ملفات وتقارير

معارك ضارية بين جيش تشاد و"بوكوحرام".. هل تفاقم الوضع في منطقة الساحل؟

"بوكوحرام" هي إحدى أخطر التنظيمات المسلحة في غرب أفريقيا- فيسبوك/ ATPE TCHAD
تتواصل منذ أيام معارك ضارية بين الجيش التشادي ومقاتلي جماعة بوكوحرام، في منطقة بحيرة تشاد.

وأسفرت هذه المواجهات حتى الآن عن مقتل 96 عنصرا من جماعة بوكوحرام، فيما أكد الجيش التشادي مقتل 15 من جنوده وإصابة آخرين في المعارك الضارية مع "بوكوحرام".

وقال المتحدث باسم الجيش التشادي، إسحاق الشيخ شنان، في تصريحات صحفية، إن الجيش تمكن من القضاء على 96 من مقاتلي بوكوحرام، وأصاب آخرين، فيما تمكن من استعادة 107 قطع سلاح فردي وثلاثة أسلحة جماعية وتدمير ستة زوارق.



وأوضح أنه في المقابل فقد الجيش التشادي 15 من أفراده، وأصيب 32 آخرون في المواجهات.

وأضاف أن "الوضع تحت السيطرة وأن إجراءات تعقب العناصر المتبقية مستمرة".

واستخدم الجيش التشادي المسيرات لقصف مواقع قال إنها تتبع "بوكوحرام" في منطقة بحيرة تشاد.

وكان الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي إتنو أطلق عملية لطرد مسلحي جماعة بوكوحرام من منطقة بحيرة تشاد، وذلك بعد عملية نفذتها الجماعة قبل أسابيع وأسفرت عن مقتل عشرات الجنود التشاديين.



هجمات مستمرة
وكانت أعنف الاشتباكات تلك وقعت يوم السبت الماضي، في جزيرة كاريا في شمال غرب كايغاكيندجيريا في إقليم بحيرة تشاد، وتمكن خلالها الجيش التشادي من قتل 96 من عناصر بوكوحرام، فيما قتل 15 جنديا تشاديا وأصيب العشرات في المعركة.

لكن تشاد تعرضت على مدى الأشهر الأخيرة لهجمات من "بوكوحرام"، حيث شن مقاتلو الجماعة أواخر أكتوبر الماضي هجوما على قاعدة عسكرية في منطقة بحيرة تشاد أسفر عن سقوط نحو 40 قتيلا، وفق السلطات المحلية.

ما هي جماعة بوكوحرام؟
تعتبر إحدى أخطر التنظيمات المسلحة في غرب أفريقيا، تأسست عام 2009، في نيجيريا، وشنت أول هجوم لها على مقرات للشرطة النيجيرية في 26 يوليو 2009.

لكن هذه الحركة لم تكن معروفة قبل العام 2014 حين اختطفت 276 طالبة من إحدى المدارس في ولاية برنو كن، بنيجيريا، ثم تتالت بعد ذلك هجمات الجماعة في شمال نيجيريا.

وعام 2015 أعلنت "بوكوحرام" البيعة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وتغيير اسمها ليصبح "ولاية غرب أفريقيا".

وخلال السنوات الأخيرة توسع نشاط هذا التنظيم ليشمل العديد من بلدان الساحل وغرب أفريقيا، حيث باتت الجماعة تشن هجمات بشكل منتظم على الثكنات العسكرية في العديد من البلدان الأفريقية.

تفاقم الوضع الأمني
ويرى عدد من المتابعين أن القتال الحالي بين "بوكوحرام" والجيش التشادي سيفاقم الأوضاع الأمنية بمنطقة الساحل الأفريقي التي تنشط فيها العديد من التنظيمات التي توصف بالمتطرفة.

ويقول الصحفي المتابع لشؤون الساحل وغرب أفريقيا، أحمد ولد محمد فال، إن منطقة الساحل تعاني اضطرابات أمنية خطيرة في العديد من دولها، خصوصا مالي وبوركينافساو وتشاد والنيجر.

ولفت في تصريح لـ"عربي21"، إلى أن تصعيد المواجهة بين "بوكوحرام" والجيش التشادي، سيزيد من التوتر الأمني الحاصل، ويفاقم الوضع "ما سيتسبب في المزيد من النزوح والتوتر في المنطقة".

وتوقع أن تزداد حدة الواجهات بين "بوكوحرام" والجيش التشادي خلال الأسابيع الماضية.

ونبه إلى أن آلاف النازحين باتوا يتدفقون بشكل مستمر نحو موريتانيا جراء التوتر الأمني بمنطقة الساحل الأفريقي، حيث يوجد في البلاد نحو 400 ألف نازح من بلدان الساحل بفعل الصراعات والتوترات الأمنية.

تأثيرات تفكك مجموعة الساحل
ورأى ولد محمد فال، أن التنظيمات المسلحة في المنطقة استعادت قوتها، بعد تفكك مجموعة الساحل الخميس (موريتانيا، مالي، تشاد، النيجر، بوركينا فاسو).

وأشار إلى أن هذه المجموعة ساهمت بشكل كبير طيلة عدة سنوات في تنسيق جهود التصدي للتنظيمات المسلحة والحد من انتشار السلاح.

وتفككت مجموعة الساحل العام الماضي إثر انسحاب ثلاث من دولها الخمسة، هي: بوركينافاسو والنيجر ومالي.

ومجموعة دول الساحل الأفريقي، تجمع إقليمي للتنسيق والتعاون، تأسس عام 2014 بنواكشوط، وكان يضم: موريتانيا، وتشاد، وبوركينا فاسو، والنيجر ومالي.

وبررت الدول الثلاثة انسحابها بأن "المجموعة لم تحقق أهدافها بعد مرور حوالي 9 سنوات على تأسيسها".

ولاحقا أعلنت الدول الثلاث عن تحالف جديد، لمواجهة التهديدات الأمنية، فيما بدت روسيا وكأنها عرابة التحالف الجديد بدلا من باريس، التي توترت علاقات الدول الثلاث معها لدرجة طرد القوات الفرنسية منها.

ووقع قادة مالي وبوركينا فاسو والنيجر، العام الماضي، على اتفاقية تأسيس هذا التحالف الذي يهدف إلى إنشاء "هيكلية للدفاع المشترك، والمساعدة (الاقتصادية) المتبادلة".

وباتت الدول الثلاث تدرك حاجتها إلى تنسيق جهودها لملء الفراغ الذي تركه الانسحاب الفرنسي وقوات تاكوبا الأوروبية وأخيرا البعثة الأممية في مالي، بالإضافة إلى تجميد عمليات مكافحة الإرهاب الفرنسية والغربية في بوركينا فاسو والنيجر.

والأسبوع الماضي قال وزير الداخلية الموريتاني محمد أحمد ولد محمد الأمين، إن منطقة الساحل الأفريقي باتت "تشكل إحدى أخطر ِبُؤرِ الأزمات التي تختزل معظم مظاهر التهديدات العالمية".

ولفت في تصريحات صحفية إلى أن بلدان الساحل "تعاني أزمة حكامة وهشاشةٍ ونزاعاتٍ مسلحة، وتمدد الإرهاب والجريمة المنظمة، وما ينجُم عنه من تدفّق للمهاجرين واللاجئين وتدميرٍ للبُنى الاقتصادية".