سياسة عربية

رغم الشهداء والدمار.. الفلسطينيون في جنوب قطاع غزة ينتظرون لحظة العودة إلى منازلهم

بدأ النازحون بالعودة إلى أماكن سكناهم وركام منازلهم- منصة "إكس"
دخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ بعد أكثر من 15 شهرا من حرب الإبادة الإسرائيلية، التي خلفت نحو 47 ألف شهيد وأكثر من 110 آلاف مصاب، وآلاف المفقودين، ودمارا غير مسبوق.

وجاء تنفيذ الاتفاق بعد مماطلة من الاحتلال الإسرائيلي في حدود الساعة الـ11:30 ظهرا بتوقيت فلسطين (9:30 بتوقيت غرينتش) بعدما كان مقررا في الساعة الـ8:30 صباحا.

وبدأ النازحون بالعودة إلى أماكن سكناهم وركام منازلهم، حيث أدت غارات الاحتلال الإسرائيلي إلى تدمير أكثر من 80 بالمئة من المنازل والمنشآت في قطاع غزة.

وقالت الصحفية ديما عبد الهادي، إن "الخسائر كبيرة، دمار هائل في غزة وجباليا وبيت حانون وبيت لاهيا وخان يونس ورفح ومناطق وبلدات حدودية محتلة ومدمرة عن بكرة أبيها، ورغم ذلك سيعود الأمل إلى القلوب مع عودة أهل البلد إلى ديارهم المدمرة، ولو بحذر وغصة".

من جانبها، قالت الناشطة الاجتماعية والتربوية بثينة عمر: "كم من حروب مرت على غزة، وكانت في كل مرة تقوم من بين الرماد. فغزة تمكن أهلها من نفض دخان الحروب.. وفي أية حال، ليس توقف الغارات والقصف كافيين لكي نحظى بالسلام، فهناك مهام كثيرة يفترض إنجازها وأول هذه المهام تلبية احتياجات المواطنين من الجوانب كافة".


من جهته، أعرب الجريح المهندس حازم فورة عن أمله في أن يتمكن من السفر ليتلقى العلاج في الخارج بعد أن أصيب خلال الحرب وبترت ساقة، كما أصيبت زوجته المحامية آيات.

وقالت المربية شيرين عايد: "من عام ونصف تقريبا ونحن نعاني نفس المعاناة، لا يوجد طعام ومياه، ونأمل أن نعود لبيوتنا قريبا بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار".


وتسبب عدوان الاحتلال الإسرائيلي في تهجير أكثر من 85 بالمئة من مواطني قطاع غزة أي ما يزيد على الـ1.93 مليون مواطن من أصل 2.2 مليون، من منازلهم بعد تدميرها. وقد غادر القطاع نحو 100 ألف مواطن منذ بداية العدوان.

ويعيش نحو 1.6 مليون من المواطنين في القطاع حاليا في مراكز إيواء وخيام تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة الآدمية.

وقالت المواطنة أمل أبو غولة: "لقد عشنا المر بكل أشكاله وألوانه، وفقدنا الأحبة والأقارب والأصحاب، وحرمنا الطعام والشراب والكساء، لقد وقفنا في طوابير تعبئة المياه والحصول على طعام التكية وجمعنا الحطب والأخشاب لنطهو عليها ونسخن المياه للاستحمام، فيا لها من أيام صعبة أتمنى أن أتذكرها ولا أعيشها ولا أتمنى أن يعيشها بشر أيًا كان".

أما المواطن سفيان العطار من بيت لاهيا، فقال: "تمنيت أن أعيش هذه الفرحة وانتظرتها لأشهر وأيام طويلة، لقد اشتقت لمزرعتي ولفراولة بيت لاهيا التي لا ينسى الناس طعمها اللذيذ، لقد عشت في خيمة وسأعود لأعيش في خيمة فوق أرضي التي دمرتها وجرفتها آلات الاحتلال".

وأضاف: "سنعود وسنعمر ونبني من جديد ولن نستسلم للدمار والخراب الذي تزامن مع شلال دم نازف حصد أرواح الشهداء، أطفالا ونساء ومسنين وشبابا".

وقال المواطن طلال عايش: "أتشوق لأن أعود إلى غزة بعد خمسة عشر شهرًا من التشرد والنزوح، وسأقوم فور وصولي إلى هناك بالسؤال عن مكان قبر والدي الذي قضى شهيدًا في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي ولم أتمكن من وداعه واحتضان جثمانه".


وأضاف: "لقد أفقدنا العدوان العشرات من الأقارب، وحرمنا من الاجتماع بهم وقطعت الأوصال بيننا، ومن شدة شوقي للعودة لغزة يجول في خاطري وتراودني فكرة نقل الخيمة من جنوب القطاع ونصبها بأقرب نقطة مسموح الوصول إليها في الوقت الحالي لأكون أول من تطأ قدماه غزة بعد التشرد والنزوح".

وتابع: "لن تمحو لحظات الفرح التي يعيشها الناس، أيام الحزن والتشرد والإبادة الجماعية التي مورست ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة أمام مرأى ومسمع العالم كله دون أن يحرك أحدهم ساكنًا".

واختلطت أجواء الفرحة للنازح محمد شاهين الذي يدرس الطب في الجامعة الإسلامية بدموع الحزن على فقدانه نصفه الثاني شقيقه الوحيد الشهيد يزن الذي كان بالنسبة له الأخ والصديق.


وأعرب عن أمله في أن يعود إلى منزلهم في شمال غزة ليتمكن من إكمال دراسته ليحقق حلم والدته التي توفاها الله قبل ست سنوات.

أما النازحة من منطقة الفراحين شرق خانيونس آمال أبو دقة (60 عاما) فتساءلت كيف لها أن تفرح بانتهاء العدوان بعد أن فقدت فلذة كبدها ابنتها هلا التي تركت خلفها طفلين لا يتجاوز أكبرهما الخمس سنوات.


وأوضحت أبو دقة أن ابنتها استشهدت قبل أربعة أشهر عندما ذهبت إلى منزلهم لتجلب لطفليها ألعابهما وما تبقى من ملابسهما، إلا أن قوات الاحتلال استهدفتها بقذيفة أدت إلى استشهادها على الفور وتركت خلفها جرحا نازفا.

بدوره، أكد النازح المهندس زهير أبو دقة من منطقة الفراحين (52 عاما) أن فرحته باتت منقوصة عندما قرأ ما ورد في وسائل الإعلام عن تحديد الاحتلال "المنطقة العازلة" بـ700 متر، الأمر الذي سيحرمه من العودة إلى أرضه وركام منزله المدمر.

وبين أبو دقة أن منطقة الفراحين التي كانت تعج بالحياة قبل العدوان أصبحت الآن غير قابلة للحياة بعد أن تم تدمير منازلها بالكامل، منوها إلى أنه إذا تم اعتماد المنطقة العازلة فإن أكثر من نصف أهالي المنطقة سيكونون محرومين من العودة إلى أراضيهم ما يعني أنهم أصبحوا لاجئين بكل ما تعنيه الكلمة من معنى بعد نزوحهم أكثر من عام.