودية، فإن تطبيع العلاقات مع إسرائيل في الوقت الراهن، والتركيز عليه حاليًا، أمر مستحيل"، مضيفًا أن "هذا يعني فقدان المصداقية، كما أن محمد بن سلمان لا يرى نتنياهو وترامب كشريكين موثوقين لإقامة حل الدولتين"، وهو ما يتفق معه مراقبون آخرون.
وقالت آنا جاكوبس، باحثة في شؤون الخليج وزميلة غير مقيمة في معهد دول الخليج العربي في واشنطن: "خطة ترامب بشأن غزة ستجعل تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل أكثر صعوبة".
وأضافت: "لقد أوضح السعوديون موقفهم بوضوح تام بأن التهجير القسري للفلسطينيين من أرضهم هو أمر غير وارد".
ولاحظ عزيز الغشيان، الزميل البارز في مؤسسة "أو أر أف" الشرق الأوسط للأبحاث ومقرها دبي، أن السعودية قد غيّرت تركيزها السياسي من البراغماتية إلى التنافس.
وقال: "السعوديون مستعدون للتصادم والخلاف مع الولايات المتحدة بدلاً من أن يكونوا براغماتيين كما كانوا في الماضي".
ومن وجهة نظره، فإن هذه الثقة مدعومة بتأييد شعبي واسع النطاق داخل السعودية وفي الدول العربية.
وأضاف الغشيان: "يحظى موقف محمد بن سلمان الجديد بشعبية كبيرة في الشارع السعودي".
وأفاد الموقع بأن سيباستيان سونز، من منظمة كاربو، لا يستبعد أن يجلس محمد بن سلمان ودونالد ترامب في نهاية المطاف، ويحاولان إيجاد أرضية مشتركة، حيث يحتاج كلا قادة الدولتين إلى التركيز على مصالح بلديهما.
وقال سونز: "يجب تأمين مشروع الإصلاح الاقتصادي في السعودية، والذي يطلق عليه رؤية 2030"، مضيفًا أن الاستثمارات الأمريكية هي المفتاح لتحقيق ذلك.
وشدد الموقع على أن السعودية تبقى شريكًا رئيسيًا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وفي المقابل، يتوقع سونز أن تسعى السعودية إلى خفض التصعيد في المستقبل القريب، وهو ما يمكن أن يتكامل مع الحسابات السياسية لدونالد ترامب.
وقال سونز: "أستطيع أن أتصور أن ترامب ينوي أيضًا تقديم أقصى المطالب من أجل تحقيق بعض التنازلات من السعودية على الأقل".
واختتم الموقع تقريره بالإشارة إلى أنه يبقى أن نرى ما إذا كان هذا سيشمل أيضًا مصير الفلسطينيين في غزة. فمستقبلهم ما زال معلقًا بعد أن ألغت حماس وقف إطلاق النار الحالي في نهاية الأسبوع الماضي. وحتى الآن، فإن السيناريو الأسوأ بالنسبة للشعب هو العودة إلى الحرب.