أعلنت حركة مقاطعة "إسرائيل" وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها "BDS" نجاح حملتها التي أطلقتها قبل 5 سنوات للعمل ضد ومقاطعة شركة الملابس والمستلزمات الرياضية الألمانية "
بوما - PUMA"، بعدما أعلنت الأخيرة إنهاء رعاية منتخب الاحتلال الإسرائيلي نهاية عام 2024.
ونجحت الحملة خلال السنوات الماضية في إقناع العديد من الأندية والكيانات الرياضية العربية والعالمية في إنهاء العلاقة مع شركة بوما أو التعهد بعدم تجديد عقود الرعاية تجنبا للخسائر وسداد الشروط الجزائية، إضافة إلى إلحاق خسائر بالشبكة من خلال عدم قدرتها على إبرام عقود جديدة.
وقالت الحركة: "لقد تعرضت بوما لحملة مقاطعة عالمية فعالة منذ عام 2018، عندما دعا 215 فريقًا رياضيًا فلسطينيًا الشركة الألمانية إلى إنهاء رعايتها لاتحاد كرة القدم الإسرائيلي، ولا يضم اتحاد كرة القدم الإسرائيلي فرقًا في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية على الأراضي الفلسطينية المسروقة في دورياته الرسمية فحسب، بل إنه دعا أيضًا بنشاط إلى الحفاظ عليها، جنبًا إلى جنب مع الحكومة الإسرائيلية".
وستنهي شركة بوما عقد رعايتها مع اتحاد كرة القدم الإسرائيلي في 31 كانون الأول/ ديسمبر 2024، وإن شركة "إيريا - Erreà" الإيطالية لصناعة الملابس الرياضية الأصغر حجما، ستكون الراعي الجديد.
لماذا "بوما"؟
بموجب عقدها، ترعى "بوما" اتحاد كرة القدم الإسرائيلي (IFA)، الذي يضم الفرق في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية على الأراضي الفلسطينية ويدافع بالنيابة عنها. وتعتبر المستوطنات الإسرائيلية جرائم حرب بموجب القانون الدولي.
وتم إدراج شركة دلتا جليل، المرخصة الحصرية لشركة بوما في "إسرائيل"، في قاعدة بيانات شركات المستوطنات التابعة للأمم المتحدة والتي تم الكشف عنها مؤخرًا بسبب فروعها في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية.
وأكدت
حركة المقاطعة أن دعم شركة بوما للاتحاد الإسرائيليّ لا يمكن إلا أن يعني تورطها في دعم فرق أندية المستعمرات غير القانونية، ذلك لأن الطبيعة المتداخلة والمترابطة لدوري كرة القدم الإسرائيليّ تعني أنّ حصول أحد مكوّناته على الدعم سيسهم في دعم مكوّنات أخرى، فالاتحاد على الأقل وفّر الأموال التي كان سيتم توجيهها للفريق الرسمي ووجهها في طريق آخر.
وأوضحت أن دعم "بوما" للاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم يعزز سياسة "الغسيل الرياضي" التي يمارسها الاحتلال لتحسين صورته الدولية.
من استجاب للحملة؟
أعلن نادي
قطر الرياضي في 2021 عدم وجود نية لتجديد تعاقده مع شركة الملابس الرياضية العالمية "بوما"، موضحا في رسالة مباشرة عبر موقع التواصل الاجتماعي "إنستغرام" أن منظمة شباب قطر ضد التطبيع وهي منظمة شبابية مستقلة محلية مؤيدة لفلسطين.
وجاء في الرسالة حنيها: "نود أن نبلغكم أن عقد نادي قطر الرياضي مع شركة بوما انتهى بنهاية الموسم الرياضي 2020-2021، ولا ينوي النادي تجديده للموسم المقبل".
وجاء هذا الرد بعد دعوات من "شباب قطر ضد التطبيع" لمقاطعة شركة "بوما"، وحث مشجعي كرة القدم على الضغط على أنديتهم، وكان نادي قطر الرياضي من بين سبعة أندية محلية جرى الاتصال بها لشرح مدى تواطؤ شركة "بوما" في انتهاكات "إسرائيل" لحقوق الإنسان.
وقبل ذلك في 2020، أنهت جامعة مارا للتكنولوجيا (UiTM)، وهي أكبر جامعة في ماليزيا، اتفاقية رعاية مع شركة بوما، مؤكدة أن العقد ومدته ثلاث سنوات لرعاية فريق كرة القدم بالجامعة، لم يتم تجديده بسبب ضلوع "بوما" في انتهاكات حقوق الإنسان.
وفي المملكة المتحدة، أعلن نادي "لوتون تاون" لكرة القدم تخليه عن رعاية شركة بوما كمورد له، بعد دعوة من حملة التضامن مع فلسطين في لوتون.
وقالت الحملة حينها: "نود أن نشكر نادي لوتون تاون لكرة القدم على استجاباتهم البناءة لدعواتنا لمقاطعة شركة بوما، وإخطارنا مباشرة بقرارهم بالتخلي عن الشركة كمورد لمعداتهم، نأمل أن تحذو الأندية الأخرى حذوهم وتختار الوقوف إلى جانب العدالة والحرية والمساواة".
وتعهد نادي فورست غرين روفرز البريطاني أيضا بعدم العمل مع شركة بوما طالما ظلت متورطة في انتهاكات "إسرائيل" لحقوق الفلسطينيين، وصرح رئيس النادي ديل فينس بأن فلسطين تمثل "أعظم مظلمة عالمية" شهدها في حياته.
يذكر أن للنادي العديد من المواقف الداعمة للقضية الفلسطينية ومنها رفع سارية ضخمة يعلوها علم فلسطين في ملعبه خلال إحدى مباريات الدوري الإنجليزي، وعرضت اللوحات الإلكترونية في الإستاد جملة "أنهوا غزو واحتلال فلسطين".
وفي نفس تلك الفترة، أعلن نادي تشيستر لكرة القدم أنه سيتخلى عن مورد أطقم الملابس الرياضية طويل الأمد وسط الحملة الدولية المتنامية لمقاطعة "بوما".
وكشف أنه اتخذ هذا القرار ردا على آلاف الرسائل الواردة له وتطالبه بذلك، رغم أن الشراكة مع شركة بوما استمرت لحوالي ثماني سنوات.
وقرر نادي "إيه إف سي وينبلدون" عدم تجديد عقد توريد الملابس الرياضية مع شركة بوما، بعدما أرسل أكثر من 2000 شخص بريدا إلكترونيا إلى النادي للمطالبة بهذه الخطوة.
واتفق لاعبو فريق "دالريادا" الإيرلندي للهواة على تجنب ارتداء ملابس "بوما" للتدريب كجزء من إظهار الدعم للفلسطينيين، وانضم الفريق إلى منافسه "تير كونايل هاربس" ومقره غلاسكو لالتقاط صورة بعد المباراة النهائية للبطولة المتوسطة، رافعين لافتة "أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة".
وفي حزيران/ يوليو 2023، أكدت حركة المقاطعة أن النشطاء نشروا وسميْ #قاطعوا_بوما و #BoycottPUMA في مختلف أنحاء العالم حتى وصل مدى انتشار الوسمين إلى أكثر من 14 مليون شخص، وذلك ضمن فعالية يوم للعمل العالمي ضد الشركة.
في غضون بضعة أشهر فقط بين بداية حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية وكانون الأول/ ديسمبر 2023، أفادت وسائل الإعلام الإخبارية بأن المُشجّعين يحثّون كلاً من الفرقة الغنائية (NCT 127) والفنّانة "ريهانا" على إنهاء التعاون مع "بوما"، وقامت أكبر سلسلة ملابس رياضية في إيرلندا (O'Neill's)، بإزالة منتجات "بوما" من متاجرها، وانضمّت الفرق الإيرلندية إلى الحملة داعيةً أعضاءها ومشجّعيها إلى مقاطعة "بوما".
من تجاهل الحملة؟
واصل المنتخب
المصري لكرة القدم تعاقده مع شركة بوما، وأعلن في تموز/ يوليو 2023 عن تمديد الشراكة التي بدأت عام 2019، لتبقى بوما "شريكا رئيسيا لاتحاد كرة القدم المصري، والمورد الفني العالمي، والشريك الرسمي المرخص".
ورغم مواقف المنتخب
المغربي البارزة في التضامن مع القضية الفلسطينية خلال كأس العالم الذي أقيم في قطر عام 2022، إلا أنه ظهر أيضا حتى الدور نصف النهائي برعاية شركة بوما.
وكانت الحملة ضد شركة بوما ما زالت جارية خلال عام 2023، عندما أعلن نادي الهلال السعودي التعاقد مع العلامة التجارية الألمانية لمدة خمس سنوات.
وبينما كان نادي قطر الرياضي من أوائل من استجاب لحملة مقاطعة "بوما"، فقد تجاهلت أندية السد والأهلي والريان والوكرة والدحيل القطرية هذه الدعوات، ولم تصدر أي بيانات مشابهة لما أصدره نادي قطر.
ورغم ذلك فقد توجه نادي السد للتعاقد مع شركة "نيو بالنس" بدءا من موسم 2023، بينما اتجه نادي الأهلي إلى شركة "جاكو" والوكرة إلى شركة "أديداس"، ونادي الريان إلى "نايك"، وبقي الدحيل مع شركة بوما.
وتجاهل نادي الجزيرة الإماراتي دعوات المقاطعة وواصل العقد مع شركة بوما دون أي تصريح بعدم التجديد، ومن ثم اتجه إلى عقد رعاية مع شركة "زات أوتفيت".
محاولات أخيرة
في خطوة غير عاديّة، سرّبت شركة بوما في كانون الأول/ ديسمبر 2023 أخبارا إلى صحيفة "فاينانشال تايمز" تفيد بأنها لن تجدد عقدها مع الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، والذي من المُقرر أن ينتهي في نهاية كانون الأول/ ديسمبر من العام الحالي.
وقالت حركة المقاطعة إنه "بالعادة لا يعلن المُورّدون الرياضيون عن عدم تجديد عقودهم قبل عامٍ من انتهائها، إلّا أن شركة بوما لم تعُد قادرةً على تحمّل المزيد من الضغط، ما يوضح تنامي تأثير حملة المقاطعة العالمية عليها".
وعقب كشف "فايننشال تايمز"، فإنه خرج المتحدث باسم الشركة لبعلن أنها ستنهي رعايتها للمنتخب الإسرائيلي لكرة القدم العام المقبل في قرار اتخذته قبل عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأضاف المتحدث في بيان عبر البريد الإلكتروني: "بينما وقع منتخبان وطنيان حديثا فإنه سيتم الإعلان في وقت لاحق من هذا العام، أنه ستنتهي في 2024 عقود عدد من الاتحادات الوطنية مثل إسرائيل وصربيا"، قائلا إن الشركة "اتخذت هذا القرار في 2022 كجزء من ستراتيجيتها الجديدة التي تتماشى مع الجداول الزمنية لتصميم وتطوير قمصان الفريق".
وأشار إلى أن إنهاء التعاقد مع الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم "ليس له علاقة بدعوات المقاطعة بسبب الحرب في غزة".