في الوقت الذي يقترب فيه عدوان
الاحتلال الإسرائيلي على
غزة من نهايته، يزداد الحديث الإسرائيلي عن الفشل في جسر الفجوة، التي تكبر يوما بعد يوم، بين ما يمكن اعتباره إنجازات عسكرية حقّقها الجيش، وإخفاقات فادحة ارتكبتها الحكومة.
وأكد الكاتب في صحيفة "
معاريف" العبرية، يوسي هدار، أنه "في إطار الحملة الانتخابية لحزب الليكود في 2015، بث رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إعلانا، رافقه خلال كل حملاته اللاحقة، وعنوانه: "قوي في الأمن"، لكن الحملات شيء، والواقع شيء آخر".
وأوضح هدار، في
مقال ترجمته "عربي21": "في واقع الأمر، لم يكن هناك أمن حقيقي طيلة سنوات حكمه الطويلة، وجاءت ذروة الفشل في السابع من أكتوبر، عندما انهارت كل الشعارات الزائفة والحملات الجوفاء مثل "بيت من ورق"، وانقلبت حياتنا رأسا على عقب".
وأضاف: "بعد مرور عام وأربعة أشهر على بدء الحرب على غزة، لا تزال الأوضاع الأمنية الشخصية للإسرائيليين في حالة يرثى لها، وتستمر الهجمات المسلّحة في الضفة الغربية وأماكن أخرى، ومستوطنو الجنوب يشعرون بالقلق حقًا".
وتابع: "لا يزال إطلاق الصواريخ مستمرًا على سديروت، ومستوطنو الشمال خائفون من العودة لمنازلهم، وحزب الله لم ينسحب بعد لما وراء الليطاني، وجميع سكان إسرائيل قلقون للغاية".
وأشار في الوقت نفسه، إلى أنّ "الإسرائيليين ما زالوا يخشون من سيناريو جديد للسابع من أكتوبر، حيث يطلق الحوثيون الصواريخ، وسيطر الجهاديون على سوريا، وإيران على بعد خطوة واحدة حرفيًا من القنبلة النووية، واليوم بعد مرور ستة عشر شهراً على الحرب، لا تزال مستمرة، ولا تطول إلا بسبب المصالح السياسية الضيقة".
"الخطر لم ينته بعد، ويبدو أن الفجوة بين الإنجازات العسكرية التي حققها الجيش، والإخفاقات السياسية الهائلة التي ارتكبتها الحكومة لم تكن اليوم أكبر من أي وقت مضى"، أكد الكاتب خلال
المقال الذي ترجمته "عربي21".
وأبرز أنه "في مواجهة هذا الواقع المأساوي، فإن الاحتلال لا يزال يواجه تحديات كبيرة، ولا يوجد لحكومة نتنياهو أي إنجازات سياسية، وعلى الساحة الدولية تعاني الدولة من فشل تلو فشل، من ملاحقة إلى اعتقال، ولا يعنيه من كل ذلك إلا بقاؤه السياسي، ولذلك فإنه فشل في ترجمة الإنجازات التي حقّقها له الجيش إلى إنجاز سياسي واحد".
وأوضح أنه "على الجبهة الجنوبية، تستمر الحرب بلا هدف وبلا أمل، ويتخبط الجيش في وحل غزة، وبعد مرور عام وربع من الحرب، لا يزال الجيش يقاتل حتى الآن، ولم تضع الحكومة حتى الآن ترتيبات لليوم التالي، لكن الحكومة ترفض الانسحاب، ولو مؤقتاً من غزة، لإعادة الأسرى الذين يصرخون طلباً للنجدة، ما قد يؤدي لتفاقم المشكلة".
وأكد أن "عدم سقوط الحكومة يفوق رغبة نتنياهو ورفاقه في إنقاذ الأسرى بسرعة"، مردفا: "نتنياهو لا يعرف ولا يريد أن يقرر، ولو كان زعيماً قادراً على اتخاذ القرارات، لسعى لتشكيل حكومة مؤقتة في غزة، لكنه لم يكن ليسمح بتشكيل حكومة بديلة من عناصر فلسطينية وعربية ودولية، وبالتالي استغلال الإنجازات العسكرية للقضاء على حماس في الحكم، ولذلك فما يحدث الآن هو فوضى وحماقة".
وأضاف: "الجبهة الشمالية تؤكد أن إسرائيل لم تفعل شيئاً يذكر، رغم أنها ضربت حزب الله بقوة، لكنها لم تخدم الإنجازات العسكرية كنصر سياسي، حتى جاء سقوط نظام الأسد في سوريا، لكنه لا يحمل أي وعد بالأمن والسلام للاحتلال".
"أما إيران، التي كانت في السابق دولة عظمى، وتشبهها إسرائيل بـ"رأس الأفعى"، فقد أدت عقود من الكلام الإسرائيلي، والافتقار للعمل الحاسم لوصولها إلى شفا القنبلة النووية"، تابع الكاتب.
وأشار إلى أن "الأسوأ من ذلك هو التدهور الداخلي المستمر والانقسام والتستر، مع نشر "الكلاب الهجومية" في جميع
وسائل الإعلام، المهتمة بالحفاظ على السلطة، ورسم صورة وردية لها، وتطبيعها، وتمركزها في قنوات الدعاية، والاستمرار بتلويث الخطاب السياسي بالافتراءات السافرة والأكاذيب البذيئة".
وختم بالقول إن "ذروة الفوضى التي تعيشها الدولة تتمثل باستمراء الحكومة لانتهاك سيادة القانون، فوزير القضاء ياريف ليفين، عرّاب الانقلاب القانوني، يسخر من أحكام المحكمة العليا، ووزير يرفض الامتثال لقراراتها، وعضو كنيست يرفض الحضور للاستجواب".
واستطرد: "الشرطة تستنزف وقتها في التحقيقات العاجلة المدرجة على جدول أعمالها، ولا يوجد ما يمكن الحديث عنه بشأن لجنة تحقيق حكومية في إخفاق السابع من أكتوبر، لأن الحكومة تريد لجنة معينة لتبرئة المذنبين، وفي الخلفية، يستمر الانقلاب، فلا يوجد أمن، ولا رؤية".