كشف تقرير صادر عن وزارة العدل الأمريكية أن بعض أفراد سلطات إنفاذ القانون في
تولسا، بولاية
أوكلاهوما، كانوا متورطين في أعمال قتل وحرق ونهب أثناء مذبحة تولسا العرقية بولاية أوكلاهوما عام 1921، التي أسفرت عن مقتل مئات الأشخاص وتدمير حي غرينوود المزدهر.
وأشار التقرير الصادر الجمعة، إلى أن المذبحة بدأت بعد حادثة مزعومة تورط فيها شاب أسود يُقال إنه جذب امرأة بيضاء من ذراعها في مصعد بأحد المباني التجارية في وسط المدينة.
تم القبض على الشاب، وروجت صحيفة محلية للقصة، ما أثار غضبا واسعا في أوساط سكان تولسا البيض الذين تجمعوا أمام المحكمة مطالبين بإعدامه.
وأفادت وزارة العدل بأن مواجهة اندلعت أمام المحكمة بين الحشود البيضاء ورجال سود من حي غرينوود، أعقبها إطلاق نار تسبب في تصاعد العنف.
وذكر التقرير أن الشرطة المحلية جندت مئات السكان البيض للمشاركة في أعمال العنف، وقاد هؤلاء جهودا واسعة لتدمير الحي، ما أدى إلى إبادة مجتمع غرينوود بالكامل، الذي كان يُعرف بازدهاره الاقتصادي.
وكشف التقرير عن دور أفراد الشرطة والحرس الوطني في نزع أسلحة السكان السود واحتجازهم في معسكرات مؤقتة تحت حراسة مشددة. كما أنه تضمن شهادات شهود عيان، تفيد بأن بعض الضباط تورطوا في القتل والحرق العمد ونهب الممتلكات.
وأشار إلى شهادة أحد الشهود الذي اتهم ضابط شرطة بإطلاق النار على السود بمجرد رؤيتهم، وتقييد ستة رجال سود بالحبال وأجبرهم على الجري خلف دراجته النارية إلى مكان احتجازهم في قاعة المؤتمرات.
وذكر التقرير أيضا أن بعض الضباط استغلوا عمليات التفتيش لسرقة أموال السود، وكانوا يطلقون النار على من يعترض على ذلك. وتضمنت إحدى الشهادات وصفًا لضابط تفاخر بقتل أربعة رجال سود.
ووفقا للتقرير، فقد أسفرت المذبحة عن مقتل ما يصل إلى 300 شخص، معظمهم من السود، وتشريد الآلاف. وأضاف أن مسؤولي المدينة لم يفوا بوعودهم لإعادة بناء غرينوود بعد المذبحة، بل إنهم وضعوا عقبات أمام إعادة إعمار المساكن والمجتمع المحلي.
ورغم حجم الجريمة وتداعياتها، أكدت وزارة العدل أنه لا يوجد الآن أي سبيل قانوني لمقاضاة المسؤولين عن الجرائم التي وقعت، لافتة إلى انتهاء فترة التقادم القانونية وأن أصغر المتورطين المحتملين يزيد عمره الآن على الـ115 عاما.
وأفادت الوزارة بأن التقرير يأتي بعد عقود من نضال الناجين وأحفادهم، إضافة إلى جماعات حقوق مدنية، للحصول على تحقيق رسمي وعدالة تاريخية. وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، بدأت إدارة الحقوق المدنية في وزارة العدل بمراجعة المذبحة لتقييم ما حدث في ذلك الوقت.
وفي تعليقها على التقرير، قالت كريستين كلارك، مساعدة وزير العدل لشؤون الحقوق المدنية: "تبرز مذبحة تولسا العرقية كجريمة حقوق مدنية فريدة من نوعها في حجمها ووحشيتها وعدائها العنصري وإبادتها التامة لمجتمع أسود مزدهر".
وأضافت: "نصدر هذا التقرير تقديرا للناجين الشجعان الذين يواصلون مشاركة شهاداتهم، واعترافا بأولئك الذين فقدوا حياتهم، وتقديرًا للأفراد المتضررين والمدافعين الذين يدفعوننا إلى عدم نسيان هذا الفصل المأساوي من تاريخ أمريكا".