نشرت
صحيفة "
نيزافيسيمايا" الروسية تقريرًا تحدثت فيه عن اعتزام الرئيس الأمريكي
دونالد ترامب إعادة صفقة
تطبيع العلاقات بين "إسرائيل" والسعودية إلى الواجهة
مرة أخرى.
وقالت
الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الحرب على قطاع غزة شكلت حجر
عثرة أمام تنفيذ هذا المخطط، بحيث أعادت الحملة العسكرية التي شنتها قوات الدفاع الإسرائيلية
القضية الفلسطينية إلى واجهة الأجندة الإقليمية.
ولمحت
الصحيفة إلى أنه رغم تراجع اهتمام الرياض بتطبيع العلاقات في الأشهر الأخيرة، غير أنها
لم تتخل عن مطلبها بشأن المساعدة في تطوير برنامجها
النووي من الولايات المتحدة باعتباره
الحافز الرئيسي لإتمام الصفقة.
وخلال
التوقيع على عدد من المراسيم أشار ترامب إلى أن
السعودية قد تنضم قريبًا إلى اتفاقيات
"أبراهام"، مرجحًا إمكانية التوصل إلى اتفاق تاريخي بين شريكي الولايات المتحدة
في الشرق الأوسط في وقت مبكر من هذا العام.
من جانبه،
أشار مستشار الأمن القومي الأمريكي مايكل والتز إلى أن العملية الدبلوماسية بين "إسرائيل"
والسعودية ستكون واسعة النطاق، مضيفًا أن مبادرة التقارب بين القوتين الإقليميتين من
شأنها وضع الحجر الأساس لإنشاء "مشاريع البنية التحتية والموانئ والسكك الحديدية
وخطوط الألياف الضوئية ومراكز البيانات".
وبعد
الهجوم الوحشي الذي نفذه الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، أعلنت الرياض أنها تريد ضمانات من حكومة بنيامين نتنياهو للفلسطينيين
بإنشاء دولة منفصلة. لكن صحيفة "هآرتس" العبرية ذكرت في كانون الأول/ديسمبر
الماضي نقلا عن مصادر أن الأسرة الحاكمة في المملكة خففت من موقفها بشكل كبير خلال
المفاوضات. وقد عزا مسؤولون في حكومة نتنياهو ذلك إلى "غياب مبالاة" ولي
العهد الأمير محمد بن سلمان بحماية الفلسطينيين.
وفي
الوقت نفسه، أكدت صحيفة "هآرتس" أن المفاوضات بين "إسرائيل" والسعودية
أحرزت تقدمًا. ولكن تجدر الإشارة إلى مشاركة الولايات المتحدة كطرف ثالث في المفاوضات
حول اتفاقيات "أبراهام"، بحيث عرضت على المشاركين فيها مجموعة متنوعة من
الحوافز العسكرية والاقتصادية. في هذا الشأن طالبت الرياض واشنطن بتقديم المساعدة في تطوير المشروع النووي الخاص
بها، موضحة رغبتها في إنتاج الطاقة النووية المدنية مهددة بالتوجه إلى الصين في حال
رفض الولايات المتحدة.
من جانبها،
أشارت مجلة علماء الذرة الأمريكية إلى أن الجانب السعودي قد يرى في ولاية ترامب الثانية
فرصة جديدة لإحياء التعاون النووي. وتشير المجلة إلى أن "البرنامج النووي السعودي،
الذي لا يزال في مراحله الأولى، قد يكون فرصة للولايات المتحدة لإنشاء آليات جديدة
لضمان عدم قيام السعوديين بتحويل موادهم النووية المدنية لأغراض عسكرية". ووفقا
لتقديراتها، فإن واشنطن قد تنشئ هيئة استشارية مشتركة مع الرياض لهذا الغرض.
ولكن
ينذر عدم توصل الولايات المتحدة والسعودية إلى اتفاق خلال ولاية ترامب الثانية، بتعزيز
العلاقات السعودية الصينية، العامل الذي قد يغير المشهد النووي بأكمله في الشرق الأوسط.
إن تحقق سيناريو مماثل من شأنه فتح الباب أمام الانتشار النووي وتعقيد القضايا الجيوسياسية
الملحة في المنطقة.
ونقلت
الصحيفة عن خبير العلاقات الدولية فلاديمير فرولوف أن السعودية كانت تقليديا موالية
لترامب، لكن الموازين في الشرق الأوسط تغيرت منذ ولايته الأولى. فخلال تلك الفترة سعى
السعوديون إلى كسب ترامب في دعم الجبهة المناهضة لإيران، ولكن بعد ذلك قاموا بتطبيع العلاقات مع إيران من خلال وساطة الصين.
وعليه، باتت المواجهة لا تخدم مصالحهم. والأكثر أهمية أنهم في غنى عن عملية عسكرية
لتدمير المنشآت النووية الإيرانية إذا قرر ترامب ونتنياهو القيام بذلك".
ويرى
فرولوف أن "الصفقة المثالية" مع إيران، التي أشار ترامب إلى إمكانية التوصل
إليها في خطاباته، قد تخدم الأسرة الحاكمة في السعودية، وتجنبها نشوب حرب شاملة في
المنطقة. ولكن من ناحية أخرى، فإن الاتفاق المحتمل من شأنه أن يخفف العقوبات المفروضة
على إيران ويحد من تطوير برنامجها النووي، العامل الذي يحرم الرياض من حجتها الرئيسية
في المطالبة بتطوير البرنامج النووي.
ويشير
فرولوف إلى أنه "من غير المنطقي مساعدة السعودية على تطوير برنامجها النووي في
وقت يمنع فيه ذلك على إيران".
وبحسب فرولوف، فإن مصالح السعودية تغيرت في تطبيع العلاقات
مع "إسرائيل"، مشيرا إلى أنه قبل الحرب في قطاع غزة، كانت الرياض غير مهتمة
بموعد وكيفية تنفيذ حل الدولتين، ولكن بعد بدء الحرب، أضحى حل الدولتين المطلب الأساسي
للسعودية، الأمر الذي لن يلبيه الائتلاف الحاكم في "إسرائيل".
وفي
ختام التقرير نوه فرولوف بأن القصة المتعلقة بـ "الاتفاقية الأمنية" بين
الولايات المتحدة والسعودية، فضلاً عن الضمانات الأمريكية بموجبها، يشوبها الغموض.
ويرجح فرولوف تعليق هذه القضايا في الوقت الراهن إلى حين الموافقة على المناصب الرئيسية
في وزارة الخارجية والبنتاغون.