مقابلات

خبير عسكري لـ"عربي21": أداء المقاومة أسطوري والاحتلال فشل بتحقيق أهدافه (شاهد)

اللواء قال إن حركات المقاومة قد تضعف لكنها تنهض من جديد- عربي21
قال الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء محمد الصمادي إن المقاومة خلال الحرب ‏التي استمرت 15 شهرا "أظهرت أداء أسطوريا وإرادة صمود تدرس، خاصة في ظل ‏الحصار على غزة واعتمادها على القدرات الذاتية".‏

ورأى الصمادي في مقابلة مصورة مع "عربي21"، أن "الاحتلال فشل في تحقيق ‏أهدافه، وأهمها القضاء على المقاومة وتهجير سكان قطاع غزة وإعادة احتلاله".‏

وأكد أن "المقاومة الفلسطينية كأي حركة تحرر قد تتعرض لضربات مُوجعة وقد ‏تخف حدتها لكنها لا تنكسر، لكن بالمقابل فالاحتلال الذي يُصنف أنه القوة الـ18 على ‏العالم خسر في المفاوضات وتعثر على المستوى الاستراتيجي".‏



وتاليا نص الحوار كاملا:‏


بداية ما تقييمك للحرب ومسارها منذ البداية حتى وقف إطلاق النار؟

المقاومة أظهرت أداء أسطوريا وإرادة صمود تدرس، وأظهرت القدرة على البذل ‏والفداء والتضحية والإيمان والصبر على المصائب أمام هذا العدو الغازي بإمكانات ‏محدودة جدا، علمًا بأنها عندما نفذت "طوفان الأقصى" كانت تتعرض للحصار من ‏العدو والصديق، لذلك كان الاعتماد على القدرات الذاتية وأن تكون قادرة على ‏الصمود‎.‎

وعندما أتحدث عن النصر في حرب غير متماثلة، أتحدث عن دولة تُصنف وفقا ‏لمعاهد الدراسات بأنها القوة رقم 18 عالميا، وتكون المقاومة قادرة أن تصمد أمام هذا ‏المد الصهيوني لمدة 471 يوما، هذا على المستوى الاستراتيجي قصة نجاح، وعدم ‏قدرة الاحتلال على تنفيذ أهداف الحرب والعودة صاغرا للمفاوضات هذا يعتبر فشلا ‏استراتيجيا.‏

ونحن لا نحاول أن نهول الأمور، هذا ما تحدث به قادتهم، بن غفير قال إن حماس لم ‏تُهزم ولم يتم إنجاز الحرب ، وصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية قالت إن نتنياهو ‏ورئيس أركانه فشلا في تحقيق أهداف الحرب.‏

وبالتالي، فنحن الآن أمام مقاومة كسرت تابو "الجيش الذي لا يُقهر"، وهذا الكيان الذي ‏هزم العرب في حربين وما زال يعربد في المنطقة، ثبت في الوجه الشرعي أنه هش ‏وغير قادر على حماية  نفسه من الداخل ويحتاج إلى القوى الاستعمارية والغربية حتى ‏يتمكن من الاستمرار في العيش.‏

ولهذا أشير إلى أنه في العمليات التي جرت في الوحدات المدرعة والآلية فقد تعرض هذا ‏العدو إلى خسائر كبيرة جدا قد تزيد على الـ 2000 دبابة وناقلة جند وجرافة ‏D9‎،‏ ‏بالإضافة إلى تدني المعنويات.‏

أيضا أصيب جيش الاحتلال بما يسمى بإرهاق الحرب، وبتدن في المعنويات، وحدثت ‏فجوة بين المؤسستين السياسية والعسكرية، وهناك استقالات ومشكلة في الاحتياط، ‏حيث إن هناك ما يزيد على الـ 500 ضابط برتبة رائد يرفضون العودة للخدمة. ‏

لذلك، فنحن نتحدث عن حرب حقيقية ألحقت أضرارا كبيرة جدا على المستويات ‏العسكرية والاقتصادية والمعنوية، وآخر اعتراف كان من هيئة البث بأن هناك ألف ‏جندي ما بين قتيل وجريح أي 33 يوميا، لكن هل يُعلن جيش الاحتلال عن هذه ‏الأرقام؟ لا.‏

وما كان يُنشر عن خسائر الاحتلال كان يخضع لرقابة عسكرية، بالتالي فإن هناك معاناة ‏كبيرة وترد في الاقتصاد، مثلا ميناء إيلات أفلس أمام تقييد حركة الملاحة بسبب ‏الصواريخ اليمنية التي تُطلق على إسرائيل وبالذات على مركز الثقل الاستراتيجي في ‏تل أبيب، حيث كانت الصواريخ اليمنية تُدخل 2- 5 ملايين من سكان تل أبيب والمدن ‏الأخرى إلى الملاجئ.‏

قدرة المقاومة بعد 15 شهرًا من الحرب على أن تُصعدّ وتُوقع خسائر، وهنا أود أن أروي ‏ما ذكره جندي إسرائيلي في بيت حانون – بأنه في آخر أسبوعين لم يشاهد أيا من ‏أفراد المقاومة -، ولكن يوميًا كان هناك عمليات مُركبة وكمائن وعمليات قنص ‏وتفجير مفخخات وعمليات إغارة.‏

قد يأتي شخص ويقول القطاع دُمر وماذا جنينا من ذلك؟ أقول نعم ‏إسرائيل بالآلة الحربية استطاعت أن تقتل، وهي حقيقة تقتل ولا تُقاتل، ونعم وصل ‏عدد الشهداء إلى 47 ألفا وفقا لبيانات وزارة الصحة الفلسطينية، لكن مجلة "ذا ‏لانست" البريطانية تقول إن الأرقام الحقيقية تزيد بنسبة 41 في المئة عن الأرقام ‏المُعلنة.‏

حيث يوجد 111 ألف مصاب تقريبا، و 70 ألف معاق، وعشرات الآلاف حيث قد ‏يكون هناك ما يزيد على الـ 10 آلاف شخص تحت الأنقاض، وعودة أهلنا إلى مناطقهم ‏المدمرة ستكشف عن فظائع قام بها هذا العدو المجرم بحق الشعب الفلسطيني.‏

ولكن باعتقادي فإن الكرامة لها ثمنها، والمقاومة هي حركة من حركات التحرر تحاول ‏وتجتهد ووُضعت في مكان لا يوجد من يسندها أو يقدم لها يد العون، ولذلك كانت ‏الظروف حقيقة قاسية جدًا سواء على المقاومة التي لحق بها خسائر كبيرة، أو على ‏أهلنا الشعب الفلسطيني الأعزل الذي ظلم ظُلمًا كبيرًا جدا أمام آلة الحرب في هذه ‏الحرب الكونية، فهذه الحرب لم تكن فلسطينية إسرائيلية بل إنها كانت حربا كونية على ‏الشعب الفلسطيني.‏

هناك رأي يرى أن المقاومة تدمرت ولم تنتصر وأن الاحتلال هو من انتصر، ما ‏رأيك في ذلك؟

المقاومة هي حركة من حركات التحرر، وللإجابة على هذا السؤال، أقول لنقرأ ‏التاريخ، حركات المقاومة لا تُكسر، قد تنخفض حدتها، ولكنها تكون قادرة على ‏النهوض من جديد.‏

لكن كيف انتصرت؟ الحرب غير المتماثلة والقتال في المجموعات الصغيرة القتال ‏ضمن البيئة العملياتية أن تكون قادرة على أسلوب الكر والفر وأن تكون قادرة على ‏التأقلم والتكيف وإعادة استخدام الذخائر، التصنيع بالإمكانات المحلية إعادة استخدام ‏الذخائر التي لم تنفجر في بيئة العمليات، ونتحدث هنا عن أرقام مهولة تم إلقائها على ‏قطاع غزة، ولذلك هناك عامل مهم وهو أكثر أهمية من السلاح والذخائر، وهي إرادة ‏الصمود والعقيدة القتالية.‏

في غزة هناك إرادة صمود غير موجودة في الأرض كلها، وإيمان عميق بالله سبحانه ‏وتعالى، حقيقةً ما حدث بغزة هي قصة امتحان وابتلاء، لكن كان هذا الصبر وهذه ‏القدرة على التحمل، هؤلاء الذين فاقوا الصحابة في قدرتهم على أن يكونوا مؤمنين ‏بالله ويدافعوا عن الأرض والعرض ويستبسلوا ويستأسدوا وهم يعلمون يقينًا بأنه لا يوجد ‏أي ضوء في نهاية النفق.‏

لا تُقاس الحروب في العادة بمقدار ما تدَمر وتقتل، ولكن بالوقت الذي تستطيع قوى ‏معينة أن تكسر إرادة الصمود للقوى المقابلة، أو أن تجعلها تُلقي السلاح وتستسلم، هنا ‏يكون تحقيق النصر، لكن هل ألقت المقاومة السلاح ورفعت الراية البيضاء ‏واستسلمت؟ لا أبداً، لكن هل انتصرت؟ باعتقادي نعم انتصرت.‏

لكن هل انتصر جيش الاحتلال؟ نعم حقق العديد من النجاحات، لا يجوز أن نقول بأنه ‏لم يحقق نجاحات، جيش الاحتلال بعمليات الإجرام وحرب الإبادة وقتل السكان ‏المدنيين وتجفيف منابع الحياة وقتل الصحفيين وتدمير المستشفيات ودور العبادة ‏بالإضافة إلى قتل عمال الأمم المتحدة والدفاع المدني والأونروا نجح نجاحًا باهرًا.‏

القادة الإسرائيليين يقولون إن جيشهم الأكثر أخلاقية في العالم، وانا اقول إنه الجيش ‏الأقذر في العالم ولا يمتلكون من مقومات الجندية أي شيء، هم فقط يمتلكون أنهم ما ‏زالوا بعقلية عصابات شتيرن والهاغانا، ولم تنعكس التكنولوجيا ولا الأخلاق عليهم، ‏هم يقتلون ولا يقاتلون.‏

عندما يتم استهداف الأطفال الرُضع والجرحى والشيوخ والنساء بهذه الآلة الحربية ‏القاتلة، ويتم حرق المستشفيات عبر إلقاء المواد المشتعلة وتدمير دور العبادة، هذه ‏السادية وهذا الإجرام الذي مُورس في قطاع غزة.‏

وعندما نتحدث عن الشجاعية وعندما نتحدث عن جباليا ومخيمها مساحة 1.4 كم، إذا ‏أخذنا هذه المساحة نسبة وتناسب في التاريخ لم أشهد أي مكان في الأرض أُلقي عليه ‏هذه الكمية من  المتفجرات، ولغاية هذا اليوم على الرغم من التدمير الذي حصل في ‏جباليا في المخيم لم تستطع ان تُحقق الحسم العسكري الميداني.‏

من ناحية التكتيك العسكري، بماذا تميزت المقاومة في هذه الحرب عن الحروب ‏السابقة؟

تميزت بالقتال بأسلوب المجموعات الصغيرة وبالعمل المشترك بين الفصائل، وبأن ‏تستخدم الأسلحة البدائية سواء كانت الكمائن أو المفخخات والعبوات الناسفة، لاحظنا ‏أيضا نشاط مضطرد في عمليات القنص وعمليات استخدام الذئب المنفرد.‏

ونعم كان لدى جيش الاحتلال القدرة على التوغل واحتلال الأرض، لكنه كان غير ‏قادر على التثبت في الأرض، والمقاومة لا تحتاج إلى قوات كبيرة، كانت تحتاج فقط ‏إلى أعداد صغيرة لإيقاع خسائر في جيش الاحتلال.‏

لذلك تميزت المقاومة بأنها كانت قادرة على التأقلم طبقًا للمستجدات الميدانية، وهي كانت ‏تعلم كيف يفكر العدو وتدرس أعماله المُمكنة والأكثر احتمالا وخطورة، وتدرس ‏الجغرافيا وهي الأعلم من جيش الاحتلال بجغرافية المناطق والمسالك والممرات.‏

وكيف يتم توضيع العبوات الناسفة وكيف يتم التعامل مع الروبوتات، واستخدام شبكة ‏الأنفاق التي أعطت بُعدًا أخر وعملت على التوازن ما بين الفارق بالتقنية والتسليح ‏والقدرات لدى المقاومة وقوات جيش الاحتلال التي كانت تقاتل في بُعدين أرضي ‏وجوي.‏

ولكن المقاومة كانت تقاتل في البُعد الأرضي والبُعد تحت الأرض في شبكات الأنفاق ‏التي استطاعت أن تعطيها مرونة عملياتية في الحركة، وأن تكون قادرة على مواجهة ‏العدو ومباغتته ومفاجئته وأحيانا العمل خلف خطوط العدو وإيقاع خسائر كبيرة في ‏صفوفه.‏

لكن برأيك هل تتمكن المقاومة من استعادة قوتها التي تضررت في الحرب؟ وكيف ‏سيكون شكل المواجهة المستقبلية؟

المقاومة قادرة على أن ترمم قدراتها، ووفق شهادات الأمريكان والإسرائيليين وهي ‏حقيقة بأن المقاومة لم تتأثر من ناحية القوى البشرية، ورغم عدد الشهداء الكبير إلا ‏أنها تمكنت من تجنيد العناصر الشابة.‏

وفي ما يخص التسليح يمكن أن يتم عبر التصنيع بمواد أولية، إضافة إلى أن كثيرا من ‏الذخائر الإسرائيلية التي ألقيت على القطاع لم تنفجر تصل تقريبا نسبة 10 في المئة ‏تم إعادة تدويرها واستخدامها في التفجير.‏

لكن الآن هل سيضيق الخناق على المقاومة؟ نعم، هل سيتم القضاء عليها؟ لا، ودائما ‏ما اقول ما هو اليوم التالي للحرب؟ ما شكل السلطة التي ستحكم غزة؟ هناك أصوات ‏عربية تطالب بأن تكون سلطة رام الله هي التي تحكم، والولايات المتحدة تدعو ‏لإصلاحها، الآن كيف ستكون آلية هذه السلطة؟ وهل سيتم نزع سلاح المقاومة إذا تم ‏دمجها في عمل سياسي ما وهل ستقبل بذلك؟

هناك العديد من الأسئلة في هذا المجال، لكن بشكل عام حتى لو حصل أي تنظيم أو ‏اتفاق حول السلطة في القطاع المقاومة موجودة، مثلا مخيم جنين ما زال يدمي قلب ‏الصهاينة منذ 67، بالتالي حتى لو كانت هناك سلطة مدنية في غزة ستبقى المقاومة، ‏وإسرائيل زرعت في الإقليم بذور حقد وغضب وكراهية وستجني ثمار ما زرعت.‏

وفي ما يخص المواجهة المستقبلية الاحتلال فشل استخباريا وعسكريا، وبشكل عام ‏المقاومة والاحتلال سيحاول كلا منهما التعلم من الأخطاء وعلاجها في أي مواجهة ‏قادمة.‏

ما تعليقك على العملية العسكرية لجيش الاحتلال في الضفة الغربية والتي ازدادت وتيرتها بعد ‏وقف إطلاق النار في قطاع غزة؟

العمليات العسكرية في الضفة الغربية لم تتوقف أصلا، وهناك تخطيط من قبل ‏الإسرائيليين فيما يتعلق بعمليات الاستيطان والتهويد ومصادرة الأراضي وضمها، ‏ولاحظنا وجود استراتيجية للإزاحة السكانية من المخيمات وأطراف القرى إلى مراكز ‏المدن، وقد تكون هذه بداية لخطة تهجير مستقبلًا.‏

كذلك يعيث جيش الاحتلال الفساد في الأرض حال دخوله إلى المخيمات والقرى ‏ويجرف الشوارع، ويقوم بتدمير شبكات المياه وخطوط الكهرباء والاتصالات ‏والصرف الصحي.‏

وكل هذه الأعمال هي لدفع المواطن الفلسطيني لليأس، ولتجفيف جميع منابع الحياة ‏ليس فقط في قطاع غزة كذلك في المخيمات، أيضا إطلاق العنان للمستوطنين ‏بممارسة الإجرام والاعتداء على الشعب الفلسطيني وتضييق  الواقع  المعيشي عليه هو ‏يندرج ضمن الأعمال التي يتم التخطيط لها.‏

وهناك تصريحات لوزير المالية زعيم الصهيونية الدينية سموتريتش بما يتعلق بضم ‏الضفة الغربية وغور الأردن مستقبلًا، أيضا هناك عمليات التنكيل من قبل وزير ‏الأمن القومي بن غفير واتباعه بالشعب الفلسطيني، ولذلك الضفة الغربية نعم هي ‏مُستهدفة.‏

ويمكن أن يتم الاستفراد بالضفة الغربية تمهيدًا لأن يكون هناك عملية تهجير في ‏المستقبل لأهلنا هناك، وقد يكون هناك ضم من الحكومة الأمريكية الجديدة كما جرى ‏بنقل السفارة إلى مدينة القدس وضم الجولان سابقًا، لذلك نحن نتحدث عن شريعة ‏الغاب ومنطق القوة وليس قوة الحق.‏

هدد الاحتلال بالعودة إلى القتال في غزة بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف ‏إطلاق النار، ما واقعية هذا التهديد خاصةً انه أخلى مواقع حيوية في غزة وسمح ‏بعودة السكان إلى الشمال؟ ‏

يعني واقعية هذا التهديد، أولًا نعم وفق بنود الاتفاقية يجب أن يكون هناك انسحابات ‏من محور نتساريم وأن يكون في اليوم 42 انسحابا من محور صلاح الدين لمدة 8 ‏أيام.‏

ولكن كان هناك تصريح لرئيس الأركان ذكر فيه أنه لن يتم السماح لحماس بأن تستعيد ‏السيطرة على قطاع غزة، وهناك كلمة مُسجلة لرئيس الوزراء الإسرائيلي ذكر فيه بأن ‏جيش الاحتلال لن ينسحب من المنطقة العازلة ولا من محور صلاح الدين وسيتم ‏تعزيز القوات في هذه المنطقة.‏

هنا لا بد أن أشير أنه من ناحية تاريخية كنا دائما معتادين وجود فرقة غزة هناك، ‏ولكن الآن تم تكليف الفرقة 162 على أن تتواجد في غلاف غزة من الشمال، وفرقة ‏غزة في جنوب الغلاف، وأن يكون هناك 14 موقع دفاعيا عسكريا على طول ‏الحدود من بيت لاهيا إلى بيت حانون جنوبا حتى كرم أبو سالم حتى البحر الماتوسط.‏

وهنا نتحدث عن 65 كم بعمق 700 متر وخمسة مواقع استراتيجية بعمق 1200 ‏متر، وستكون هذه الفرق العسكرية ووحداتها المتعددة موزعة ضمن هذه المناطق على ‏غلاف غزة، الآن هل سنصل إلى المرحلة الثالثة من الهدنة وتنسحب هذه الفرق؟ هل ‏سيكون هناك نقض للاتفاقية بمراحلها الأولى أو بعد استعادة الأسرى؟

وزير المالية كان يريد أن يقدم استقالته لإفشال هذه الحكومة، ولكن أخذ تعهدات من ‏رئيس الوزراء الإسرائيلي باستئناف أعمال القتال بعد استعادة الأسرى، ولذلك هناك ‏العديد من الأمور، ما هو اليوم التالي من الحرب؟

هنا نقطة مهمة جدًا، بأن العالم الغربي والدول العربية هي تتعامل مع سلطة رام الله ‏ولا تتعامل مع حماس، نعم اكتسبت حماس شرعية كمقاومة ولديها قبول من الشعب ‏الفلسطيني وإيمان بها ولا يوجد قطعيًا إيمان بسلطة رام الله من قبل الشعب الفلسطيني ‏وبالذات في غزة.‏

ولذلك هنا نتحدث عن الدول الفاعلة والعميقة التي تمنح السلطة الاعتراف قد تواجه ‏حماس لأنه ينظر لها كمنظمة ارهابية، انا شخصيا لا أنظر لها أنها منظمة ارهابية انا ‏لا انظر لها نظرة ارهابية، لكن العالم الغربي والدول المؤثرة تنظر لها كذلك، ولذلك ‏هل ستكون حماس في اليوم التالي للحرب مُسيطرة؟ نعم هي الآن مسيطرة، ولكن هل ‏سيكون هناك قبول؟

لكن سيادة اللواء من الناحية العسكرية ما واقعية التهديد الإسرائيلي؟ هل بإمكان ‏الاحتلال إعادة المعركة بعد انتهاء المرحلة الأولى؟ هل لديه الإمكانيات والقوة ‏العسكرية لفعل ذلك؟

الموقف الدولي ضاغط خاصة الدول الضامنة للاتفاق الولايات المتحدة وقطر ‏ومصر، لكن واشنطن ليست وسيط بل شريك في الحرب، لكن باعتقادي بأن إسرائيل ‏عانت من هذه الحرب وتأثرت بشكل كبير وتعرضت لخسائر كثيرة.‏

الدولة العبرية الآن بأمس الحاجة إلى وقفة عن القتال أكثر من فصائل المقاومة ‏وكلاهما دخل حرب الاستنزاف واستُنزف، لكن الاقتصاد الإسرائيلي والدولة العبرية ‏لحق بها خسائر كبيرة جدًا وأصبحت بحاجة إلى وقفة عن القتال.‏

لكن هل لديها القدرة على استئناف القتال؟ نعم لديها القدرة، عندما اتحدث الآن عن ما ‏كان يُسمى سابقا المرحلة (ج) تستطيع إسرائيل ضمن الفرقة 162 وفرقة غزة أن ‏تُحكم الخناق وتطوق قطاع غزة بالكامل وتستمر بالقصف الجوي والمدفعي وتُنفذ ‏بعضًا من عمليات الإغارة والمداهمات بناءً على معلومات استخباراتية.‏

لكن باعتقادي الآن قد يكون هناك مكافآت لإسرائيل من قبل القيادة الجمهورية في ‏حال أبرُمت هذه الهدنة وأن يكون هناك انفراجة في المستقبل، لأن هناك العديد من ‏الدول ستطبع مع هذا العدو الغاصب، وهذا يفتح آفاق اقتصادية وسياسية وأمنية.‏

أيضا التطبيع مع إسرائيل يفتح آفاق كبيرة جدًا لنفوذ إقليمي لها في المنطقة، الاستعمار ‏الآن ليس بالقوة العسكرية، سوف يستعمروا هذه المنطقة بالفكر والاقتصاد والثقافة، ‏ولذلك قد يكون هناك مكافآت لإسرائيل لتلتزم ببنود الاتفاقية وحتى تحصل على ‏الغنيمة لاحقًا بمزيد من التطبيع مع الدول العربية.‏

كذلك في ما يتعلق بالعودة للقتال هناك عدة أمور معقدة قد تؤثر على هذا القرار، الآن ‏هل يتنصل نتنياهو؟ نعم وارد جدا، لكن باعتقادي الولايات المتحدة إذا رأت أنه ‏سيخرج عن المألوف قد تُضحي به، بمعنى قد يثيروا سموترتيش أو بعض من ‏الأحزاب الدينية ودفعهم للانسحاب من الحكومة وبالتالي إفشالها.‏

ولو يتم الدعوة الآن لانتخابات مبكرة في إسرائيل ستسقط حكومة نتنياهو ولن ينتخبه ‏الشعب الإسرائيلي، لذلك باعتقادي هو يراوغ ولن يُوصلهم لهذه المرحلة، لكن الموجود ‏حاليا ترامب وهو يتعامل بعقلية التاجر ولا يقبل أن يتحمل الاقتصاد الأمريكي أي ‏استنزاف مالي حتى لو كان لإسرائيل.‏

أيضا الرئيس ترامب يتطلع الآن إلى المشاكل الأمريكية الداخلية وإلى بحر الصين ‏الجنوبي والتهديد الصيني والتخلص من قضية التوتر بين الصين وتايوان والخلاص ‏من الحرب الأوكرانية، ولذلك نعم إسرائيل اولوية أمريكية ولكنها ضمن مجموعة من ‏الأولويات، ولذلك ترامب يحاول الآن الموازنة بين العديد من القضايا وينظر لها من ‏ناحية الجدوى الاقتصادية.‏

كذلك الولايات المتحدة أيقنت أن نتنياهو وحكومة اليمين المتطرف أصبحوا يشكلون ‏خطورة على مصالحها في المنطقة، سواء عبر حدوث حرب إقليمية وفلتان أمني، ‏وواشنطن لا تريد هذه الحرب على عكس إسرائيل، لأن كل القواعد الأمريكية في ‏المنطقة ضمن مرمى الصواريخ الإيرانية، ولذلك ترامب لا يريد‎ ‎إشعال‎‎المنطقة.‏

أخيرًا، سيادة اللواء، كما تعلم شاركت بعض الجبهات في إسناد المقاومة في غزة وأهمها ‏حزب الله والحوثيون.. برأيك، كيف كانت هذه المشاركة؟ هل استفادت المقاومة منها؟ ‏

قد يكون 7 أكتوبر عمل قامت به المقاومة ولم تدرك أن الأمور ستطور إلى هذا الحد، ‏وقد تكون في تقدير الموقف العملياتي والاستخباري راهنت أن جبهة المقاومة ستقف ‏معها في هذه العمليات.‏

في البداية جبهة حزب الله كانت هي حقيقة ليست مع المقاومة، قامت بأعمال ازعاجية ‏بسيطة لم يكن  لها دور بأعمال الاسناد، الرد المنضبط والمتدرج في استخدام القوة من ‏الصورة الاستراتيجية الجيوسياسية أستطيع أن أقول لك بأن ردود حزب الله كانت في ‏البدايات ردود أفعال باهتة.‏

وقد يكون حزب الله بهذه الردود شجع اسرائيل على القيام بمزيد من أعمال التدمير ‏والإجرام، ولكن هنا نقطة مهمة جدا قرار الجبهة في حزب الله لم يكن من بيروت ‏وإنما كان من طهران.‏

ولذلك عمليات الاغتيال في حزب الله بالصف الأول والثاني والثالث وعمليات البيجر ‏وقدرة إسرائيل أن تنفذ ضربات مؤثرة وتحقق عمليات نوعية ضد مراكز حزب الله ‏وخطوط امداده، وتوقيع اتفاقية وقف إطلاق نار من 13 بندا معظمها لصالح إسرائيل، ‏ولذلك باعتقادي كان لدى حزب الله قوة عسكرية هائلة لو استخدمت بشكل واسع ‏لأحدثت تغيير ولكانت إسناد كبير لغزة، ولكنه لم يُحسن‎  ‎استخدامها وتم تدمير معظمها.‏

أما بالنسبة إلى الجبهة اليمنية فقد بدأت بعمليات إزعاج وارباك، ولكن حقيقةً تطورت ‏مؤخرًا بما يتعلق بدايةً في تعطيل حركة الملاحة للسفن الإسرائيلية مما أدت إلى ‏إفلاس ميناء أم الرشراش "إيلات".‏

وكذلك العامل الأخر إطلاق الصواريخ الفوق صوتية والمسيرات أدى إلى دخول 2- ‏‏5 ملايين من الصهاينة إلى الملاجئ، وعطلت حركة الاتصال وحركة الطيران وأدت ‏إلى حالة من الارباك، ولم تستطع لا المملكة المتحدة والولايات المتحدة ولا حتى ‏إسرائيل الذين استخدموا قاذفات ‏b2‎‏ ونفذوا الغارات أن يتعاملوا بشكل مؤثر لتحييد ‏القدرات اليمنية.‏

باعتقادي تحولت من جبهة ارباك أو ازعاج إلى جبهة اسناد وكان لها دور وما زالت ‏هذه العمليات فاعلة لغاية الآن، واستهدفت مركز الثقل الاستراتيجي في تل أبيب، ‏واستهدفت وزارة الحرب الإسرائيلية، وهذه لها رمزيتها من قبل اليمنيين على الرغم ‏من أن فاتورة التكاليف عالية على اليمنيين للقيام بذلك وسيكون ما يليها من تبعات من ‏قبل العالم الغربي على اليمن مستقبلًا ولذلك نستطيع أن نقول أنها تحولت إلى جبهة ‏إسناد في المرحلة الماضية.‏